في بادرة تهدف إلى القضاء على ظاهرة تسوّل الأطفال التي أضحت تمسّ بشكل كبير بصورة البلاد، تعمل الحكومة السنغالية على تشييد مدارس قرآنية “عصرية”، لتعويض نظيرتها التقليدية، والتي ينحدر منها المتسوّلون الصغار.
مشروع طموح يمتد إلى حدود 2018، ويتجسد عبر تشييد 64 مدرسة قرآنية منتشرة على كامل تراب البلاد تأتي لتعوض المدارس القرآنية التقليدية، يرى النور بفضل تمويلات البنك الإسلامي للتنمية. خطوة تصبو الحكومة من ورائها إلى اجتثاث ظاهرة تسوّل الأطفال، خصوصا وأنّ طلاّب المدارس القرآنية التقليدية، هم المعنيون بها، حيث عرف عنهم، منذ سنوات، بأنهم يجوبون شوارع المدن والأرياف، للتسوّل من المارة.
بينيتا لو، سيّدة التقت بها الأناضول في العاصمة السنغالية داكار، تقول، معقّبة عن الموضوع: “رافقت ابني إلى إحدى المدارس القرآنية، أو ما يصطلح على تسميته بلغة الوولوالمحلية “الدارا”، بتكاليف ترسيم تبلغ 30 ألف فرنك إفريقي (52 دولار)، فعلى الأقلّ هناك، لن ينجرّ ابني نحو التسول”.
وتقدر التكلفة الجملية لمشروع تحديث المدارس القرآنية بـ 20 مليون دولار، وقد انطلق منذ 2014، وسرعان ما انضم المستثمرون الخواص إلى مجهود البناء، وانطلقوا في تشييد مدارس قرآنية مواكبة للعصر، لا تتيح المجال للإنزلاق نحو أنشطة أخرى مثل التسوّل، بل تستقبل الأطفال وتعلّمهم القرآن الكريم وتوفر لهم الوجبات الغذائية في اطار لائق”.
ظاهرة تسوّل الأطفال في السنغال بارزة للعيان، وقد صدر في شأنها عدد كبير من التقارير الجمعياتية والحكومية، وسبق وأن وجهت إليها أصابع الاتهام بمساهمتها في تفاقم وضع ما لا يقل عن 30 ألف طالبا من طلاب المدارس القرآنية المجبرين على التسوّل بشكل يومي، وفقا لدراسة أجرتها الحكومة السنغالية في 2014.
مشروع طموح ممّا لا شكّ فيه، غير أنّ المعركة تتطلّب نفسا طويلا، لا سيّما وأنّ الظاهرة امتدّت على الزمن لمدّة وصلت إلى “10 سنوات” تقريبا، كما أشار إلى ذلك تقرير منظّمة “هيومن رايتس واتش”، الصادر بداكار في أبريل/ نيسان الماضي، تحت عنوان “عقد من التجاوزات في المدارس القرآنية”، والذي إعتبر أنّ السلطات السنغالية، “لم تتكفّل بمسؤوليتها” في متابعة المسؤولين عن هذه الظاهرة، أو في سنّ قوانين لهذه المدارس تحظر هذا النشاط.
المصدر: وكالة الأناضول.