الصين تقوم بإبادة جماعية مثل ألمانيا النازية
بقلم ماركو ريسبينتي / ترجمة: رضوى عادل
الصين تنتهك إتفاقية الإبادة الجماعية لعام 1948. تستعرض صحيفة بيتر وينتر تقرير معهد نيولاينز ونتائجه.
منذ بداية منشوراتها، في أوائل مايو 2018، كانت صحيفة بيتر وينتر حريصة ومصممة جداً على توثيق ما هو بلا شك الإبادة الجماعية التي يرتكبها النظام الشيوعي الصيني ضد الأويغور وغيرهم من الأتراك، ومعظمهم من المسلمين، في شينجيانغ، التي يطلق عليها سكانها من غير الهان إسم تركستان الشرقية.
ويجب أن نكون حذرين جداً لأن “الإبادة الجماعية” ليست كلمة يمكن إستخدامها باستخفاف، فليس ممكناً أن نستخف بالمفهوم. ويجب أن يكون محدداً جداً.
ينبغي أن نتذكر نشأة هذا المصطلح، الذي يبرز في منشورات صحيفة بيتر وينتر. “الإبادة الجماعية” هو مصطلح يغطي مفهوماً نشأ من الأيام المروعة للمحرقة اليهودية. صاغ المحامي والخبير القانوني البولندي رافائيل ليمكين (1900-1959) هذا المصطلح لوصف الجرائم التي ارتكبها النازيون في الثلاثينات والأربعينات من القرن الماضي. اخترع ليمكين كلمة جديدة للإشارة إلى نوع جديد من الجريمة: حملة مخططة ومتعمدة للقضاء على جزء كامل من البشرية، وتم تخصيصها لأسباب عرقية أو دينية أو ثقافية. وكانت هذه هي المرة الثانية في التاريخ التي اُخترع فيها مصطلح مماثل. حيث اخترع فرانسوا نويل “جراتشوس” بابوف (1760-1797) قبل مائتي عام، وهو مؤلف شيوعي مبتدئ، مذهولاً بسبب ما اعتبره مذبحة البرجوازية المنهجية للفلاحين، اخترع كلمة جديدة كانت بمثابة وصف مشترك لما كانت تفعله الثورة الفرنسية (1789-1799) لسكان الروم الكاثوليك في شمال غرب فرنسا، وخاصة في فيندي. كانت مصطلح بابوف الفرنسي الجديد هو “قتل الشعب”، “ذبح شعب بأكمله”. أدى الفشل في تذكر إختراع المصطلح الجديد الأول إلى الحاجة إلى إختراع مصطلح ثاني، واليهود في الوقت الحاضر يقولون “أبدا لن تتكرر مرة أخرى” لدعم الأويغور والتي تنشرها صحيفة بيتر وينتر بإستمرار وتقوم بتذكير الناس بدرسٍ لا ينسى.
ثلاثة أسئلة أساسية
هذه الفرضية تتيح لي أن أعرض الرهبة لكاتب صحيفة بيتر وينتر (الذي يتابع ويغطي هذه الجرائم الشنيعة كل يوم، وينبغي أن يكون معتاداً عليها) الذي يواجه مقدار يومي من الدلائل الجديدة على الإبادة الجماعية التي يرتكبها الحزب الشيوعي الصيني في تركستان الشرقية، ضد الإنكار المتكرر والسخيف من قبل مسؤولي الحزب الشيوعي الصيني.
إن معهد نيولاينز للإستراتيجيات والسياسات، المعروف سابقاً بإسم مركز السياسة العالمية، هو مؤسسة فكرية من الحزبين في واشنطن، يقول عن نفسه: “في الماضي القريب، شهدنا مآثر غير عادية من الشجاعة البشرية، وتبدد الآمال الثورية، والإبادة الجماعية، والحرب، وأكبر أزمة للاجئين منذ الحرب العالمية الثانية. ونعتقد أن الحكمة التقليدية والمشورة السياسية، القائمة على التجريد والأيديولوجيا والفهم السطحي للمناطق الأخرى، لم تخدم صانعي السياسات لدينا بشكل جيد.
يحمل التقرير الجديد لمعهد نيولاينز للإستراتيجيات والسياسات NISP، المتاح مجاناً على الإنترنت، عنوان “الإبادة الجماعية للأويغور: دراسة لانتهاكات الصين لاتفاقية الإبادة الجماعية لعام 1948”. وقد تم البحث فيها وكتابتها بالتعاون مع مركز راؤول والنبرغ لحقوق الإنسان، ومقره مونتريال، كندا، وسمّي على إسم راؤول والنبرغ (1912-1945)، البطل السويدي الذي أنقذ آلاف اليهود في المجر التي احتلتها ألمانيا خلال الحرب العالمية الثانية، إلا أنه تم القبض عليه في أوائل عام 1945 من قبل الجيش الأحمر في بودابست كجاسوس. لقد اختفى في خنادق الجولاج السوفيتي. عنوانه البسيط يذهب مباشرة إلى الأساسيات، موجهاً السؤال الجوهري لهذه القصة بأكملها. هل ينتهك النظام الصيني القاعدة الذهبية التي اختارت حكومات العالم إحترامها بعد أهوال الحرب العالمية الثانية لتجنب تكرار التاريخ؟ وإذا كان الأمر كذلك، هل يمكن ترجيح تصرفات النظام الصيني بشكل مختلف عن أفعال ألمانيا النازية؟ وإذا كان من الممكن مقارنته بالرايخ الثالث، هل يمكن للنظام الصيني أن يكون شريكاً للمجتمعات الديمقراطية؟
هذه بالطبع أسئلة هذه المراجع، وليست أسئلة معهد NISP. لكن النتائج الواردة في التقرير – “أول تطبيق خبير مستقل لإتفاقية الإبادة الجماعية لعام 1948 على المعاملة الحالية للأويغور في الصين” – تساعد هذه المراجع على صياغة إجابة على تلك الأسئلة الجوهرية في الوقت الحاضر. وفي الواقع، ينص معهد NISP بشكل مباشر على أن “جمهورية الصين الشعبية تتحمل مسؤولية إرتكاب الإبادة الجماعية ضد الأويغور في إنتهاك لإتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها (إتفاقية الإبادة الجماعية) لعام 1948 إستناداً إلى استعراض مستفيض للأدلة المتاحة وتطبيق القانون الدولي على الأدلة على أرض الواقع”.
“حرب الشعب على الإرهاب” للحزب الشيوعي الصيني
يشهد خبراء NISP المستقلون على الإبادة الجماعية في منطقة تركستان الشرقية على أنها محاولة للقضاء على ثقافة الأويغور والتدمير المادي لسكانها المسلمين من غير الهان، مشيرين إلى أن المادة الثانية من إتفاقية الإبادة الجماعية تعرف “الإبادة الجماعية” على أنها “نية التدمير، كلياً أو جزئياً، لمجموعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية، بصفتها هذه”، بشكل ملحوظ ، تضيف أن “نية التدمير” لا تتطلب تصريحات صريحة ويمكن أن يُستنتج من الحقائق الموضوعية المنسوبة إلى الدولة، بما في ذلك البيانات الرسمية، والخطة العامة، وسياسة الدولة والقانون، ونمط السلوك، والأفعال التدميرية المتكررة، والتي لها تسلسل منطقي ونتيجة – تدمير المجموعة على هذا النحو، كلياً أو جزئياً”. يعرف الأشخاص ذوو النوايا الحسنة، بما في ذلك قراء صحيفة بيتر وينتر، أن هذا هو ما رواه المؤرخون والعلماء المستقلون عن الحياة اليومية في تركستان الشرقية في ظل الحزب الشيوعي الصيني منذ أن أطلق الرئيس شي جين بينغ “الحرب الشعبية على الإرهاب” التي قام بها النظام الصيني من أجل “القضاء على” الأويغور وكأنهم “أورام”.
يأتي هذا عن طريق وثائق تقرير NSIP، من خلال وسائل مختلفة. الإعتقال الجماعي في المعسكرات التعليمية بإسم “إزالة التطرف” كاذب بقدر ما يمكن أن يكون عندما يستهدف المدنيين المسالمين والطلاب والمثقفين والنساء والأطفال. إستراتيجية منع الإنجاب الجماعية، لضمان أن النساء الأويغور “لم يعدن آلات لإنجاب الأطفال”، وهو إجراء عنصري صارخ. النقل القسري لأطفال الأويغور إلى مرافق تديرها الدولة لفصلهم عن والديهم وقطع جذور أجيال الأويغور المستقبلية حتى الزوال الكامل لتلك الثقافة. القضاء على هوية الأويغور من خلال حظر أسلوب الحياة ونقل الثقافة وإستخدام اللغة وممارسة العقيدة الدينية. وإستهداف المثقفين وقادة المجتمع بشكل إنتقائي.
نحو ثلاث إجابات
ويستنتج NISP إلى أن “الصين دولة شديدة المركزية تسيطر سيطرة كاملة على أراضيها وسكانها، بما في ذلك تركستان الشرقية، وهي دولة طرف في إتفاقية الإبادة الجماعية. إن الأشخاص والكيانات الذين يرتكبون أعمال الإبادة الجماعية المذكورة أعلاه هم جميعاً عملاء أو أجهزة تابعة للدولة – تعمل تحت السيطرة الفعلية للدولة – تظهر نية لتدمير الأويغور كمجموعة “.
نعم، إنها إبادة جماعية بموجب جميع القواعد الممكنة للقانون والفهم البشري. هل يستطيع النظام الصيني الاستمرار في خرق القاعدة الذهبية التي اختارت حكومات العالم إحترامها بعد أهوال الحرب العالمية الثانية لتجنب تكرار التاريخ؟ هل يمكن ترجيح النظام الصيني بشكل مختلف عن ألمانيا النازية؟ هل يمكن للنظام الصيني أن يكون شريكًا للمجتمعات الديمقراطية؟
(المصدر: تركستان تايمز)