الطواغيت وشماعة الإرهاب
بقلم محمد سعدو
خلال الربيع العربي والعرس الشعبي الحر ونتائجه المثمرة على الأرض العربية أظهرت لنا قضية شماعة الإرهاب ومدى علاقتها الوثيقة مع الطغمة الفاسدة الحاكمة للبلاد العربية وطواغيت العصر وهذه الأنظمة المستبدة، حيث أنه ظهر وبشكل كبير للعيان كيف استعملت هذه الشماعة في سوريا عندما تم إلصاقها بالشعب السوري كاملة بتهمة التظاهر والخروج السلمي يومها بزعم أن هناك اندساس ومندسون وإرهاب وما إلى ذلك.
وكيف أخذ الإعلام السوري الأسدي يشرح وبشكل مخابراتي مقيت وساذج حول مخططات الإرهاب الدولي التي تحاك للنيل من وحدة أراضي القطر العربي السوري وكما رأينا جميعا في وسائله الإعلامية المحلية… بمدى الأكاذيب التي لفقت للناس في سوريا بشماعة الإرهاب وهم ليس لهم علاقة لا بالإرهاب ولا بالكباب. وذلك سعيا منهم إلى تضليل الوضع وتحجيم ما يحصل في الشارع السوري وإيصال فكرة للمجتمع الدولي والعالم بشأن المؤامرة الخارجية الكونية المحاكة على نظام الممانعة الحصين والمحمي المتمثل بالقائد المفدى.
كل هذا كان بشكل ممنهج… ودقيق بالعمل على صناعة هذه الشماعة وإقحامها في المشهد الثوري السلمي… التي كانوا يعلمون جيدا أنها أثمرت وأصبحت الأنجح والسلاح الفتاك لكبح ما يصعب عليهم وتغطية ما سوف يفعلون… في زمن، لا الإرهاب في الدنيا إلا هُم… ولا مؤامرة على العرب إلا حكمهم وظلمهم وبطشهم.
وأما عن مشهد مصر أيضا فكانت بتقديري الصورة أوضح قليلا ومشابهة إلى حد كبير لسيناريو سوريا في فترة 25 كانون الثاني/ يناير وما حصل بها والزحف الجماهيري بخلع نظام كان جاثما على مصر ما يزيد عن 30 عاما ونيف. وكيف أيضا استعملت هذه الشماعة بشكل أكثر رواجا باتهام الناس بتخريب الأمن وإثارة البلبلة وما تلاها أيضا بالمشهد الأكثر نذالة مما جاء من سرقة للثورة على أيادي فلول ما تبقى من أتباع مبارك وبعض قادة العسكر الفاسدين حيث شكلت لنا اللوحة السيساوية الوسخة والأكثر ردائة من نظام مبارك والأخطر برأي الشارع العربي.
كانت بها تمثيلية المؤامرة وشماعة بعبع خراب الوطن والإرهاب تبدأ بالعمل وتنتشر بطريقة خبيثة ومنهجية… بدعوى “يلي يقرب على مصر أشيلو من فوق وش الأرض” حسب مقوله السيسي الشهرية… حيث اشتغل عليها بالشكل الممنهج من خلال تفجير الكنائس ودور العبادة وإيهام الأقباط وتخويفهم من “إمكانية انفلات الوضع وانقضاض المسلمين عليكم والتنكيل بكم.. إذا ما تم الخروج علينا وعلى سيادة الوطن المتمثلة بهم كما يعتقدون.”
وهنا أصبح اعتقال الشباب المصري شيئًا أسهل من السهولة بتهم الانتماء للإخوان والسلفية وتهم عديدة منها أيضا مشاركتهم في ثورة يناير وأحداث رابعة. واتهام الناس البسطاء بأن “من يفكر الخروج والتعبير عن احتقانه وغضبه في وجهنا عليه أن يعلم أنه وضع نفسه مع الإرهابيين وقطاع الطرق الذين يسعون لزعزعة الأمن والاستقرار في الوطن وشق الصفوف بين المسلمين والأقباط وتخريب الترابط الديني واللحمة الوطنية حسب زعمهم بجمل مهترئة قد قرف منها الشعب تماما.”
وكما نرى أخيرا كيف يتم وبشكل ممنهج وسري تنفيذ عمليتهم الدنيئة في حق ثوار مصر وشبابها وزجهم بين الأقفاص وإعدامهم والتنكيل بهم في الغرف السرية المظلمة وغياهب المعتقلات والتعذيب الوحشي القاسي الممارس بحقهم… بدعوى الإرهاب والتخطيط لضرب أمن وأمان البلد بكلام أقل ما يقال عنه… أخذ الثأر منهم وتصفيتهم لخروجهم على مبارك بثورة يناير التي أصابتهم بالشلل والذهول في وقتها وإلى الآن.
ولكن مع الأسف عرف نظام السيسي التعامل مع المسألة بحنكة ودهاء وكيف يجر الوضع لمصلحته وصفه.. وإيهام المصريين الغلابة أنه، بشكل أو بآخر، ينظف الساحة من خيوط الإرهاب.. بنشر مرتزقته وجنوده لتنفيذ عمليات نوعية وتفجيرات تجعل الشارع المصري رغم الجوع وحالة الفقر المدقع الذي يعيشه يوميا… تجعله مع الأسف غاضبًا في نهاية الأمر وغير راضيًا عن الفلتان مما يجعل المسألة والأمر بطريقة أو بأخرى تبريرًا وضوءًا أخضر لارتكاب أفظع المجازر داخل القضبان الحديدية وفي أقبية المخابرات وإصدار الأحكام التعسفية غير العادلة… بدون أي رادع وبتغطية تامة من المواطن المصري المغلوب على أمره الصامت على هذه الكوارث الحاصلة الآن.
يبدو أن الحال في مصر قد أصبح مشابهًا للسيناربو السوري بشكل من الأشكال أو يريدون جر مصر بمصير مشابه للحال السوري… ليكون الشعب المصري في حالة صدام وحرب مدمرة بين طرفين هما الجيش والشعب.
وبالنهاية لن يستمر المصريون بصمتهم بهذا الشكل في مشهد الإعدمات المتتالية لزهرة شباب مصر وعقولها. هذا الشباب الذي خرج في يناير وفي رابعة ليس أبدا مصيره يكون بهذا الشكل. الشباب الذي هتف يوما ارحل ارحل يا مبارك.. عيش حرية عدالة لا يمكن أن يصبح بهذه الصورة.
الإرهاب بالفعل هو الفيروس الحقيقي الذي تم اكتشافه من قبل هذه الأنظمة وتم فعلا استخدامه ليكون العدو والحائط المنيع الذي يقف أمام أي حراك أو ثورة أو غضب قد يشكل عليهم كابوسًا كبيرًا.
إن شماعة الإرهاب إذا عدنا قليلا بالسنوات… قد تم إلصاقها على العرب والمسلمين… من قبل الولايات المتحدة الأمريكية في أيام حادثة أبراج نيويورك.. وتبنيها بعد ذلك من قبل السلطات العربية لاستخدمه ليكون سلاح فعال ضد الشعوب المنتفضة بدعوى حماية الوطن من الخراب.
حيث لا يوجد إرهاب بالكون وفي الدنيا إلا هم ولا مؤامرة ولا مخطط كوني إلا أمثالهم..
حيث لا خراب فعليًا إلا منهم ولا موت ولا دمار إلا على أيديهم ولا اغتصاب للأراضي ولا احتلال مقيتًا للعرب إلا منهم.. ومنأانظمتهم الحاكمة للأسف ..
والإرهاب الأساسي والفعلي بتقديري هو الطاغوت الذي حكم البلاد واغتصب الصوت الحر والأرض وأكل قوت الشعب… وبالنهاية اقبلوا بالأمر الواقع وعليكم أن تصفقوا فهو حامي العرين والمخلص.. هذا القانون الساري مع الأسف.. وغير ذلك فشبح الإرهاب بانتظاركم..
(المصدر: ترك برس)