الصين تزيل قباب المساجد التاريخية لجعلها “أكثر صينية”
أزالت السلطات الصينية في مدينة “شينينغ” عاصمة مدينة مقاطعة “تشنغهاي” في شمال غرب الصين، قباب أحد المساجد التاريخية، فيما يجري التجهيز لإزالة آلاف القباب من مساجد أخرى، في حملة تقودها السلطات لجعل مظاهر المساجد “أكثر صينية” حسب زعمها.
سلطات “شينينغ” أزالت قباب مسجد “تونغوان” التاريخي الذي يعود إلى سبعة قرون
وكشف تقرير أعده موقع الإذاعة الأمريكية العامة “أن بي آر” أن سلطات مدينة “شينينغ” عاصمة مدينة مقاطعة “تشنغهاي” في شمال غربي الصين، أزالت قباب مسجد “تونغوان” التاريخي الذي يعود إلى سبعة قرون.
وقال موقع الإذاعة الأمريكية: إن السلطات الصينية تعتبر هذه القباب انعكاساً للتأثير الديني الأجنبي، وأن السلطات ترغب في إضفاء الطابع الصيني على هذه المساجد والجماعات العرقية الإسلامية التاريخية.
وفي مدينة “شينينغ” أيضاً على بعد أقل من كيلومترين من مسجد “تونغوان” يجري تجهيز مسجد “نانشان” الرخامي في “شينينغ” لإزالة القبة البيضاء التي يتميز بها.
ونقلت الإذاعة عن مزارع مسلم يبيع الرمان خارج المسجد: “تقول الحكومة إنها تريد منا أن “نصين” مساجدنا، لذا فهي تبدو أشبه بميدان تيانانمين في بكين”، وأن السكان تلقوا أوامر بعدم التحدث عن عمليات إزالة القبة.
وأضاف: خائفون من أن نصبح شينجيانغ التالي، في إشارة لحملات القمع ضد مسلمي إقليم تركستان الشرقية “شينجيانج”.
وتم بناء مسجد “تونغوان” على طراز القصر الإمبراطوري الصيني، مع أسقف من القرميد وبدون قباب، ومزين بالرموز البوذية، وقد دمر المسجد تقريبًا بسبب الإهمال أثناء الاضطرابات السياسية في أوائل القرن العشرين، وفي التسعينيات، استبدلت السلطات بلاط السيراميك الأصلي على السطح والمآذن بقباب خضراء.
وأزالت السلطات قباب معظم المساجد في جميع أنحاء شمال غرب الصين كجزء من حملة وطنية بدأت بشكل جدي في عام 2018م.
إغلاق واعتقال
ووفقاً للتقرير، هذا التوجه الجديد للحزب الشيوعي الصيني سمح للسلطات بمصادرة أصول المساجد وسجن الأئمة وإغلاق المؤسسات الدينية وفرض قيود على استخدام اللغات غير الصينية مثل “التبتية” أو “الأويغورية”. وأن الصين تستهدف العلماء والكتاب المسلمين بقيود قاسية على نحو متزايد.
إمام مسجد “تونغوان” احتُجز لفترة وأُجبر على التوقيع لصالح هدم القباب الإسلامية
ويقول سكان “شينينغ”: إن إمام مسجد “تونغوان” ومديره احتُجزا لفترة وجيزة وأُجبروا على التوقيع لصالح هدم القباب الإسلامية، وأنه يتم أيضًا تجهيز مسجد “نانجان” الرخامي في “شينينغ” لإزالة القبة.
وأشار التقرير إلى اشتداد الحملة في إقليم “شينجيانج” شمال غربي البلاد حيث تحتجز السلطات مئات الآلاف من أقلية “الأويغور” في معسكرات، كما دمرت الدولة آلاف المساجد والمواقع الدينية.
ويقول التقرير: إنه تاريخياً منحت المجموعات العرقية استقلالاً ثقافياً محدوداً داخل أراضيها، لكن الحزب الشيوعي في ظل حكم الرئيس شي جين بينغ تحول إلى نهج “الاندماج والاستيعاب”.
تأتي الحملة وسط تصاعد ظاهرة “الإسلاموفوبيا” في الصين والقيود الدينية المتزايدة، مما أثار نقاشًا في جميع أنحاء البلاد بين العلماء ومنظمي السياسة العرقية والمجتمعات الصينية المسلمة تاريخياً حول ما يجب اعتباره بالضبط “صينيًا” كبداية.
وتم تصميم سياسة الصين العرقية بشكل مباشر على غرار النهج السوفيتي، وتصنيف المواطنين إلى 55 مجموعة أقليات عرقية متميزة، كل منها، من الناحية النظرية، مُنحت استقلالًا ثقافيًا محدودًا داخل أراضيها.
لكن الخبراء يقولون: إن الحزب الشيوعي في ظل حكم شي جين بينغ قد تحول إلى نهج جديد، نهج يفضل الاندماج والاستيعاب -وهي عملية يطلق عليها اسم “التعميم” في الخطب والوثائق الرسمية.
ويبلغ عدد مسلمي الصين حوالي 10.5 مليون، أي أقل من 1% من سكان الصين، وتزعم السلطات أنها تهدف ليصبح المسلمين صينيين ثقافيًا ولغويًا، حتى أنهم جعلوا نسختهم من الإسلام تشبه “الكونفوشيوسية” و”الطاوية”، في محاولة لإظهارها على أنها صينية بطبيعتها وليست ذات تأثير أجنبي، من خلال تبني المفاهيم والمصطلحات الروحية الموجودة في الفلسفة الصينية القديمة لشرح التعاليم الإسلامية.
وتمتلئ شوارع مدينة “شينينغ” بمقاطعة “تشينغهاي” الصينية برائحة تذكير بالتركيبة الصينية التاريخية المتعددة الأعراق والديانات المشتركة، حيث يرتدي الكثير من الناس القبعة البيضاء أو الوشاح الذي يفضله المسلمون، وما يقرب من سدس سكان المقاطعة ينتمون إلى مجموعات عرقية تصنفها الصين على أنها مسلمة.
المصدر: مجلة المجتمع