خالد مصطفى – موقع المسلم
عاد الصراع بين الإسلام والعلمانية المتطرفة إلى الواجهة بقوة مرة أخرى في تركيا بعد تصريحات واضحة وحاسمة أدلى بها رئيس البرلمان التركي إسماعيل قهرمان, أكد فيها أن الدستور الجديد للبلاد يجب أن يقوم على “أساس ديني ويخلو من العلمانية”…
وأشار قهرمان في كلمة له خلال مشاركته في مؤتمر “تركيا الجديدة والدستور الجديد”، إلى أن “الدستور الحالي يخلو من لفظ الجلالة بالكامل، وبعض الدول تضع في دستورها العبارات الدينية، ونحن دول مسلمة ومسجلون لدى منظمة التعاون الإسلامي ونعد من أعضائها المؤسسين، كما أننا حاضرون أيضًا في البنك الإسلامي للتنمية، لأجل ذلك ينبغي أن يكون الدستور الجديد متدينًا”…
ما ذكره رئيس البرلمان التركي صدم بعض المتطرفين العلمانيين الذين ثاروا واحتجوا أمام البرلمان تنديدا بهذه العبارات التي أقرت واقعا فعليا وهو أن تركيا دولة مسلمة ومن الطبيعي أن يكون دستورها معبرا عن ذلك ثم إن الدستور سيعرض على الشعب قبل إقراره فلماذا يثور العلمانيون أدعياء “الديمقراطية” في محاولة لمصادرة حق الشعب في الدفاع عن هويته؟!..لقد عبر الشعب التركي بشكل حازم عن خياره الرافض للعلمانية التي فرضها عليه أتاتورك بعد الحرب العلمانية الأولى, عندما منح صوته لحزب له جذور إسلامية في 4 استحقاقات انتخابية متتالية لأول مرة منذ أكثر من نصف قرن…
العجيب أنه لا توجد سوى 3 دول في العالم فقط منها تركيا ينص دستورها على العلمانية وهو أمر هزلي وخطير لأن الإسلام يتنافى مع هذه العلمانية المتطرفة التي ترفض مجرد ذكر الله في الدستور كما هو الحال في أيرلندا وفرنسا بل إن دولا أخرى مثل أمريكا وبريطانيا وإيطاليا وهي دول “مسيحية” لا يوجد هذا النص في دستورها فكيف بدول مسلمة مثل تركيا؟!…
الدستور السائد في تركيا حاليا فيه الكثير من العوار لأنه تم إقراره عقب انقلاب عسكري شهدته البلاد عام 1980 وبالتالي محاولة تغييره تصب في مصلحة التقدم الذي تحرص عليه حكومة حزب العدالة منذ توليها المسؤولية…وقد حاولت حكومة حزب العدالة التعاون مع الأحزاب الأخرى من أجل كتابة دستور جديد يليق بالبلاد ولكن المكايدة السياسية جعلتهم يرفضون الانضمام لهذه المشروع الذي تولاه حزب العدالة وقرر طرحه على البرلمان في يونيو القادم…حزب العدالة منذ وصوله للحكم قبل 13 عاما تقريبا يسير بخطوات دؤوبة نحو إلغاء العلمانية المتطرفة التي تناصب الدين وشعائره العداء والتي كانت تحرم تعليم القرآن في المدارس الحكومية وارتداء الحجاب في الجامعات والالتحام بقضايا العالم الإسلامي والدفاع عنها…
وكان الحزب يواجه صعوبات جمة من أركان العلمانية في البلاد والمنتشرين في الجيش والقضاء والجامعات والذي حاولوا ولا يزالون تشويه صورة الحزب واتهامه بالتطرف ولكن مع مرور الوقت وتحقيق الحزب لإنجازات كبيرة على كافة الأصعدة بدأ نجم هؤلاء يخفت واستطاع الحزب أن يزيل الكثير من القوانين المعادية للدين…
والآن بدأت الخطوة الأهم وهي إقرار ذلك في الدستور الأمر الذي سيسهل إصدار المزيد من القوانين التي تكفل الحرية الدينية على نطاق واسع وتلجم الأبواق المعادية للإسلام وتدق أكبر مسمار في نعش أتاتورك العميل الذي تآمر مع الغرب لإضعاف أحد أهم حصون الإسلام ليفتح الباب أمام تبعثر الدول الإسلامية وتسلط الغرب عليها….إن المعركة التي يخوضها حزب العدالة في تركيا ضد قوى الشر ليست مسألة داخلية بل هي تهم المسلمين جميعا فعودة تركيا إلى الصف الإسلامي بعد عشرات السنين قوة كبيرة لهذا الصف وهو ما جعل الغرب يدير ظهره لحكومة أردوغان ويتحالف مع أعدائه في الداخل والخارج للضغط عليه من أجل التخلي عن الدور الهام الذي أعاد تركيا إليه…
العجيب أن بعض المنتسبين للإسلام في عالمنا العربي من القوميين والليبراليين يوجهون سهامهم لأردوغان ويقفون في خندق واحد مع الغرب وإيران و”إسرائيل”.