مقالاتمقالات مختارة

الشيعة وقضية فلسطين

الشيعة وقضية فلسطين

بقلم أ. د. ناصر بن عبدالله القفاري

القدس هي القضية الكبرى في تاريخ المسلمين المعاصر، وشيعة اليوم[1] يرفعون ضمن شعاراتهم «تحرير القدس» و«الموت لأمريكا وإسرائيل»، ولاسيما بعد قيام دولتهم في إيران، التي أنشأت خلايا لها في عدد من الدول الإسلامية ذات صبغة أيدلوجية، ونشاط عسكري ظاهر، وكلها ترفع شعار «المقاومة» للعدو الصهيوني المحتل، كحزب الله وحركة أمل في لبنان، والحوثية في اليمن، والحشد الشعبي في العراق، والعلويين في سوريا، ويقوم إعلامهم بالترويج لهذه الشعارات، ولعل من أولى المحاولات الظاهرة لاستخدام هذا الشعار ما قام به الخميني عام 1979م من إعلان يوم القدس العالمي في الجمعة الأخيرة من شهر رمضان في كل عام، ليوهم الأغرار أنه المدافع عن قضايا الأمة ومقدساتها، وليكتسب بذلك قبولاً لدى المسلمين الذين لا يعرفون حقيقة دين الرافضة وأساليبهم الخبيثة في نشر مذهبهم وتصدير ثورتهم.

إلا إنه قد استراب العقلاء وأهل النظر والبصيرة في حقيقة هذه الشعارات وأهدافها بعد العلاقات السرية المشبوهة وصفقات السلاح التي كشفت فيما بعد بين إيران والكيان الصهيوني، وبعد ما ظهر أن إيران الملالي لم تطلق رصاصة واحدة تجاه العدو المحتل، بينما وجهت سلاحها للمسلمين، فقتلت مئات الآلاف من العراقيين في حرب الثماني سنوات، كما قتلت خلاياها في لبنان والعراق واليمن وسوريا وغيرها من بلاد المسلمين أضعاف ما قتل العدو الكافر من المسلمين.

بل شهدت الأحداث والوقائع أن العدو المحتل ما كان ليجد له موضع قدمٍ في بلاد المسلمين لولا الاستعانة بهذه الخلايا الرافضية التي زُرعت عن غفلة من الأمة في جسد المسلمين، فأحدثت من الدمار والخراب والقتل والإرهاب ما نراه اليوم واقعاً حياً.

وقد اعترف قادة إيران بأنه «لولا مساعدة إيران لما نجحت أمريكا في احتلال العراق وأفغانستان»، وفي مقدمتهم خاتمي، حينما كان رئيساً في نهاية عام 2004م، وقالها قبله نائبه محمد علي أبطحي في مطلع عام 2004م في ندوة دولية بدبي، وقالها بعدهما هاشمي رفسنجاني أثناء حملته الانتخابية في عام 2005م[2].

الخدعة الكبرى:

من الحقائق الثابتة أن شعارات «تحرير فلسطين»، و«مقاومة العدو»، و«الموت لأمريكا وإسرائيل» خدعة كبرى تكذبها وتنقضها مصادر الرافضة وعقيدتهم وفتاوى مراجعهم؛ لأن دينهم يقوم على حرمة الاصطفاف تحت أي راية إلا راية «الإمام» أو نائبه «الولي الفقيه» مهما كانت هذه الراية صالحة وعادلة وتقية، ولذلك قالوا: «كل راية ترفع قبل قيام القائم عليه السلام فصاحبها طاغوت، وإن كان يدعو إلى الحق»[3].

ولذا فقد حرموا على أتباعهم الجهاد مع المسلمين، وقالوا: لا جهاد حتى يخرج المنتظر، ويقولون عن أبطال الجهاد من المسلمين: «الويل يتعجلون، قتلة في الدنيا، وقتلة في الآخرة، والله ما الشهيد إلا شيعتنا ولو ماتوا على فرُشهم»[4].

وجنود الإسلام الذين يرابطون على الثغور، ويجاهدون في سبيل الله، ولا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً والذين فتحوا بلاد الفرس وغيرها! ما هم في اعتقاد الشيعة إلا قتلة، الويل لهم، يتعجلون مصيرهم. روى شيخهم الطوسي في «التهذيب»: «عن عبد الله بن سنان قال: قلت لأبي عبد الله – عليه السلام -: جعلت فداك ما تقول في هؤلاء الذين يقتلون في هذه الثغور؟ قال: فقال: الويل يتعجلون قتلة في الدنيا، وقتلة في الآخرة، والله ما الشهيد إلا شيعتنا ولو ماتوا على فرشهم»[5].

فأنت ترى أن الشيعة تعتقد أن جهاد المسلمين على مر التاريخ جهاد باطل لا أجر فيه ولا ثواب، حتى وصفوا المجاهدين من المسلمين بـ«القتلة»، وجردوهم من الأسماء التي شرفهم الله بها كـ«المجاهد» و«الشهيد».

ولهذا يقرر شيخهم الخميني تحريم الجهاد الإسلامي وعدم جواز البدء فيه ما دام مهديهم غائباً[6]، يقول: «في عصر غيبة ولي الأمر وسلطان العصر – عجل الله فرجه الشريف – يقوم نوابه وهم الفقهاء الجامعون لشرائط الفتوى والقضاء مقامه في إجراء السياسات وسائر ما للإمام إلا البدأة بالجهاد»[7].

أما بعد قيام دولتهم وتطبيقهم لمبدأ «ولاية الفقيه العامة» فإن مفهوم «الجهاد» عندهم قد تحول من التحريم إلى الوجوب، ومن جهاد أعداء الأمة من الكفار إلى شن الحرب على الأمة وإسقاط الحكومات الإسلامية، يقول الخميني: «نحن لا نملك الوسيلة إلى توحيد الأمة الإسلامية[8] وتحرير أراضيها من يد المستعمرين وإسقاط الحكومات العميلة لهم، إلا أن نسعى إلى إقامة حكومتنا الإسلامية، وهذه بدورها سوف تتكلل أعمالها بالنجاح يوم تتمكن من تحطيم رؤوس الخيانة، وتدمر الأوثان والأصنام البشرية التي تنشر الظلم والفساد في الأرض»[9].

بل نادوا فور قيام دولتهم – ولا يزالون – بغزو مكة المكرمة ليعيدوا ما فعله أسلافهم القرامطة حين قتلوا الحجيج وهم يطوفون بالبيت الحرام، ففي احتفال رسمي وجماهيري أقيم في عبادان في 17/3/1979م تأييداً لإقامة الجمهورية الإسلامية، ألقى د. محمد مهدي صادقي خطبة في هذا الاحتفال سجلت باللغتين العربية والفارسية، ووصفتها الإذاعة بأنها مهمة ومما جاء في هذه الخطبة: «أصرح يا إخواني المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها أن مكة المكرمة حرم الله الآمن يحتلها شرذمة أشد من اليهود»، وذكر قبل ذلك أنه حين تثبت ثورته سينتقلون «إلى القدس وإلى مكة المكرمة، وإلى أفغانستان، وإلى مختلف البلاد»[10].

فكيف يرتجى منهم عون أو مساندة للأمة في ظل هذه المبادئ العدائية؟! ولذا فإن التاريخ يشهد بتآمرهم مع الأعداء ضد الأمة، سواء على مستوى أفرادهم كما صنع ابن العلقمي، ونصير الدين الطوسي، وابن يقطين، أو على مستوى دولهم كما صنعت الدولة العبيدية، والدولة الصفوية، والدولة الخمينية[11].

لا مكان للمسجد الأقصى على وجه الأرض في مصادرهم:

لقد بلغ من مكرهم وشذوذهم أنهم وضعوا في مصادرهم المعتمدة نصوصاً نسبوها إلى بعض أئمة أهل البيت زوراً وبهتاناً يدعون فيها أنه لا وجود للمسجد الأقصى على ظهر الأرض، وأن المسجد الذي شرفه الله بالفضل، وجعل الصلاة فيه بخمسمئة صلاة[12]، وكأن مسرى النبي صلى الله عليه وسلم لا وجود له أصلاً.

وادعوا أن المسجد الأقصى المذكور في قوله تعالى: {سُبْحَانَالَّذِيأَسْرَىبِعَبْدِهِلَيْلًامِّنَالْـمَسْجِدِالْـحَرَامِإلَىالْـمَسْجِدِالأَقْصَا} [الإسراء١هو في السماء بحسب زعمهم[13]، ثم لم يكتفوا بذلك حتى أنكروا أي فضل ومكانة للمسجد الأقصى، بل زعموا أن «مسجد الكوفة أفضل منه»[14].

لا حرمة لمقدسات المسلمين عند الرافضة:

ليس هذا بغريب على أصحاب هذه النحلة، فهم لا يرون أي حرمة أو مكانة لمقدسات المسلمين، وقد بلغ بهم الأمر أن جعلوا بعض قبور أئمتهم أوثاناً تعبد من دون الله، بل ويفضلونها على بيت الله، ويجعلون الحج إليها أفضل من الحج إلى بيت الله الحرام[15]، فيفضلون الشرك على التوحيد، وهذا من أعظم الإيمان بالطاغوت والكفر بالله، بل قالوا: إن بيت الله الحرام الذي جعله الله مثابة للناس وأمناً ليس سوى ذنَب ذليل مهين لبعض أصنامهم، ومما قالوا في مروياتهم في هذا الباب: «إن الله أوحى إلى الكعبة: لولا تربة كربلاء ما فضلتكِ، ولولا ما تضمه أرض كربلاء ما خلقتكِ، ولا خلقت البيت الذي به افتخرتِ، فقرِّي واستقري، وكوني ذنباً متواضعاً ذليلاً مهيناً غير مستنكف ولا مستكبر لأرض كربلاء، وإلا سُختُ بكِ وهويتُ بكِ في نار جهنم»[16].

وقد افتخر بعض مراجعهم[17] في هذا العصر بهذه الأسطورة، فرفع بها عقيرته منشداً:

ومنحديثكربلاوالكعبة

لكربلابانعلوالرتبة

ولم يكتفِ مؤسسو هذه النِّحلة بإحياء ملة المشركين، وتفضيل الحج إلى مشاهدهم وأصنامهم على الحج إلى بيت الله الحرام، بل قالت مصادرهم بأنه إذا قامت دولتهم وخرج مهديهم[18] سيقوم «بهدم المسجد الحرام حتى يرده إلى أساسه… ويرد البيت إلى موضعه وإقامته على أساسه»[19].

ويقوم أيضاً بقتل الطائفين من الحجاج والمعتمرين بين الصفا والمروة، جاء في نصوصهم: «كأني بحمران بن أعين وميسر بن عبد العزيز يخبطان الناس بأسيافهما بين الصفا والمروة»[20].

وهذا ما فعلوه في سنة 317هـ من قتلهم حجاج بيت الله داخل الحرم[21]، وما حاولوا القيام به في عام 1407هـ، و1409هـ من حوادث التفجيرات التي ذهب ضحيتها بعض الحجاج الآمنين، وكشف الله سبحانه الجناة وتبين أن جميعهم من الرافضة[22].

ثم يأتي التآمر الرافضي بعد الحرم المكي إلى الحرم المدني، فيقوم القائم (مهديهم أو نائبه) – كما تقول أساطيرهم – «بهدم مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم ورده إلى أساسه»[23]، بل قالوا: إن «أول ما يبدأ به القائم[24]… يكسر المسجد»[25].

ويقوم مهديهم – كما يحلمون أو يخططون – بهدم الحجرة النبوية – على ساكنها أفضل الصلاة والسلام – ونبش قبري أبي بكر وعمر – رضي الله عنهما – حيث تقول مصادرهم على لسان مهديهم: «وأجيء إلى يثرب، فأهدم الحجرة، وأخرج من بها وهما طريان فآمر بهما تجاه البقيع، وآمر بخشبتين يصلبان عليهما، فتورقان من تحتهما، فيفتتن الناس بهما أشد من الأولى»[26].

أساس موقفهم من قضية فلسطين:

أساس موقفهم من قضية فلسطين أنهم كما لا يرون للمسجد الأقصى ولا بيت الله الحرام حرمة فهم أيضاً لا يرون لفلسطين ولا لسائر أمصار المسلمين التي ليست على نحلتهم ودينهم أي منزلة ومكانة؛ لأنها عندهم ليست من بلاد المسلمين، وإن كان يحكمها ويعيش فيها المسلمون[27].

بل إن دين الرافضة الإثنى عشرية يقوم على تكفير جميع المسلمين من الأولين والآخرين، ابتداء من عصر الصحابة والتابعين إلى يوم الدين، بناء على عقيدتهم في الإمامة التي هي أصل دينهم، وأساس ملتهم، حتى حكموا على من أنكر إمامة واحد من أئمتهم الاثني عشر، بالكفر والخلود في النار[28].

رفض التعاون والتعايش مع المسلمين:

إن مثل من ينتظر عوناً من الرافضة في قضية فلسطين وغيرها مثل من يريد أن يجني من الشوك العنب، ذلك أن مؤسسي المذهب من شيوخهم ورؤسائهم قضوا على شيء اسمه التعايش فضلاً عن التعاون، فقد عملوا جاهدين على غرس جذور العداء في نفوس أتباعهم تجاه عموم المسلمين، حيث عدوهم أكفر من اليهود والنصارى والمجوس[29]، بل وضعوا نصوصاً كثيرة نسبوها زوراً لبعض آل البيت تجعل قتل المخالفين لهم واستحلال دمائهم وأموالهم قربة وعبادة ووسيلة للفوز بالجنان والنجاة من النيران.

تقول مصادرهم: عن داود بن فرقد قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: ما تقول في قتل الناصب[30] فقال: «حلال الدم ولكني أتقي عليك، فإن قدرت أن تقلب عليه حائطاً أو تغرقه في ماء لكيلا يُشهَد به عليك فافعل»[31].

قال شيخهم البحراني الملقب عندهم بـ«المحقق»: «لو أمكن لأحد اغتيال شيء من نفوس هؤلاء وأموالهم من غير استلزامه لضرر عليه أو على إخوانه، جاز له فيما بينه وبين الله تعالى»[32].

ويحذرون من رحمة المخالفين لهم أو إطعامهم أو سقيهم أو إغاثتهم، ويتوعدون من يخالف ذلك بالعقاب الأليم، تروي مصادرهم عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: «فأما الناصب فلا يرِقنَّ قلبك عليه، لا تطعمه، ولا تسقه وإن مات جوعاً أو عطشاً، ولا تغثه، وإن كان غرقاً فاستغاث فغَطِّسْه ولا تغثه، فإن أبي – نِعْمَ المحمدي – كان يقول: من أشبع ناصباً ملأ الله جوفه ناراً يوم القيامة، معذباً كان أو مغفوراً له»[33].

وينصح إمامهم بعض أتباعه بقتل الغيلة، أي القتل الخفي فيقول: «أشفق إن قتلته ظاهراً أن تسأل لم قتلتَه؟ ولا تجد السبيل إلى تثبيت حجة، ولا يمكنك إدلاء الحجة، فتدفع ذلك عن نفسك، فيسفك دم مؤمن من أوليائنا بدم كافر، عليكم بالاغتيال»[34].

وجاء في نصوصهم: «من جحد إماماً من الله… فهو كافر، ودمه مباح في تلك الحال، إلا أن يرجع ويتوب إلى الله مما قال»[35].

وفي «رجال الكشي» يرفع أحد الروافض بياناً سريّاً للمسؤول عن منظمته السرية يتضمن ذكر المجموعة المسلمة التي تمكَّن بطرق خفية من القضاء عليها، ويشرح بعض هذه الوسائل، فيقول: «منهم من كنت أصعد سطحه بسلم حتى أقتله، ومنهم من دعوته بالليل على بابه فإذا خرج عليَّ قتلته»[36]، وذكر أنه قتل بهذه الطرق وأمثالها ثلاثة عشر مسلماً، لا ذنب لهم إلا أنهم لم يأخذوا بمذهبه.

وامتدت يد القتل واستحلال الدماء إلى بقية فرق الشيعة من غير الرافضة كالزيدية، تقول مصادرهم: عن عمر بن يزيد قال: سألت أبا عبد الله عن الصدقة على الناصب وعلى الزيدية؟ قال: «لا تصدّق عليهم بشيء، ولا تسقهم من الماء إن استطعت»، وقال لي: «الزيدية هم النُّصَّاب»[37].

والشواهد في ذلك كثيرة، ولذلك قال الإمام الشوكاني – رحمه الله – وقد عاش بينهم وعرفهم عن كثب: «لا أمانة لرافضي قط على من يخالفه في مذهبه ويدين بغير الرفض، بل يستحل ماله ودمه عند أدنى فرصة تلوح له، لأنه عنده مباح الدم والمال، وكل ما يظهره من المودة فهو تقية يذهب أثره بمجرد إمكان الفرصة»[38].

فالقتل والعدوان لكل من لا يدين بنحلتهم أصبح من بنية مذهبهم، وسجية من سجاياهم، وتؤججه مآتمهم، ويلهجون به في أدعية زياراتهم، ويربون عليه ناشئتهم، ويفتي به مراجعهم، وتقرره مصادرهم، والواقع خير شاهد، ومن ذلك ما تفعله خلاياهم اليوم في العراق وسوريا واليمن، وما يفعله ما يسمى «الحشد الشعبي» الذي أسس بفتوى من مرجعهم السيستاني من جرائم وحشية، ومجازر دموية تناقلتها وسائل الإعلام.

مهمة الولي الفقيه:

من يتأمل أعمال المهدي المسجلة في مصادرهم، والتي يتولى الولي الفقيه تنفيذها وتطبيقها بحكم النحلة الخمينية، يرى العدوان والإرهاب الذي ليس له مثيل في التاريخ، تقول نصوصهم عن أعمال مهديهم التي يتولى تطبيقها الولي الفقيه اليوم: «ليس شأنه إلا القتل، ولا يستبقي أحداً ولا يستتيب أحداً»، بل إنه يقتل من لا ذنب له أصلاً، فيقولون: «إنه يبعث إلى رجل لا يعلم الناس له ذنباً فيقتله»[39]، ويقوم مهديهم بـ«قتل ذراري قتلة الحسين بفعل آبائهم»[40]. وهذا ما تترجمه واقعاً فرق الموت في العراق وسوريا التي ترفع شعارات «يا لثارات الحسين».

 بل إنه يتم على يديه – أو على يد نوابه – تصفية البشرية إلا القليل؛ حتى قالوا: «لا يكون هذا الأمر حتى يذهب تسعة أعشار الناس»[41]، وروى المجلسي أيضاً: «لو يعلم الناس ما يصنع القائم إذا خرج، لأحب أكثرهم ألا يروه مما يقتل من الناس»[42].

يقول مرجعهم المعاصر محمد الصدر[43]: «هذا القتل الشامل للبشرية كلها يتعين حصوله بحرب عالمية شاملة قوية التأثير»[44]، وربما كان اهتمام ملالي الرافضة بالمشروع النووي للتحضير لهذا العدوان.

وتقول مصادرهم عن المخالفين: «ما لمن خالفنا في دولتنا نصيب، إن الله قد أحل لنا دماءهم عند قيام قائمنا»[45]، وتسميهم بالنواصب وتقول: «فإذا قام قائمنا عرضوا كل ناصب عليه، فإن أقر بالإسلام وهي الولاية، وإلا ضربت عنقه أو أقر بالجزية فأداها كما يؤدي أهل الذمة»[46].

وهم يتربصون بالعرب ويتوعدونهم بمقتلة عظيمة على يد مهديهم المزعوم (أو نائبه)، جاء في مصادرهم أن: «المنتظر يسير في العرب بما في الجفر الأحمر وهو قتلهم»، «إذا خرج القائم لم يكن بينه وبين العرب وقريش إلا السيف»، وكان إمامهم يقول: «ما بقي بيننا وبين العرب إلا الذبح وأومأ بيده إلى حلقه»، وقال: «يذبحهم – والذي نفسي بيده – كما يذبح القصَّاب شاته وأومأ بيده إلى حلقه»[47].

فكيف ينتظر أهل فلسطين من أصحاب هذه العقيدة العون والنصرة؟!

بل إن القتل والعدوان وشهوة الانتقام يتجاوز عندهم الأحياء إلى الأموات، حيث يتجه مهديهم (أو نائبه) إلى قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه ويبدأ – كما تقول أخبارهم -: «بكسر الحائط الذي على القبر… ثم يخرجهما [يعني صاحبي رسول الله صلى الله عليه وسلم] غضين رطبين، فيلعنهما ويتبرأ منهما ويصلبهما، ثم ينزلهما ويحرقهما، ثم يذريهما في الريح»[48].

وهذه الأعمال الإجرامية جمعها مرجعهم محمد صادق الصدر في كتابه «تاريخ ما بعد الظهور»، ويمثل هذا الكتاب خطط الملالي التي يحلمون بها للقضاء على أهل الإسلام خاصة، والبشرية عامة، فقد فضحوا أنفسهم، وكشفوا مخططاتهم، لأنهم – كما تقول مصادرهم – «مبتلَون بالنَّزَق[49] وقلة الكتمان»[50].

شواهد ووقائع:

وشواهد تطبيق هذه النصوص باستحلال قتل كل مخالف في التاريخ ماثلة، ويكفي خيانة ابن العلقمي والطوسي وما جرته من القتل العام للمسلمين في بغداد، والتي كانت موضع الثناء من شيوخ هذه الطائفة، فهذا إمام ثورة الملالي، وموقد الفتن في بلاد المسلمين، وإمام الرافضة في هذا العصر يشيد بها ويفتخر، ويرى أنها من الخدمات الجليلة، فيقول: «ويشعر الناس [يعني شيعته] بالخسارة بفقدان الخواجة نصير الدين الطوسي وأضرابه، ممن قدم خدماتٍ جليلةً للإسلام»[51]، وقد سار على خطى ابن العلقمي أحفاده من استدعاء العدو الصليبي لغزو العراق، وما أحدثه بمعونتهم من القتل العام والدمار الشامل.

وهذه هي عقيدتهم التي لا تغيرها الأيام والليالي، وما يفعلونه اليوم في سوريا واليمن والعراق هو ما ينتظره كل بلد يتمكنون منه.

فهل ينتظر عاقل من هؤلاء نصراً ومعونة، وهم لم يدخلوا بلداً إلا وحولوا اجتماعه فرقة، وأمنه خوفاً، وغناه فقراً، وما حال العراق وسوريا واليمن ولبنان إلا أمثلة واقعية من تاريخهم الأسود الذي ملئت صحائفه بالكيد للأمة ودينها.

ومن يعادي ويكفر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويفتري على أهل بيته الأطهر، ويدعي تحريف القرآن، ويعيد شرك الجاهلية الأولى، ويكفر أمة الإسلام من أولها إلى آخرها، ويستحل دماء المسلمين وأموالهم، ويتربص بأهل الإسلام الدوائر هل يُنتظر منه نصر أو عون؟!

وخاتمة القول وثمرته: لقد شهدت أحداث التاريخ وأيام الإسلام أن الأمة لن تنتصر على العدو الخارجي إلا بعد أن تنتصر على العدو الباطني الرافضي، ولقد علَّمنا التاريخ أن الأمة لم تستطع تحرير القدس من أيدي الصليبيين على يد صلاح الدين إلا بعد أن هزمت الباطنيين.


[1] أعني بـ«الشيعة»: طائفة الإثنى عشرية، وهي الطائفة الكبرى في عصرنا، التي إذا أطلق لقب الشيعة اليوم لا ينصرف إلا إليهم، وإن كانوا في الحقيقة ليسوا بشيعة، بل هم من غلاة الرافضة. انظر: شيعة اليوم ليسوا بشيعة، منشور بمجلة البيان، عدد: 339.

[2] انظر مقال: حقيقة التقارب الأمريكي الإيراني على موقع «طريق الإسلام».

[3] انظر: الكافي (8/295)، الغيبة للنعماني (ص7) .

[4] وسائل الشيعة (11/21)، الوافي (9/15).

[5] التهذيب (2/42)، وسائل الشيعة (11/21)، وانظر: تهذيب الوشيعة في نقد عقائد الشيعة (ص67).

[6] ويزعمون أنه غاب واختفى خوفاً من القتل، وقد مضى على هذه الغيبة أكثر من ألف ومائة وسبعين سنة، ولا يزالون ينتظرونه إلى اليوم، وإذا ذكروه دعَوا بأن يعجل الله فرجه، وإذا كتبوا اسمه وضعوا رمز (عج) بعده، يعني: عجل الله فرجه، ويقولون: إنه غائب عن الأبصار، حاضر في الأمصار، يرى الناس ولا يرونه، حتى صاروا ضحكة بين الأمم. انظر للتفصيل: أصول مذهب الشيعة (فصل: المهدية والغيبة) (2/ 823) وما بعدها.

[7] تحرير الوسيلة (1/482).

[8] يعني على مذهب الروافض.

[9] الحكومة الإسلامية (ص35).

[10] أذيعت هذه الخطبة من صوت الثورة الإسلامية من عبادان الساعة 12 ظهراً من يوم 17/3/1979م، انظر: وجاء دور المجوس (ص344-347).

[11] انظر: أصول مذهب الشيعة (فصل: أثرهم في العالم الإسلامي) (3/255).

[12] اختلف العلماء في تحديد وتعيين ثواب الصلاة في المسجد الأقصى، بناء على اختلاف الأحاديث الواردة في ذلك، واختلاف العلماء في تصحيحها. انظر: مجموع الفتاوى (27/ 7-8)، فتح الباري، لابن حجر (3/ 67).

[13] انظر: تفسير القمي (2/ 243)، تفسير الصافي للكاشاني (3/ 166).

[14] بحار الأنوار (97/ 405).

[15] قد عقدت أمهات كتبهم كتباً وأبواباً في المزارات والمشاهدات، ضمنتها مئات من الروايات تجسد الشرك، وترسي قواعده. انظر: البحار للمجلسي (كتاب المزار) المجلدات: 100، 101، 102، وسائل الشيعة للحر العاملي (أبواب المزار) (10/251 وما بعدها)، من لا يحضره الفقيه (2/338 وما بعدها)، تهذيب الأحكام (6/ 3 -116).

[16] وسائل الشيعة (14/515)، بحار الأنوار (98/107).

[17] هو محمد حسين آل كاشف الغطاء في كتابه: الأرض والتربة الحسينية (ص55-56).

[18] ينوب عنه الولي الفقيه في جميع وظائفه وأعماله بحكم العقيدة الخمينية التي تقول بالولاية العامة المطلقة للولي الفقيه عن مهديهم. انظر: ولاية الفقيه.. الخطر الأكبر المجهول، منشور بمجلة البيان، عدد: 333.

[19] الغيبة للطوسي (ص282)، بحار الأنوار (52/338) .

[20] بحار الأنوار (47/79)، وانظر مزيداً من نصوصهم في ذلك من مصادرهم المعتمدة في كتابي: بروتوكولات آيات قم حول الحرمين.

[21] انظر خبر ذلك في حوادث سنة 317ه، في المنتظم لابن الجوزي (6/222) وما بعدها، البداية والنهاية لابن كثير (11/160)، وتاريخ ابن خلدون (العبر) (3/191).

[22] انظر تفاصيل هذه الحوادث الإجرامية في كتابي: البراءة من المشركين (ص76) وما بعدها.

[23] الغيبة للطوسي (ص282)، بحار الأنوار (52/338) .

[24] وهو لقب مهديهم.

[25] بحار الأنوار (52/ 386).

[26] بحار الأنوار (53/ 104، 105).

[27] انظر بحث: مقالات الشيعة في أمصار المسلمين، منشور بمجلة البيان، عدد: 351.

[28] الاعتقادات (ص111)، المسائل للمفيد، وقد نقل ذلك عنه المجلسي في البحار (8/366)، بحار الأنوار (27/62).

[29] انظر: الألفين (ص3)، الأنوار النعمانية (2/308).

[30] يرى الشيعة أن النواصب هم أهل السنة، والقريب منهم كالشيعة الزيدية، فقد عدوا مجرد الاعتقاد بإمامة أبي بكر وعمر من النصب الذي هو أعظم الكفر عندهم.

عن محمد بن علي بن عيسى، قال: «كتبت إليه [يعني الهادي]: أسأله عن الناصب، هل أحتاج في امتحانه إلى أكثر من تقديمه الجبت والطاغوت واعتقاد إمامتهما؟ فرجع الجواب: من كان على هذا فهو ناصب» (وسائل الشيعة 9/491، بحار الأنوار 31/625 ، 69/135 )، ولهذا قال المجلسي: «قد يطلق الناصب على مطلق المخالف غير المستضعف، كما هو ظاهر من كثير من الأخبار» (مرآة العقول 4/72)، وقال شيخهم يوسف البحراني الملقب عندهم بالمحقق: «الناصب حيثما أطلق في الأخبار وكلام القدماء، فإنما يراد به المخالف» (الحدائق النضرة 18/158)، وقال المازندراني شارح الكافي: «المراد بالناصب غير الإمامية من فرق الإسلام» (شرح أصول الكافي 12/303 ).

[31] علل الشرائع ابن بابويه (ص200)، وسائل الشيعة (18/ 163)، بحار الأنوار (27/231).

[32] الشهاب الثاقب (ص266-267) .

[33] بحار الأنوار (93/71).

[34] رجال الكشي (ص529).

[35] وسائل الشيعة (28/323)، مستدرك الوسائل (18/164)، بحار الأنوار (23/89).

[36] رجال الكشي (ص342-343).

[37] رجال الكشي (ص199)، بحار الأنوار (72/179).

[38] أدب الطلب ومنتهى الأرب (ص70-71).

[39] بحار الأنوار 52/390 .

[40] علل الشرائع (1/229)، وسائل الشيعة (16/139)، بحار الأنوار (52/313) .

[41] الغيبة للنعماني (ص146).

[42] الغيبة للنعماني (ص154)، بحار الأنوار (52/354).

[43] محمد محمد صادق الصدر، أحد مراجع الشيعة المعاصرين، وكان من معارضي النظام العراقي، اغتيل مع اثنين من أبنائه عام 1999م، وهو والد مقتدى الصدر زعيم ما يسمى بـ«جيش المهدي» والمسؤول مع أمثاله من قادة الخلايا الرافضية الإجرامية عن جرائم القتل العام والإبادة في العراق.

[44] تاريخ ما بعد الظهور (ص483) .

[45] بحار الأنوار (52/376) .

[46] تفسير فرات (ص100)، بحار الأنوار (52/373) .

[47] تأمل وقارن هذا النص الصفوي بما يفعله ما يسمى بالشبيحة وعملاء النظام من أتباع هذا المذهب الصفوي من ذبح أهلنا في الشام بالسكاكين .

[48] بحار الأنوار (52/386).

[49] نزِق نَزَقًا من باب تعب: خف وطاش (المصباح المنير ص734).

[50] أصول الكافي (2/ 221-222).

[51] الحكومة الإسلامية (ص128).

(المصدر: مجلة البيان)

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى