الشاطبي والاعتصام والموافقات وركوب البحر
بقلم زهير سالم
تعرفت على الإمام الشاطبي من كتابيه ” الاعتصام بالكتاب والسنة” و”الموافقات”
أما الأول فأجمل ما تعلمت منه، والشيخ رحمه الله تعالى يحض على النظر والاجتهاد وترك التقليد، قوله في شرط من يجتهد في دين الله “وأن يكون علمه بلغة العرب علم الخليل بن أحمد وسيبويه، لا أقول أن يحفظ حفظهما ولكن أن يفهم فهمهما”
راجعوا هذه العبارة في الربع الأول من صفحة يسرى في الكتاب.
ولا تباع هذه العبارة بكنوز الدنيا في الرد على الأعشار والأبضاع يقولون “نحن رجال وهم رجال” قال واحدهم ونختلف على الشاطبي في تعريف البدعة وهل عرف الشاطبي البدعة إلا بالحق والحقيقة…
أما كتابه الموافقات …
فلا أزعم يوما أنني ارتقيت إلى قراءته، وقد قرأت كثيرا ، واغترفت كثيرا ، ولكن لا أظن أنني اشتفيت. والمورد العذب كلما ذقته طلبت المزيدا .
ومن يك ذا فم مر مريض يجد مرا به الماء الزلالا
ولا أظن أننا في عصر وجد فيه من يقرؤه،فيبلغ منه ما أراد كاتبه إلا من رحم ربي …
والحقائق في كتب من نوّر الله بصيرتهم سجف تحجب حقائق الأنوار على من غلبت عليهم ظلمة أرواحهم أو كثافة عقولهم فأني يبصرون …
وكان أبو حامد الغزالي الإمام يقول عن مثل من يقرأ هذا الكتاب” أندر من الكبريت الأحمر ..”
من أربعين سنة أبحث عن عالم أقرأ عليه صفحات من الموافقات وأسأله فيجيبني، وقد عرضت حتى مللت وأتذكر دائما قوله تعالى ” فسالت أودية بقدرها ” ولعل قوما لا يسيل في وديانهم غير السافيات ..
حكاية أخرى ..
كان الأخفش الكبير أستاذا يُقرأ عليه كتاب سيبويه، فكان إذا جاءه التلميذ يقرأ عليه كتاب سيبويه يسأله : هل ركبت البحر قط …؟؟؟ تنبيها على صعوبة العلم، والحاجة إلى الصبر.
وكذلك كان سادتنا الفقها إذا جاءهم المتفقه يقرأ عليهم علم الفقه سألوه : هل ركبت البحر قط ؟؟!!
ويوم بدأنا دراسة علم الفقه من كتاب ” فتح باب العناية ” سألَنا الشيخ المحقق رحمه الله تعالى : هل ركبتم البحر قط ؟؟
ركبناها بحارا ومحيطات وكان اسم الله مجريها ومرساها .
(المصدر: رابطة العلماء السوريين)