الشيخ محمد اليافعي: “شهر رمضان” شهر الجهاد ومجاهدة النفس والتقرب إلى الله عز وجل
أكَّدَ فضيلةُ الشَّيخ د. محمد بن سالم اليافعي الخبير الشرعيّ بوزارة الأوقاف، مُدير فرع الاتّحاد العالمي لعلماء المسلمين بدولة قطر، أنَّ شهر رمضان هو شهر الجهاد بامتياز، إن جاز التعبير، فالمسلم يجاهد نفسه ابتداءً من القيام للسحور مرورًا بصيام النهار بما فيه من صبر على الجوع والعطش، وبذل المال بالصدقات، وانتهاءً بقيام الليل بصلاة التَّراويح والقيام، فرمضان هو شهر مُجاهدة النفس؛ طلبًا لرضا الله، سبحانه وتعالى.
وذكر -في حوارٍ له مع الراية – أنَّ رمضان حلَّ علينا هذا العام، وأُمتنا تنزفُ من كل صوب، حيث تكالبت عليها الأممُ، وهي بأمسّ الحاجة للعودة لربّها والتمسك بدينها وتوحيد كلمتها، مشددًا على دور عبادة صيام رمضان في تأليف قلوب المُسلمين وجمع كلمتهم وتوحيد صفّهم.
ونصح من يريد الفوز بالأجور المضاعفة في رمضان بمطالعة أحوال السلف الصالح في رمضان؛ لأنَّ مراجعة أحوال الصالحين وتذكر المتسابقين في الخيرات والتفكر في عبادتهم وحرصهم على استغلال كل دقيقة وتركهم المهم للانشغال بالأهم يحفز المسلم على اللحاق بهم، ومُسابقتهم في الخيرات ومنافستهم على الوصول إلى الفوز بأعلى درجات الجنة والعتق من النيران.
• كيف ترون أثرَ عبادة صيام رمضان في توحيد الأمّة الإسلامية؟
– يحلُّ علينا رمضان هذا العام وأمتنا تنزف من كل صوب، حيث تكالبت عليها الأمم، وهي بأمسّ الحاجة للعودة لربها والتمسك بدينها وتوحيد كلمتها، ولا شك أن رمضان له دور في هذه الأمور، فهو كالسحاب الذي يغيم على قلوب المسلمين بظلاله الإيمانية، فهو يذكّر الغني بالفقير حين يشتد جوعه قبيل المغرب وتزيد فيه صلة الجيران وإطعام الطعام والدعاء للمسلمين والتجمّع في التراويح.
• إلى أي مدى يمكن أن يطلق على رمضان شهر الدعوة إلى الله؟
– مع الإعلام اليوم ووسائل التواصل أصبح العالم كأنه قرية صغيرة، فدخول شهر رمضان يعرفه القاصي والداني، المُسلم وغير المُسلم، وأيضًا انتشار المُسلمين في الدول غير المُسلمة، فأصبح الجوّ الرمضانيّ يُولد التساؤلات في أذهان غير المسلمين، فمنهم من يجرب الصيام، ومنهم من يبحث عن الإسلام فيقرأ القرآن مثلًا، ومنهم من يطرح أسئلته حول سبب الصيام وغيرها من الأسئلة التي قد تكونُ سببًا لدخول الناس إلى الإسلام، وهكذا.
• ما تعليقُك على دعوة بعض المراكز الإسلاميَّة في الخارج غير المُسلمين لمشاركتهم الإفطارَ الجماعيَّ بالمركز؟
– المُسلم المُؤمن يجمع بين العزّة والكرم من جهة، ومن جهة أخرى يستشعر أنه داعيةٌ إلى دين الله بصفته أحد أبناء هذه الأمَّة التي هي خير أمَّة أخرجت للناس، قال تعالى عن المسلمين: (أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ) فلا يليق به أن يخفض جناح الذل لغير المسلم، وفي الوقت نفسه لا يفوت فرصة التعريف بالإسلام والدعوة إليه، قال تعالى مرشدًا موسى وهارون عن كيفية التحدث إلى أعتى طاغية في ذاك الزمان فرعون: (فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَىٰ)، فالمسلم في جميع أفعاله وتعاملاته مع غير المسلمين يوازن بين الحفاظ على عزّته كمسلم، وبين اللين من أجل دعوتهم، فيدرس أفعاله هل هي من باب التذلل وطلب قبولهم له كمغترب مثلًا، أم هي من باب دعوتهم للحق وإظهار شعائر الإسلام في أرض الله ومنحهم فرصة مخالطة المسلمين ليروا أخلاقهم وألفتهم وسماحتهم، فإن كان الثاني فهذه خطوة دعوية مهمة ليس فقط في بلاد الكفار بل حتى في البلاد الإسلامية، فدعوتهم تريهم أخلاق المسلمين مع بعضهم وأخلاقهم مع غيرهم وإيثارهم وصبرهم وتعاونهم وهي فرصة لمن لديه سؤال عن الإسلام، وفرصة لإهدائهم بعض الكتيبات الإسلامية وبعض النصائح الدعوية وتعريفهم بالمجتمع المسلم وإبطال ما يصوره الإعلام عن الإسلام والمسلمين.
• كيف نتعلم من النبي والصحابة جهاد النفس؟
– شهر رمضان هو شهر الجهاد بامتياز إن جاز التعبير، فالمسلم يجاهد نفسه ابتداءً من القيام للسحور مرورًا بصيام النهار بما فيه من صبر على الجوع والعطش، وبذل المال بالصدقات، وانتهاءً بقيام الليل بصلاة التراويح، فرمضان هو شهر مجاهدة النفس؛ طلبًا لرضا الله سبحانه وتعالى، وعرف شهر رمضان بشهر الجهاد والفتوحات، ومن رحمة الله بالمسلمين أنه أجاز لهم الفِطر في حال السفر والجهاد، مع بقاء الجو الرمضاني للمسافر والمجاهد في سبيل الله.
• ما النصائح التي توجهها للمسلم الذي يتطلع لمغفرة الذنوب في رمضان؟
– أفضل ما يمكنني أن أنصح به هو التجهيز قبل رمضان بأمرين؛ الأول: التوبة والاستغفار؛ لأن إزاحة الذنوب عن ظهر المسلم تنشطه وتبعث فيه روح العطاء، فالذنوب كالوزن الزائد متى ما كثرت تقاعس الإنسان، وصعبت حركته ومتى ما أزالها نشط وخفت حركته وازداد نشاطه، ثانيًا: قراءة أحوال السلف الصالح في رمضان، فمراجعة أحوال الصالحين قبل رمضان مع تذكر المتسابقين في الخيرات والتفكر في عبادتهم وحرصهم على استغلال كل دقيقة وتركهم المهم للانشغال بالأهم يحفز المسلم على اللحاق بهم ومسابقتهم في الخيرات ومنافستهم على الوصول إلى الفوز بأعلى درجات الجنة والعتق من النيران.
المصدر: جريدة الراية