الشيخ أحمد الشماع – العالم المفسر المحدث الفقيه
كاتب الترجمة فياض العبسو
مولده ونسبه:
هو الشيخ التقي العالم العامل الفقيه الحنفي المفسر أبو محمد أحمد بن الشيخ العالم محمد بن إبراهيم بن أحمد الشماع الحلبي الرفاعي الحنفي .
ولد في مدينة حلب الشهباء، ليلة الاثنين الثالث من شهر صفر الخير،1290هـ،الموافق للأول من شهر نيسان،1873م.
نشأته ودراسته:
نشا في أسرة علمية متدينة، محبة للعلم والعلماء،؛حفظ القران الكريم عن ظهر قلب في سن مبكرة على والده .
ثم اتجه إلى طلب العلم الشرعي،
وسبب طلبه للعلم:
انه كان يعمل مع أخواله في حرفة السنكرة، فمر به والده وهمس في أذنه: أرغبت عن طلب العلم إلى حرفة السنكرة يا أحمد ؟وتلا عليه قول الله تعالى:( ألم يأن للذين ءامنوا أن تخشع قلوبهم لذكرالله وما نزل من الحق ……. الآية ). فتأثر عند سماعه لهذه الآية الكريمة، فترك العمل واغتسل، واتجه إلى طلب العلم الشرعي، وانكب على تحصيله، وكان عمره يومئذ ثماني عشرة سنة، وكان لا يفوت ساعة من ليل أو نهار إلا في طلب العلم، حتى أصبح عالماً يشار إليه بالبنان .
أهم شيوخه:
أبرز العلماء الذين تلقى عنهم العلم، والده، والشيخ التقي العالم الجليل:أ حمد المكتبي الكبير رحمه الله تعالى، الذي تأثر به كثيرا، واستفاد من علمه الغزير… ولاسيما في علوم اللغة العربية، والشيخ العلامة الفقيه بكري بن أحمد الزبري، مفتي حلب، والذي أجازه بمروياته التي أجازه بها شيوخه .
أقرانه:
عاصر الشيخ نخبة طيبة من العلماء منهم: الشيخ الفاضل والعالم العامل محمد سعيد الإدلبي، وعالم حلب الكبير الشيخ المحدث محمد نجيب سراج الدين الحسيني، والشيخ الفرضي عبد الله المعطي، والشيخ الفقيه الكبير أحمد الكردي مفتي حلب، والشيخ التقي النقي إبراهيم السلقيني،والشيخ الصالح المحب الفاني عيسى البيانوني، والشيخ العلامة الكبير الفقيه أحمد الزرقا، وغيرهم، رحمهم الله جميعا رحمة واسعة .
تلاميذه:
تتلمذ على الشيخ وتخرج على يديه في المدرسة الخسروية ثلة من كبار العلماء المعاصرين، منهم: العلامة الشيخ المجاهد محمد الحامد الحموي، و الشيخ العلامة المحدث المفسر الفقيه عبد الله سراج الدين الحسيني، والشيخ المعمر العلامة اللغوي الفقيه أحمد القلاش، والعالم الفقيه الأديب الدكتور محمد فوزي فيض الله، والعلامة المحدث الفقيه الأصولي اللغوي عبد الفتاح أبوغدة، والعلامة الفقيه محمد الملاح، والعلامة الفقيه الكبير القانوني الأديب الشاعر مصطفى الزرقاء، وفرضي حلب الشيخ محمد نجيب خياطة، وأخواه: الشيخ الطبيب المحدث عمر خياطة والشيخ عبد الرحمن خياطة، والشيخ العالم الصالح احمد الإدلبي، ورجل الدولة والقانون السياسي المخضرم الفقيه الأصولي محمد معروفا لدواليبي، والشيخ العالم الفقيه محمد الغشيم، والشيخ الفاضل عبد الوهاب سكر،والشيخ الفقيه محمد عثمان بلال مفتي حلب، والشيخ عبد الجواد العطار،والشيخ المربي الفاضل محمد أديب حسون، والشيخ الشاعر المحب بكري رجب،
والشيخ الفاضل مصطفى مزراب، والشيخ المحدث القارئ الخطيب الجريء طاهر خير الله،والشيخ المحدث النسابة محمد زين العابدين الجذبة،والشيخ العالم العابد الزاهد محمد الحجار، والشيخ المفسر الفقيه محمد علي الصابوني … وغيرهم كثير .. رحم الله من سبقنا إلى جوار ربه، وحفظ الله الباقين منهم .
عمله ووظائفه:
عمل إماماً في مسجد العطارين، ومسجد الديري،وخطيباً في مسجد الحدادين، ومدرساً في الجامع الأموي الكبير بحلب، بالإضافة إلى عمله في الخسروية مدرساً لمادة التفسير.و كان في آخر حياته، يستقبل طلابه بعد صلاة العشاء من كل يوم، وخاصة يوم الجمعة .
صفاته:
كان الشيخ مربوع القامة، أبيض مشربً بحمرة، ورعاً زاهداً متواضعاً كريما سخيا، وكان يمازح أهله ويبتسم في وجه من يلقاه، يكثر من قيام الليل، كثير القراءة والمطالعة في كتب العلم، وإذا استعصى عليه فهم شيء، قام من الليل يدعو الله ويبكي ويتوسل إليه أن يفتح عليه،و كان يكرر لفظ الجلالة ( الله، الله، الله )، من بعد صلاة العصر، حتى أذان المغرب .
مؤلفاته وآثاره:
لم يؤلف الشيخ كتباً، بل ألف رجالاً، لاشتغاله بالعلم والتعليم، ولكن جمعت خطبه في مجلد ضخم، بعنوان: الخطب الجمعية، جاهز للطباعة، وموجود عند أولاده .
من أقواله ووصاياه:
كان يوصي أبناءه بتقوى الله تعالى، ويقول لهم: إني لا أسامح أحداً منكم بلقمة العيش، إذا لم يؤد الصلاة المفروضة عليه وكان يقول: زلة الجاهل يسترها الجهل، وزلة العالم يضرب عليها بالطبل . ويقول: تعمرون القصور وتنسون القبور، تعظمون المخلوق وتنسون الخالق .
وفاته ومراثيه:
عاش الشيخ بالعلم وللعلم حتى آخر حياته، حيث فارق الحياة الدنيا، مأسوفاً عليه من الجميع، وكان آخر ما تكلم به: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله، عليها حييت، وعليها أموت، وعليها أبعث إن شاء الله، وجعل يكررها حتى فارق الحياة، وذلك في يوم الأربعاء الحادي عشر من ربيع الأول، الموافق: 12 نوفمبر 1953 م، وكانت جنازته مشهودة، ودفن في مقبرة الصالحين بحلب، بالقرب من قبر صديقه الأثير العلامة الشيخ محمد سعيد الإدلبي . فرثاه العلماء والمحبون، وممن رثاه تلميذه الأديب الشاعر الشيخ بكري رجب بقصيدة، قال فيها:
بكت العيون بدمعها المدرار
بكت العيون وحق أن تبكي دماً
يا فجعة الإسلام في أحشائه
جل المصاب وقد تعاظم وقعه
يا أحمد الشماع رزؤك فادح
لك في القلوب منازل ومطالع
فعليك رحمة ربنا ورضاهما
أسفاً على إرث النبي المختار
من مدمع قد فاض كالأنهار
يا نكبة العلماء في الأمصار
بقلوبنا فغدا كلذع النار
وكذاك رزء السادة الأخيار
كالشمس تجري لا على استقرار
بكت العيون بدمعها المدرار
( 1 ) ترجمة ذاتية مستفادة من أولاده الكرام، في سوق الزهراوي بحلب .
وانظر ترجمته في كتاب: إعانة المجدين في تراجم أعلام المحدثين من الشيوخ
الحلبيين، المجلد الثاني، مخطوط، للشيخ أحمد بن محمد السردار رحمه الله .
وكتاب: نخبة من أعلام حلب الشهباء، للشيخ عبد الرحمن بن الشيخ حسين
الأويسي.إلا أنهما ذكرا سنة ولادته: ( 1287 هـ ) الموافق ( 1870 م).
(المصدر: رابطة العلماء السوريين)