الشيخ المقرئ الحافظ العالم بالقراءات محمد عبده خوجة
كاتب السيرة محمد عدنان كاتبي
الشيخ محمد بن عبد القادر خوجة، الشهير بالشيخ محمد عبده (1289 ـ 1371هـ / 1872 ـ 1951م).
مقرئ، حافظ، عالم بالقراءات.
ولد في مدينة حلب حي (الكلاسة)(1) سنة: تسع وثمانين ومئتين وألف للهجرة، وتلقى تعليمه الأولي في أحد كتاتيب الحي، فحفظ فيه القرآن الكريم، ثم لازم الشيخ محمود السنكري، وأعاد عليه حفظ القرآن الكريم وأخذ عنه القراءات السبع عن طريق (الشاطبية)، كما قرأ عليه الفقه والعربية، ثم عمل إماماً في جامع (الرحيمية)، وافتتح فيه كُتّاباً لتعليم القرآن الكريم والقراءة والكتابة لأبناء حيه، فكانت له اليد الفضلى على معظم أبناء هذا الحي، يعلم أطفالهم في النهار وشبابهم ورجالهم في الليل، وكثر طلابه والآخذون عنه، ونبغ منهم عدد من العلماء وطلاب العلم والمقرئين، فمن العلماء الذين أخذوا عنه الشيخ محمد بهاء هبراوي، والشيخ محمد الياقتي ومن المقرئين نبغ الشيخ حسن مقرش، والشيخ حسن قشقش، والشيخ محمد مطر(أبو قصي)، بالإضافة إلى عدد كبير من الفضلاء والوجهاء وعامة الناس، ومنهم والدي الحاج عمر كاتبي، رحمه الله.
امتاز الشيخ بقوة صوته وجماله، وحسن أدائه، وإتقانه للمقامات والنغمات العربية، وكان يحسن أداء رقصة السماح التي كانت تؤدى في الزوايا والتكايا.
طيب القلب، بين الصلاح والتقوى والخوف من الله، رقيق الحاشية
غزير الدمعة، كريم النفس، سخي اليد، كثير الإحسان للفقراء والضعفاء(2).
ظل الشيخ على همته العالية في تعليم القرآن الكريم، ونشر العلم إلى أن وافته المنية، يوم الأحد الرابع من شهر ذي الحجة سنة: إحدى وسبعين وثلاثمئة وألف للهجرة، وحزن عليه أهل الحي، وشيعوه بجنازة حافلة إلى مقبرة (الكليباتي)، حيث ووري الثرى، رحمه الله.
ـ جامع الرحيمية ـ
________________________________________________________
المصادر والمراجع
1- ترجمة أملاها عليّ حفيده الشيخ عدنان شغالة.
2- مقابلة شفهية مع والدي الحاج عمر كاتبي ـ رحمه الله ـ حدثني فيها عن ذكرياته عن طفولته، وفضل الشيخ المترجم عليه، وعلى كثير من أبناء الحيّ.
3- مقابلات ومشافهات مع عدد من تلاميذ الشيخ.
===========
(1) تقدم الحيث عنه في ترجمة الشيخ محمد فاتح هبراوي، ص 35 من الكتاب.
(2) حدثني كثير من المعمرين الذين أدركوا الشيخ، وتعلموا عنده العجب العجاب عن كرم الشيخ وسخائه وعطفه على الفقراء، من ذلك ما سمعته من والدي رحمه الله مراراً: أنه نشأ يتيماً لا يعرف والده وعندما بلغ من العمر ست سنوات، أخذه أحد أقاربه إلى الشيخ محمد عبده، وقال له: هذا ابن الحاج عبد العزيز كاتبي رحمه الله، فانتبه إليه، فأولاني الشيخ عنايته الفائقة، واشترى لي ثياباً جديدة (صدرية)، وكان يشاركني ورفاقي الفقراء ـ وما أكثرهم في ذلك الوقت ـ طعامه عند الغداء، فإذا كان يوم الخميس وجاءه الطلاب (بالخميسية)، دعانا ووضع لكل واحد منا مبلغاً من المال في ورقة وطوها، وأمرنا أن نوصلها لأمهاتنا.. قلت: (ليت معملي القرآن في عصرنا يقتدون بالشيخ، ويجعلون هدفهم تعليم القرآن ونشر العلم، لا جمع المال كما هو الحال عند أكثرهم).
(المصدر: رابطة العلماء السوريين)