الشيخ حسن يوسف وأولاده….. ماذا يحدث؟!
بقلم راجي سلطاني
ما زلنا نتحدث عن الذي حدث لمصعب ابن الشيخ حسن يوسف القيادي الكبير بحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في الضفة الغربية منذ سنوات. وما زلنا نذكر تلك القصة للتدليل على أن التربية وصلاح الأبناء هي من الله أولا وآخرا، وما عمل الآباء والأمهات فيه إلا التماساً للسبب، من باب الإعذار إلى الله .
وتبقى القاعدة: كم طالح لأب صالح، وكم صالح لأب طالح!
ولن ننسى أن ابن النبي نوح عليه السلام كان كافراً، ومات على كفره، رافضاً إلحاح أبيه النبي عليه من أجل أن يؤمن وينجو بنفسه من الغرق والهلاك.
وهي صورة مدهشة لضلال الأبناء رغم صلاح الآباء، فنوح عليه السلام ينادي على ابنه، وهو يصارع الغرق بين الأمواج المتلاطمة التي حذره منها أبوه أياماً طويلة.
وأبوه ينجو في سفينته التي أمره الله بصناعتها انتظارا للسيل.
وبرغم كل ذلك الذي رآه ابن نوح بعينيه، يصر مستكبراً على كفره، ويمضي للغرق أعمى البصر والبصيرة.
مصعب حسن يوسف، الابن الأكبر للشيخ حسن، خرج ليعلن عمالته لأجهزة الاستخبارات الصهيونية، ثم ليعلن بعد ذلك تركه للدين الإسلامي، واعتناقه للمسيحية.
وكم كانت الصدمة كبيرة على أبناء الحركة الإسلامية في كل بقاع الأرض، إذ كيف يحدث ذلك لابن قيادي كبير في الحركة الإسلامية في فلسطين.
وهو حادث عظيم غير مسبوق؛ اعتناق للمسيحية وعمالة للعدو الصهيوني الذي اغتصب أرضه ومقدساته، وقتل أهله، وما زال يعتقل أباه يوما بعد يوم، حتى أصبح أبوه يعيش في سجون الاحتلال أكثر من عيشه في بيته.
أكثر من عشرين عاما قضاها الشيخ حسن يوسف في سجون الاحتلال. ولا يخرج الشيخ من محبسه حتى ترتب له سلطات الاحتلال قضية أخرى ليعاد اعتقاله وسجنه، وهكذا دواليك.
بقيت قصة مصعب ابن الشيخ حسن يوسف صادمة باعثة على التساؤلات، وباعثة أيضا على الشفقة بالشيخ الذي فُجع في فلذة كبده. وأي فجعة يُفجعها الوالد مثل فجعته في ولده، عندما يضل ولده إلى الحد الذي يتخلى فيه عن دينه ووطنه وأهله.
أي فجعة يُفجعها الوالد مثل فجعته في ولده، عندما يضل ولده إلى الحد الذي يتخلى فيه عن دينه ووطنه وأهله
ثم جاءت الفاجعة الأخرى، ونحن لمّا نستفق من الأولى بعد.
أعلن صهيب الابن الثاني للشيخ حسن عمالته للصهاينة، وكشفه -على حد تعبيره- لكثير من خفايا حركة المقاومة الإسلامية حماس. وجاء هذا الإعلان على شاشة قناة صهيونية، وما زالت المقابلة مع صهيب لم تُذع بعد، وما زال الترقب لها والانتظار.
تضامن الآلاف مع الشيخ حسن في حملة على مواقع التواصل الاجتماعي بعنوان #كلنا_أولادك. وتعددت كلمات المواساة والتأييد والنصرة للشيخ المجاهد، والتعزية في فجيعتيه في ولديه الاثنين.
لكن، يُلحّ السؤال: ما الذي حدث لولدي الشيخ؟!
من الممكن أن يتحدث البعض عن خلل في التربية قد وقع على الولدين من قِبل الوالد والوالدة.
وقد يكون مبعث هذا الخلل غياب الوالد في سجون الاحتلال لأغلب عمر الولدين، وما يمثله غياب الوالد من غياب المربي الأكبر والقدوة المباشرة للأبناء.
وقد يكون مبعث هذا الخلل التربوي القسوة الشديدة في التربية من الوالدين، والمنع الكبير من كل شيء، مما يكون له الأثر العكسي الصارخ في السعي ناحية النقيض والخلاف.
ومن الممكن أن يتحدث البعض عن خلل نفسي عند الولدين، مبعثه غياب الوالد، وتعرضه للقمع والقهر من جانب الاحتلال الصهيوني، مما كان له أثر نفسي ضاغط، كان من نتائجه ذلك الانفجار الهائل.
من الممكن أن يتحدث الكثيرون عن أسباب محتملة كثيرة، غير أن الذي يظهر لي من خلال متابعة القضية ومحاولة تفسيرها، أن الاحتلال قد مارس بأجهزته الأمنية والمخابراتية عملية مقصودة من أجل تجنيد هذين الولدين خاصة، وذلك للنيل من الشيخ حسن يوسف، وللنيل من حركة حماس بالكلية.
الاحتلال قد مارس بأجهزته الأمنية والمخابراتية عملية مقصودة من أجل تجنيد هذين الولدين خاصة، وذلك للنيل من الشيخ حسن يوسف، وللنيل من حركة حماس بالكلية
هي عملية مخابراتية مقصودة من الاحتلال، الغرض منها ليس جمع المعلومات عن حماس بقدر الرغبة في إحداث ضجة إعلامية تساعد على كسر الروح المعنوية عند أبناء الحركة، وكسر الثقة في قياداتها، إذ كيف يصل الخلل عند أبناء قيادات الحركة الكبار إلى هذا الحد، حد ترك الدين والعمالة الكاملة للعدو.
في حوارات مصعب حسن يوسف، الولد الأول للشيخ، أثنى الولد على أبيه ثناء كبيراً، وحملت كلماته عنه تقديراً كبيراً لوالده الشيخ.
وفي ذلك إشارة إلى أن السبب فيما حدث ليس سوءاً في التربية من الوالدين، وإلا لما كان هذا التقدير الكبير للوالد والثناء الجميل عليه.
كما أن قصة مصعب تقول: إنه اعتُقل وسجن في سجون الاحتلال فترة من الزمان، وهي الفترة التي حدثت فيها الحادثة، وبدأ التجنيد، بعد التنكيل والإرباك، ثم الإغراء والإفساد.
الاحتلال الصهيوني احتلال بلا أخلاق، سيعمد إلى كل الوسائل الممكنة من أجل أن يكسب معركة أو جولة، حتى وإن كانت مجرد جولة إعلامية.
التنكيل والتعذيب في المعتقلات والسجون قادر على أن يذهب بالعقول، وقد حدث هذا حقاً في السجون العربية للمعتقلين السياسيين الإسلاميين، وفقد البعض عقله، فما بالنا بسجون الاحتلال.
تنكيل شديد يذهب بالعقول، ثم إغراء وإفساد كبيران يذهبان بها أكثر وأكثر، ثم تكون الفاجعة.
كتب الله على الشيخ حسن يوسف أن يكون رمزا من رموز هذه الأمة في الثبات والتضحية من أجل دينه ووطنه، ثم ليكون رمزا للصبر على ما رزأه الله به في أولاده وفلذات كبده.
كتب الله على الشيخ حسن يوسف أن يكون رمزا من رموز هذه الأمة في الثبات والتضحية من أجل دينه ووطنه، ثم ليكون رمزا للصبر على ما رزأه الله به في أولاده وفلذات كبده
لنا أن نتخيل حال الشيخ وهو مأسور الآن في سجون الاحتلال، عندما يأتيه الخبر بان ابنه الثاني قد لحق بابنه الأول عميلا خائنا.
كم ستكون حسرة الرجل، وكم ستكون تساؤلاته، وكيف ستكون مناجاته لربه، ولعله سيقول: يا ربي، لقد سُجنت من أجلك وفي سبيلك، وتركت لك أسرتي وأولادي، فلم فجعتني فيهم، أما كانت عافيتك هي أوسع لي؟
ولكن أمثال الشيخ حسن، وإن كان الله قد فجعهم في أبنائهم، فلن يفجعهم في دينهم ويقينهم وصبرهم، وسينزل عليهم برد الإيمان وطمأنينة اليقين.
وستلهث ألسنتهم بالدعاء والذكر، دعاءٍ بالصبر والثبات، وذكرٍ بالحمد والحوقلة والاسترجاع.
كلنا أبناؤك أيها الشيخ الجليل، ولن ينسى التاريخ الإسلامي لك، يوم أن كتبت في ابنك الأول مصعب تحت عنوان (فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه).
لقد تبرأت منه عندما تأكدت أنه عدو لله ولوطنه ولأهله.
وينتظر منك التاريخ أيها الشيخ الجليل بيانك الثاني، تتبرأ فيه من ابنك الثاني صهيب، لتثبت للعالم كله، أن قضيتك قضية دين وعقيدة ووطن ومقدسات، وأنك على استعداد للتضحية بنفسك وولدك من أجلها.
نسأل الله لك أيها القائد الكبير الثبات والصبر، ونسأل الله أن يردك إلى أهلك من سجون الاحتلال سالما غانما، وأن يرد إليك ولديك سالمين غانمين مهتدين، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وهو حسبك وحسبنا ونعم الوكيل.
(المصدر: موقع بصائر)