الشيطان يترصد التوحيد (3 – 3)
بقلم سامي راضي العنزي
توقفنا في المقال السابق عند كيفية أو الآلية التي يقوى فيها المسلم ويضعف بسببها الشيطان الرجيم؛ وذلك مع ذكر الله تعالى، لا شك مع الذكر يكون المسلم هو الأقوى بهذا الذكر واستعانته بالله تعالى العظيم، وأن الشيطان وأتباعه أمام الإنسان المسلم دائم الذكر والاستعانة بالله يكونوا ضعفاء، وكما بينها لنا تعالى في كتابه: (إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً) (النساء: 76).
ونكمل في هذ المقال بيان المواقع والمواقف التي سخرها الله تعالى وجعلها منجاة للمسلم من مكائد الشيطان الرجيم، حيث جعلها بالفروض والأركان والسنن.
في الصلاة المفروضة، خمس مرات يجدد المسلم إسلامه وينقيه في اليوم والليلة وذلك في التشهد (الفجر، والظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء) هذه تسع مرات يكرر العبد الشهادتين ويجدد إسلامه وتوحيده وينقيه من الشوائب ما علم منها وما لم يعلم، فبالشهادتين نجدد توحيدنا وننقي إسلامنا وبدونها -الشهادتين- لا تقبل الصلاة، إضافة إلى ذلك السنن الرواتب 12 ركعة، أيضاً فيها تكرار الشهادتين 6 مرات، أضف إلى ذلك يوصينا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين سماع الأذان نردد مع الأذان أو المؤذن بما فيه “أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمد رسول الله” 5 مرات، وهكذا يصبح المجموع في اليوم والليلة الفروض والسنن الراتبة وترديد مع الأذان المجموع 20 في اليوم والليلة، يجدد المسلم إعلان الشهادتين منتصراً على ألاعيب الشيطان الرجيم الظاهر منها المعلوم، والدقيق الخفي غير المعلوم، ويجدد المسلم توحيده وإسلامه رغم أنف ألاعيب الشيطان الرجيم، وذلك بفضل الله تعالى ومنته، وهكذا نفهم خطورة ودقة الشرك الخفي، ورحمة الله بنا لنكون في أمان منه علمنا أو لم نعلم، وأهمية الخلاص منه كشرك خفي، أو غير خفي جهلاً وما شابه.
نعم، الركن الأول هو الإعلان حين الاقتناع، والأصل فيه هذا الإعلان إشهار تصديق النية التي جيرها العقل الراجح دخولاً في الإسلام من خلال هذا الإعلان.
للعلم، هناك من يزيد على الـ 20 مرة تجديداً بالشهادتين، وذلك من يصلي الضحى، ويصلي قيام الليل، ويصلي الشفع والوتر، وهذا لا يدل إلا على أن الشيطان الرجيم بالمرصاد للعبد المسلم ليمكر به، وبين ذلك الله تعالى في كتابه العظيم: (قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ) (الأعراف: 16)، ولكن الله تعالى الرحمن الرحيم نور الطريق للمسلم بفضله ومنته، فمكر بالشيطان الرجيم، وتعهد جل جلاله لعباده باللجوء إليه قائلاً: (إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلاً) (الإسراء: 65)، وما على الإنسان إلا أن يلجأ إلى الله تعالى ويستعين به على عدوه الذي خلقه الله تعالى بقدرات أكبر من قدرات الإنسان، وسبق الإنسان خلقة مسافات زمنية غير متخيله، فكانت له الخبرات والعلوم التي تعلو خبرات وعلوم الإنسان.
وهناك أيضاً الإعلان الكوني، وهو ظاهر في قول الله تعالى: (فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ) (المعارج: 40)، نعم تتعدد المشارق والمغارب، ففي كل جزء من الثانية هناك مشرق ومغرب على الأرض ترفع فيها المآذن بالشهادتين لإعلان التوحيد والإسلام الكوني إذا جاز التعبير، وهذه هي حقيقة تجديد التوحيد والإسلام على مستوى الفرد المخلوق، المخلوق من والجن والإنس، وعلى المستوى الكوني عموماً.
(المصدر: مجلة المجتمع)