السبتيون .. مسيحيون متهوّدون في مصر
إعداد محمد فتحي النادي
إن أكبر أقلية مسيحية في العالم العربي تعيش في مصر، وأغلب هؤلاء على المذهب الأرثوذكسي. والكنيسة القبطية كنيسة عالمية تتمايز عن الكنيسة الكاثوليكية، وعن البروتستانت. وبابا الكنيسة القبطية هو خليفة لمرقس تلميذ المسيح -عليه السلام، وصاحب أحد الأنجيل الأربعة المعترف بها لديهم. كل ذلك لم يمنع من وجود طوائف أخرى تختلف عن المذهب السائد لمسيحيي مصر.
ومن هذه الطوائف التي لها وجود بمصر، ومعترف بها من الدولة طائفة الأدفنتست السبتيين، وإذا كان المسيحيون الأرثوذكس أقلية في مصر، فإن هذه الطائفة أقلية بين الأقلية، وقد أطلق عليها البعض: أقلية الأقلية([1]).
التعريف
وكلمة “الأدفنتست” هي من الكلمة الإنجليزية “Adventist”، والتي تعني: المجيء، وكنيستهم تسمى: “Seventh-day Adventist Church”، أي: الكنيسة السبتية. وهي كنيسة حديثة جدًّا؛ إذ إنها ظهرت في الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1831م، وتم تسجيلها رسميًّا هناك سنة 1861م([2]).
ولكنها نشطت في دعوتها الرسالية، ولم يكد القرن العشرين ينتصف حتى كان لها وجود في مصر؛ إذ دخلتها سنة 1932م، وهذا الدخول كان في شكل الأعمال الخيرية، وقد تمكنوا من إشهار جمعياتهم، ومن ثم أصبح نشاطهم قانونيًّا([3])، وبدأوا في إنشاء مدارس اتحاد النيل بالعديد من الأماكن بدأت بحي المطرية بالقاهرة([4]).
ويقع المقر الرئيسي لهم في ميدان روكسي في مصر الجديدة، ويحمل شعار الطائفة، والذي يجمع بين الصليب والإنجيل والشعلة. ومنهم أغنياء كبار في مصر يملكون شركات للأطعمة وأدوات التجميل. وقد كانوا بالآلاف لكنهم في نقصان دائم لهجرة الكثير منهم للخارج، حتى صاروا بالمئات في مصر.
نبذ الكنائس المشرقية لهم
وهم قد ركّزوا نشاطهم بين المسيحيين الأرثوذكس لتحويلهم لمذهبهم، وهذا أثار ضدهم الكنيسة القبطية، حتى إنها اعتبرتها طائفة غير مسيحية؛ فقد قرر المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية رسميًّا برئاسة البابا شنودة الثالث في جلسته المنعقدة في يوم السبت 17 يونيو سنة 1989م اعتبار أن طائفتي السبتيين وشهود يهوه طوائف غير مسيحية، ولا يُعترف بترجمات الكتاب المقدس الخاص بهم([5]).
من مجمل عقائدهم
وهي وإن كانت كنيسة بروتستانتية إنجيلية إلا أنها لها ما يميزها عن البروتستانت فضلاً عن الكاثوليكية والأرثوذكسية.
1 – تقديس يوم السبت
فهم يقدّسون يوم السبت بدلاً من الأحد، ويخصصونه لخدمة الرب، وذلك استنادًا لرؤية لإيلين وايت، قالت: إنها شاهدت فيها الوصية الرابعة من الوصايا العشر “اذكر يوم السبت لتقدسه”([6]) تلمع بنور باهر، وهم لا يتنازلون عن هذا التقديس، ولو اضطرهم ذلك لعدم حضور فصولهم الدراسية أو الامتحانات إذا وافقت يوم السبت([7]).
جاء في موقعهم الرسمي: “إن الخالق الصالح بعدما أنهى عمل خليقته في ستة أيام, استراح في اليوم السابع، ومن ثم أسس فريضة حفظ يوم السبت لكل شعبه كتذكارٍ لخليقته. والسبت هو -أيضًا- رمز لفدائنا التام في المسيح, وعلامة على قداستنا، ودليل على ولاءنا، ونذير عن حياتنا الأبدية في مملكة الله”([8]).
وهذا التقديس هو سبب تسميتهم بالسبتيين، وهو سبب اتهامهم بأنهم ليسوا مسيحيين، وأنهم بذلك يتشبهون باليهود.
وقد حاول القس “سمير حلمي البرباوي” رئيس طائفة السبتيين نفي تلك التهمة عنهم فقال: “إننا نقدس يوم السبت، والتقديس ليوم السبت عندنا يختلف عن اليهود، فنحن نقدس يوم السبت؛ لأنه يوم للراحة، ولكن اليهود يقدسونه بنوع من التزمت فلا يضيئون الأنوار يوم السبت ولا يلمسون كبس الكهرباء لكننا نفعل كل هذا لأنه يوم للراحة”([9]).
وهذا تبرير ضعيف جدًّا من جانب القس، ولم يستطع من خلاله رفع اللبس في سبب مخالفة المسيحيين في العالم كله في تقديس يوم الأحد، ومتابعة اليهود في تقديس يوم السبت. وهم بذلك يكونون قد مزجوا بين إيمانهم بالمسيح والإنجيل وتقديس اليهود ليوم السبت.
2 – المجيء الثاني للمسيح
وهم يؤمنون بقرب المجيء الثانى للمسيح؛ وقد سبق الإشارة إلى أن كلمة أدفنتست تعني مجيء، وكان مؤسس الطائفة الأمريكي وليم ميلر قد ادعى بأن المسيح سيوف يعود للأرض بين تاريخي 21 مارس/آذار 1843 و21 مارس/آذار 1844، وهو ما لم يحدث. وقد ذكر الأب شنودة أنهم يؤمنون بثلاثة مجيئات للسيد المسيح([10]).
ولهاتين الفكرتين: المجيء للمسيح وتقديس السبت يقال لهم: أتباع “كنيسة حلول اليوم السابع”، أو “المجيئية”، أو “السبتيون”، أو “المجيئون في اليوم السابع”([11]).
3 – تمرد الملائكة
يرون أن إبليس قد قاد نخبة من الملائكة إلى التمرد على الله([12]). وهذا القول لم أقف على أحد قد قاله قبلهم، أو سبقهم فيه، فالمتمرد هو إبليس وحده، ولم يؤسس خلية من نخبة الملائكة للتمرد على الله، وإذا كان فعل ذلك فما مصير هذه النخبة من الملائكة المتمردين؟
4 – امرأة نبية
ومما تفرد به هؤلاء السبتيون قولهم بأن إلن ج هوايت نبية، فقالوا: إن موهبة النبوة هي إحدى المواهب التي يمنحها الروح القدس، وتعتبر تلك الموهبة هي إحدي العلامات المميزة للكنيسة الباقية, وقد تجلت تلك الموهبة في كرازة السيدة إلن ج هوايت. وكنبية مرسلة من الله, تعتبر كتاباتها مصدرًا موثوقًا به للحق الذي يمنح الكنيسة الإرشاد, والتوجيه والتصحيح. كما تؤكد كتاباتها على أن الكتاب المقدس هو دستور الإيمان الذي ينبغي أن تُبنى عليه كل تعاليم الكنيسة واختباراتها([13]). وهذا قول متهافت جدًّا؛ فلكل نبي معجزة، وما معجزتها، وما دليل نبوتها، إن سلمنا بنبوة النساء من الأساس.
خاتمة
هذه الطائفة لم تخرج في سمتها العام عن المسيحية الصهيونية، التي ترى عودة المسيح وحكمه للبشر ألف عام، وتدعيمها للكيان الصهيوني المحتل، يقول البابا شنودة: “شهود يهوه والسبتيون يعتقدون أن أورشليم ستصبح عاصمة العالم الجديد”([14]). لذا فهذه الطائفة ليس لها قبول أو انتشار واسع بين المصريين المسيحيين نظرًا لهذه الميول لليهودية والصهيونية الواضحة.
([1]) داليا هاشم: الأدفندست، أو السبتيون: حكاية أقلية الأقلية في مصر، موقع رصيف22.
([2]) الأنبا بيشوي مطران دمياط: الأدفنتست السبتيون، والرد على عقائدهم الخاطئة، موقع الأنبا تكلا.
([3]) السابق.
([4]) الأدفنتست السبتيون.. مذهب صنعته سيدة حلمت بالمسيح، موقع بوابة الحركات الإسلامية.
([5]) موقع الأنبا تكلا.
([6]) سفر الخروج، الأصحاح العشرون، الآية: 8.
([7]) الأدفندست، أو السبتيون: حكاية أقلية الأقلية في مصر، موقع رصيف22.
([8]) موقع كنيسة الأقباط الأدڤنتست السبتيين مصر – السودان.
([9]) نشر في مصر الجديدة يوم 16/5/2011م، موقع مصرس.
([10]) موقع الأنبا تكلا.
([11]) السبتيون نصارى متهودون أم يهود متنصرون، موقع الألوكة.
([12]) موقع كنيسة الأقباط الأدڤنتست السبتيين.
([13]) السابق.
([14]) إبراهيم الحارثي: الصهيونية من بابل إلى بوش، ص(148).
(المصدر: إسلام أونلاين)