أعطت الشرطة السويدية، أمس الثلاثاء، تصريحاً لمسجد مدينة فيكشو بجنوب السويد برفع أذان صلاة الجمعة لمدة 3 دقائق أسبوعياً، ويعد هذا المسجد هو الثالث الذي يحصل على تصريح رفع أذان الجمعة في السويد.
وحول أهمية هذه الخطوة بالنسبة لمسلمي السويد، أوضح د. عثمان الطوالبة، باحث ومدرس في فقه الأقليات المسلمة في جامعة أوبسالا في السويد (أقدم جامعة في الشمال الأوروبي)، بأن إعطاء تصريح رفع أذان صلاة الجمعة هو تأكيد أن السويد ما زالت بخير، في هذه الفترة الحرجة التي تشهدها القارة الأوروبية، التي يتعاظم فيها شأن وتأثير اليمين المتطرف العنصري، الذي ينادي بديمقراطية غير ليبرالية، لا مكان فيها للأخر المختلف دينياً أو ثقافياً”.
وأضاف: إمكانية رفع أذان صلاة الجمعة في السويد تؤكد أن حرية التدين في السويد مكفولة للجميع، وأن الحوار ولغة التواصل مع مجتمع الأكثرية، فيها ضمان لحقوق مسلمي السويد، كما أنها تساعدهم على تحديد واجباتهم كمواطنين سويديين، ضمن إطار القانون السويدي الذي يساوي بين جميع المواطنين، دون استثناءات.
وتابع: ومن ناحية أخرى، فإن السماح برفع أذان الجمعة عبر مكبرات الصوت الخارجية، يعطي انطباعاً طيباً للمسلم، بأنه مرحب به في هذه البلاد، وكما يعزز الشعور بالمواطنة والانتماء للسويد، حيث تترسخ قناعات الاندماج الإيجابي والتواصل مع الآخر، ويتضاءل الشعور بالغربة المكانية والفكرية وينكمش.
ولفت إلى أن السويد من البلدان المنفتحة، وديمقراطيتها مشهود لها بتعددية ثقافية ودينية ناصعة، تعكس لوحة فسيفسائية جميلة لجميع مكونات المجتمع السويدي، وهذا أمر نفتخر به كمسلمين سويديين.
ثالث مسجد
ورداً على سؤال لـ”المجتمع” عما إذا كانت هناك مساجد أخرى قد سبقته بأخذ تصريح برفع أذان الجمعة، أوضح الطوالبة، وهو كذلك عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وعضو لجنة إفتاء السويد، بأن التصريح الذي حصل عليه مسجد مدينة فيكشو جنوب السويد، ليس هو الأول من نوعه، وسبقه إلى ذلك مسجدان اثنان، أحدهما في إحدى ضواحي العاصمة السويدية أستوكهولم، في منطقة فتيه، وأما المسجد الآخر فهو في مدينة كارلسكرونا، وهذان المسجدان كباقي مساجد السويد، يقدمان خدمات كثيرة للمسلمين وغير المسلمين.
وأشار الطوالبة إلى أن الحصول على تصريح رفع الأذان لصلاة الجمعة بشكل أسبوعي سهل في السويد، حيث يتم بسلاسة عبر التواصل مع مديرية الشرطة المحلية بطلب خطي، لأجل الحصول على التصريح، والشرطة بدورها تعطي التصريح مضبوطاً بشروط فنية تقنية، تتعلق بمدى الصوت الذي سيخرج من مكبرات الصوت في المسجد، بحيث لا تتعدى حرية التدين على حريات الآخرين، وتصبح مصدر إزعاج لمحيط المسجد.
وثمن هذه الخطوة، مضيفاً: وهذا أمر إيجابي نرحب به كمسلمين ونسعى إليه، فالمحافظة على تماسك نسيج المجتمع المحيط بالمسجد، وضمان تواصله واندماج مكوناته مع بعضه البعض، هو مقصد مهم لنا في هذه البقعة من العالم.
مسلمو السويد
يبلغ عدد سكان السويد نحو 9 ملايين نسمة، ومساحتها 450 ألف كيلومتر مربع، وهي رابع أكبر دولة في أوروبا من حيث المساحة، انضمت للاتحاد الأوروبي عام 1995، وتعتبر السويد البلد الذي لم يشارك في أي حرب منذ نحو قرنين.
ويقدر عدد مسلمي السويد بأكثر من 400 ألف نسمة، من إجمالي 9 ملايين هم تعداد السكان الإجمالي بحسب مصادر الرابطة الإسلامية في السويد.
ويتواجد المسلمون بكثافة في ثلاث مدن رئيسية، هي أستوكهلم العاصمة في الوسط، وجوتمبرغ في الغرب، ومالمو في أقصى الجنوب، وينحدر المسلمون من أصول عربية خاصةً من العراق والصومال وإريتريا ومن أصول بلقانية من البوسنة وتركيا.
وتعتبر العلاقة مع الدول في تحسن مستمر؛ كنتيجة لزيادة وعي المسلمين بحقوقهم المدنية ومطالبتهم بها.
(المصدر: مجلة المجتمع)