مقالاتمقالات مختارة

الرسوم المسيئة لرسول الله في منهاج الثورة من يقف وراءها؟ وما ردة فعل الناس حولها؟ وما النتائج السلبية المترتبة عليها؟ 1

الرسوم المسيئة لرسول الله في منهاج الثورة من يقف وراءها؟ وما ردة فعل الناس حولها؟ وما النتائج السلبية المترتبة عليها؟ 1

بقلم أ. د. عبد المجيد الحميدي الويس

لم يكن يخطر في بالي يوما أن هناك بيننا في الثورة من يجرؤ على الاقتراب من المقدسات، والمساس بمقام رسول الله، لاسيما بعدما حصل ويحصل في بلاد الغرب من معركة كبيرة يشنها المتطرفون الغربيون، سواء أكانوا أفرادا، أم كانوا جماعات وأحزابا، أم دولا ورؤساء دول، بحجة الحرية الشخصية، وحرية الرأي والفكر، بينما مجرد التشكيك بالمحرقة اليهودية تقوم الدنيا ولا تقعد، وتشن حرب على صاحب الرأي توصله إلى السجن، والقضاء عليه، وإنهائه وهو حي، والشواهد كثيرة..

    ومع كل الضجيج الإعلامي المصاحب لأي عمل انتقامي ثأري من قبل أحد ممن يوصفون بـ (المتطرفين) المسلمين، واتهامهم بـ (الإرهاب)، ووصف العمل في وسائلهم الإعلامية والوسائل الموجهة من قبلهم بالعمل الإرهابي، فإن الثائرين دفاعا عن رسول الله مازالوا موجودين، ومازالت المظاهرات تملأ الدنيا في شرق البلاد الإسلامية السنية وغربها، عندما يتجرأ أحد الموتورين المتعصبين على النيل من مقام النبوة..

    إن الحرب على الإسلام والمسلمين، والإساءة لرسول الله صلى الله عليه وسلم قديمة قدم الدعوة الإسلامية، ويحدثنا القرآن الكريم عن جانب مهم منها، وهو يتصدى للدفاع عن رسول الله، والمعركة الإعلامية محتدمة منذ ذلك التاريخ ومازالت، بحسب ثقافة العصر وأدواته.

     في العصر الحديث بدأت القضية في الغرب – كما أحسب – بالآيات الشيطانية، وسلمان رشدي الإيراني الشعوبي، والرسومات المسيئة التي طبعن على الملابس النسائية، وتعرض وقتها لتهديدات كثيرة نغصت عليه حياته، وظل خائفا تحرسه السلطات البريطانية.

      تواصلت بعدها الإساءات ونشر الرسوم في الدانمارك، وأذكر وقتها أنني كنت أعمل أستاذا للعربية والبيان القرآني في جامعة صنعاء، حيث قامت الدنيا ولم تقعد، وعمت المظاهرات اليمن ولاسيما صنعاء، وتعطلت الدراسة، وشلت الإضرابات البلد، وبدأت المراكز البحثية المنتشرة في صنعاء بعقد الندوات والمحاضرات التي تثقف الناس للتصدي لهذه الظاهرة الجديدة، والوقوف بوجهها من خلال التظاهر ومقاطعة البضائع الدانماركية، وغيرها.

     وأذكر أنني كنت أنا وزميلي العالم المصري الكبير الأستاذ الدكتور أحمد يوسف بشير الذي كان يرافقني ندعا من مركزين إلى محاضرتين وندوتين ومشاركتين في أمسية واحدة أحيانا، فنقدم واحدة، ونؤخر الأخرى، لأن الاعتذار غير مقبول، وكان أن جمعت تلك المحاضرات ونشرتها لي جمعية الإصلاح – مشكورة مأجورة – في دار الكتاب الجامعي، تحت عنوان ( محبة الله لرسوله ودفاعه عنه في القرآن الكريم) ووزعته مجانا، وآمل أن أعيد طباعته مرة أخرى قريبا إن شاء الله.

    وأذكر أيضا أن الدانمارك خسرت المليارات نتيجة المقاطعة الكبيرة لبضائعها من قبل العالم العربي والإسلامي في ذلك الوقت.

    خبت المعركة قليلا لكنها ما لبثت أن اشتعلت بقوة في فرنسا، بعد أن أعادت إحدى المجلات الفرنسية نشر تلك الرسوم المسيئة لرسول الله التي كانت نُشرت في السويد، وثارت عليها ضجة كبيرة من قبل المسلمين، وتكللت ببعض العمليات التي وصفت بـ ( الإرهابية) وأدت إلى مقتل عدد من الصحفيين، ومقتل مدرس، وصفع ماكرون رئيس فرنسا..

      وبالمناسبة فإن الكاتب والصحفي السويدي الذي أساء لرسول الله صلى الله عليه وسلم، قد تعرض لحادث سير منذ أيام دبره له رب العالمين حامي رسول الله عندما يعجز البشر من الوصول إليه، ومات حرقا بطريقة بشعة هو ومرافقيه من الشرطة السويدية، ولم يستطع أحد إنقاذهم أو إطفاء النار عنهم.. وهذا ما ذكرنا بقوله تعالى مدافعا عن سيدنا رسول الله: }تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ{1} مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ{2} سَيَصْلَى نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ{3} وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ{4} فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ{5}المسد.

     الغريب في الأمر أن تنتقل عدوى الرسوم المسيئة إلى أرض العرب والمسلمين، وعلى يد أساتذة ودكاترة وأكاديميين وفنيين عرب ومسلمين كنا نظن بهم خيرا، وإلى مؤسسات تتبع لأنبل وأشرف وأطهر ثورة في التاريخ المعاصر؛ الثورة السورية، وممن يدعون أنهم من ثوارها، وهي الثورة التي كان شعارها: (هي لله لا للسلطة ولا للجاه.. قائدنا للأبد سيدنا محمد..)..

     ولقد اخترقت الثورة في كثير من مفاصلها ولاسيما في قيادتها السياسية، وفي قيادتها العسكرية، وانحرفت عن مسارها بعد أن تمكنت الثورة المضادة منها، وسلمتها لغير أهلها، ممن يعملون لصالح النظام المجرم والجهات المعادية للثورة؛ سواء أكانت عربية أم  إقليمية أم دولية، وإن كان للزميل الدكتور أحمد هواس رأي آخر يقول: (مخابرات النظام لم تخترق الثورة، فالاختراق يعني أنّ ثمة جدارًا صلبًا تمّ العمل على اختراقه، والحقيقة “المرّة” أن المخابرات كانت حاضرة في الثورة منذ اللحظة الأولى، حيث تم تكليف عدد من عناصرها بارتداء ثوب الثورة، ذلك أنّ الثورة أغفلت صناعة جهاز استخباراتي، لذا كان العبث بها سهلًا تحت مقولة “الثورة تجبّ ما قبلها” وكأن الثورة دين منزل.)…

     المثير للعجب والاستغراب أن يصل الفساد والاختراق إلى المؤسسة التعليمية والتربوية، وإلى المناهج المدرسية، فهذا مؤشر خطير جدا، ونتائجه مدمرة على مستقبل أجيالنا وديننا ووطننا وأمتنا.

   الشيء الجميل المفرح الذي يثبت أن هذا الدين محفوظ، وله رجال تحميه، أن الإخوة المعلمين والمدرسين مشكورين تنبهوا مبكرا إلى هذه الرسوم المسيئة، وهذا الدس الشعوبي، ووقفوا عليها، وأوقفوا تدريس الكتاب، ونبهوا الجهات المسؤولة، ونشروا الفضيحة على الملأ، وهاج الثوار في المحرر، واشتعلت الصفحات منددة، وانبرى رجال الثورة للدفاع عن دينهم ورسولهم وثورتهم، وقاموا بالمظاهرات المنددة، وكتبوا التغريدات والمقالات وبدأت المراصد بإرسال التسجيلات والمقاطع الصوتية التي ترصد الحدث الجلل وتنشره وتنبه الناس عليه، فأسقط في يد المسؤولين على هذا العمل المشين، وانكشفت مؤامرتهم الدنيئة القذرة، وانفضحوا فضيحة مدوية.

   تم جمع النسخ في المحرر وحرقها، وخرجت المظاهرات المنددة، وجرت التجمعات الاحتجاجية، وتفاعلت القضية كثيرا، ومازالت تداعياتها مستمرة.. يتبع..

  في الحلقة القادمة سأعرّف بالأشخاص الذين قاموا بالعمل، وأتناول ردود الأفعال الإيجابية المنددة، والسلبية المدافعة، وفي الحلقة الثالثة سأتحدث في النتائج المترتبة على هذا العمل المشين إن شاء الله.

المصدر: رسالة بوست

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى