الصهيونية اليهودية في مستشفى الإنعاش العربية
بقلم الشيخ د. سلمان السعودي (خاص بالمنتدى)
بعد أن فضح طوفان الأقصى كل المؤامرات المحاكة لتهجير الفلسطينيين باستخدام كل وسائل الإرهاب الصهيوأمريكي العالمي وعلى مدار أكثر من سبعين عامًا، عُمِد لعملية الإبادة الجماعية لقطاع غزة لإجبار أهل القطاع للهجرة الطوعية المبطنة، وذلك بعد حصار القطاع لأكثر من 16 عام، ولم يُبقِ الاحتلال وسيلة إرهاب إلا واستخدمها تحت مبررات غير مقنِعة، ورسمَ أهدافًا فاشلة، فقد استخدم الاحتلال جميع أنواع الأسلحة، والصناعات الحربية الأمريكية الحديثة، واستعان بدول عظمى، منها ثلاث دول دائمة العضوية في مجلس الأمن وهي: أمريكا، وبريطانيا وفرنسا، وكل هذه الجيوش جرّت أذيال الخيبة والهزيمة أمام رجال المقاومة، أبادوا الحجر والشجر، وقتلوا الأبرياء والمدنيين العُزَّل جماعات، انتقامًا لعدم قدرتهم عن تحقيق أدنى أهدافهم، حتى أصيب جيشهم بالشلل، والعمى، والبتر، والهستيريا التي جعلته يقتلُ بعضُه بعضًا، ويتكرّر وقوعهم في نفس الأخطاء والكمائن، والمقاومة تتصيدهم كصيد الأرانب، وأدى إلى قيام خلاف حاد بين أعضاء مجلسهم العسكري في “الكابينيت” وأخذت الغطرسة الصهيونية بالاضمحلال. وتراجعَ الأمريكي عن كثير من تعنته الذي كان في أول هذه الحرب، وخاصةً بعد أن استيقظ العالم كله لحقِّ وحقيقة القضية الفلسطينية، ووقف على زور الرواية الاسرائيلية، وتعسف الأمريكان، وخرجت المسيرات العالمية تندد بالإجرام الصهيوني الاحتلالي لفلسطين، ويشير العالم إليهم بأنَّ عمر إرهابهم أكثر من سبعين عامًا ضد شعب فلسطين، المحتلة أرضه، والمنهوبة مقدراته، وليس أمام الداعمين للاحتلال إلا عبارة ( من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها ) جملة خاوية لا محل لها من الإعراب السياسي، والقانوني، والتشريعي، أوجدوها كمبرر لاستمرار استعمارهم لفلسطين، كما أوجدوا قديما وزورا، عبارة ( أرض بلا شعب لشعب بلا أرض ) وكل ذلك لتحقق أمريكا ما رسمته لنفسها من استراتيجية في المنطقة، لتسييد الصهيونية في فلسطين، وتمددها في الوطن العربي بالمعاهدات والاتفاقيات، والتطبيع، لإعادة جغرافية المنطقة بعد أن اهترأ سايكس بيكو، بشرق أوسط جديد، يتمشى والمصالح الأمريكية، كي تتفرغ أمريكا خارج الشرق الأوسط لدول أخرى، تتقاسم معهم مقدرات الأمم، والتي منها، روسيا، والصين.
وما زالت أمريكا تتعهد بدعم ربيبتها “إسرائيل” بكل وسائل الحرب من تكنولوجيا حربية، ودعم مالي ولوجوستي، وتتوغّل دولة الاحتلال في إرهابها، واستهدافها للمدنيين وتدمير ما يمكنها تدميره وإبادته من غزة، والعالم العربي ما زال يتلحف بصمته، ولا يجرؤ أن يفعل شيئًا بعد أن طلب نتنياهو منهم الالتزام بالصمت، فأصبحوا على ثلاثة أقسام.
القسم الأول: تبرع بأن يكون وسيطًا بين شعب غزة المجاهد، والمدافع عن أرضه وبيوته، وعرضه، وأسراه، ووطنه، ومقدساته، ومسرى نبيه، وبين دولة الاحتلال الإرهابية والغاصبة للأرض والمقدرات، وكأن الصراع بين المحتل وصاحب الأرض هو صراع بين أخوين، أو جارين، ويريدون فضّ هذه الإشكالية بينهم.
القسم الثاني: دول صامتة لا علاقة لها بما يحدث في فلسطين وتعوّل على شعبها، وكأن الإبادة الجماعية لشعب غزة عبارة عن فليم آكشن، وتصدر منهم بعض َكلماتٍ خجلى من الشجب والاستنكار.
القسم الثالث: وهي الأفظع وجودًا على خريطة سايكس بيكو .. منحازون لدولة الكيان الصهيوني، ويحمّلون الفلسطينيين المسؤولية عن كل حرب وإبادة يقوم بها الاحتلال ضدهم في غزة أو الضفة الغربية، كما يؤيدون شرعية قيام الدولة اليهودية وحقها في الدفاع عن النفس، ويقدمون لهذا الكيان الدعم المادي واللوجوستي بكل وقاحة، كما يؤيدون سحق المقاومة وإنهاء القضية الفلسطينية.
ولقد تكشفت العورات أكثر هذه الأيام بعد أن قامت دولة جنوب إفريقيا برفع دعوة قضائية ضد دولة الاحتلال في محكمة العدل الدولية لما تقوم به من حرب إبادة لقطاع غزة، والسعي لتهجيرهم وتفريغ القطاع من السكان، إما طوعًا أو إبادة.
وما زال السجال قائم في قاعة المحكمة، مع تعمد غياب الدول العربية وعدم مشاركتها في تقديم الشكوى ضد الاحتلال الغاصب وإرهابه ضد قطاع غزة، ونؤكد هنا على مجموعة من الحقائق والركائز التي تثبت أن فريق الدفاع القانوني لدولة الاحتلال في المحكمة متخبط، ولا يملك أي شرعيّة أو قانونيّة للرد على الادعاء القائم ضده، وأن كل ما يقدمه هو عبارة عن ترّهات وأكاذيب، ولا يملك أدلة أو براهين على ما يقول من سرد مختلق وكاذب، ومنها:
١. بخصوص الدفاع عن النفس: فأي دفاع عن النفس هذا، وقد أقرت المحكمة، ومجلس الأمن، قديما بأن “إسرائيل” دولة احتلال، وبالتالي لا يحق للاحتلال إلا أن يرحل أو يتحمل مقاومته من قبل صاحب الأرض المحتلة، وهذا هو التوصيف الصحيح “لإسرائيل” منذ عام 1948م
٢. مجلس الأمن، ومحكمة العدل الدوليّة، بحسب قانونها، وما صدر عنهم من قرارات، أعطى الفلسطينيين حق الدفاع عن أرضهم وانفسهم، وتقرير مصيرهم، فما قامت به المقاومة في 7 أكتوبر لا يعتبر إلا حق من حقوقه لمقاومة المحتل لأرضه.
- أما قول فريق الدفاع عن ” إسرائيل” بأنه لم يتوفر عند “إسرائيل” نية الإبادة الجماعية، وليس هناك أدلة لأثبات هذا القصد، فبكل بساطة هذا غباء ولا يرتقي، ولا يصلح للدفاع عن “إسرائيل” أو يخرج من رجل قانوني، فكما قال الشاعر: “السيف أصدق أنباء من الكتب” فواقع الحال، في هدم البيوت فوق ساكنيها، والقتل الجماعي بالعشرات، بل المئات، وتدمير أكثر من 70% من البيوت تدمير كاملًا، وتهجير أكثر من 90 % من السكان من بيوتهم ليعيشوا في خيم وفي الشوارع والملاجئ غير الآمنة، ومنع دخول المساعدات، وقطع الكهرباء والماء والدواء والغذاء، وقتل الأطفال الخدج، كل هذا ليست حرب إبادة؟! والطلب من مربعات سكنية إلى النزوح إلى مناطق يحددها لهم جيش الاحتلال وعبر طريق محدد، ثم يقوم بقصفهم وهم في طريق النزوح، أو بعد وصولهم لهذه الأماكن التي يدعي أنها آمنة.
- أكذوبة ادعائهم بأن المقاومة استخدمت المستشفيات والمدارس كمراكز قيادة، ومداخل أنفاق، ولهذا قامت قوات الاحتلال باستهدافها، رغم أن الجيش يعلم بالدليل بأن هذه الأماكن تعج بآلاف النازحين ، ولم يقدم الاحتلال أي دليل على هذا، وقولهم بأن حماس أساءت استخدام هذه المنشآت المدنيّة لذلك تم استهدافها.
نقول: بأن الاحتلال لم يقدم أي دليل أو صورة حقيقية تبرهن على ما تقول به “إسرائيل” فهل الكنائس مراكز لقيادة المقاومة؟ وهل المدارس التابعة للوكالة والتى تم بناؤها حديثا مراكز للمقاومة، وتحتها انفاق؟! وهل مبني الجراحة والبدروم الذي بناه الاحتلال أنفاق للمقاومة، وهل أجهزة تصوير ال L.C .T، وأجهزة الأشعة، الخاصة بالعلاج، صواريخ أو معدات حربية؟! وهل مراكز وسيارات وأطقم الدفاع المدني، وسيارات واطقم الإسعاف، وكذلك الصحافة والصحفيين، عسكريين ومعدات عسكرية قتالية؟!!.
الواجب على المجتمع الدولي أن يعود للقرارات الشرعية الدولية، حتى لا يدينوا ما قامت به المقاومة في السابع من أكتوبر، لأنه حق مشروع لهم بمقاومة الاحتلال بكل الإمكانيات، وإلزام الاحتلال بالانسحاب من الأراضي المحتلة، ودعم الشعب الفلسطيني بإقامة دولته على أرضه وحق تقرير مصيره.