الردود العلمية على منكري السنة النبوية (20)
بقلم الشيخ علي القاضي (خاص بالمنتدى)
قال الإمام ابو الحسن ابن بطال: “وكذلك ما حدثهم به من سنته فهو عن الله أيضاً؛ لقوله تعالى: (وما ينطق عن الهوى) [1]
وقال (صلى الله عليه وسلم) : (أوتيت الكتاب ومثله معه) قال أهل العلم: أراد بذلك السنة التى أوتى.[2] “
قال الإمام بدر الدين الزركشي: “مسألة السنة المستقلة بتشريع الأحكام
ولهذا لم يفرد إمام الحرمين السنة عن الكتاب. وقال: كل ما يقوله النبي – صلى الله عليه وسلم – عن قول الله تعالى، فلم يكن لذكر فصل بين الكتاب والسنة معنى، ونص الشافعي في الرسالة على أن السنة منزلة كالقرآن محتجا
بقوله تعالى: ﴿واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة﴾ [3]فذكر السنة بلفظ التلاوة كالقرآن، وبين سبحانه أنه آتاه مع الكتاب غير الكتاب، وهو ما سنه على لسانه مما لم يذكره فيه، ولهذا قال – صلى الله عليه وسلم -: «ألا إني قد أوتيت الكتاب ومثله معه»[4] ، وفي بعض طرقه أنه قال: «دخل يوم خيبر لما حرم لحوم الحمر» . قال الحافظ الدارمي: يقول: «أوتيت القرآن، وأوتيت مثله» من السنن التي لم ينطق بها القرآن بنصه، وما هي إلا مفسرة لإرادة الله به، كتحريم لحم الحمار الأهلي، وكل ذي ناب من السباع، وليسا بمنصوصين في الكتاب.[5] “
وقال الإمام ابن القيم:” وما أخبر به الرسول عن الله فهو في وجوب تصديقه والإيمان به كما أخبر به الرب تعالى على لسان رسوله هذا أصل متفق عليه بين أهل الإسلام لا ينكره إلا من ليس منهم وقد قال النبي ” إنى أوتيت الكتاب ومثله معه”[6]
ومن شروح علماء العصر لهذا الحديث:
قال العلامة الأزهري محمد عبد العظيم الزرقاني:” ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم: لقد أوتيت الكتاب ومثله معه أنه أوتي من الوحي غير المتلو مثل الوحي المتلو تبيناً له وتوضيحا وكل من عند الله قال تعالى ﴿وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى﴾ . [7]“
قال العلامة مناع القطان:” ومن القرآن ما لا يعلم تأويله إلا ببيان الرسول -صلى الله عليه وسلم- كتفصيل وجوه أمره ونهيه، ومقادير ما فرضه الله من أحكام، وهذا البيان هو المقصود بقوله، صلى الله عليه وسلم: ألا وإني أوتيت الكتاب ومثله معه. [8]“
وقال الشيخ عبد الله الجديع:” قوله عليه السلام (ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه)
ففي هذا إبانة عن كون السنة مما أوتيه النبي – صلى الله عليه وسلم -، وأنها في إفادة التشريع كالقرآن، وهذا معنى المثلية في الحديث مؤكدا بإنكار التفريق بينهما في المثل المضروب. [9]“
قوله عليه الصلاة والسلام (وإن ما حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم كما حرم الله)[10]
قال الإمام المباركفوري :”وقال ابن حجر أي ما حرم وأحل رسول الله صلى الله عليه وسلم كما حرم وأحل الله”[11].
قال الإمام ابو الحسن السندي:” فما حرم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ هو عين ما حرم الله فإن التحريم يضاف إلى الرسول باعتبار التبليغ وإلا هو في الحقيقة لله والمراد أنه مثله في وجوب الطاعة ولزوم العمل به” [12]
قال الإمام علي القاري:” (ما حرم رسول الله – صلى الله عليه وسلم -) ، أي: في (غير) القرآن (كما حرم الله) ، أي: في القرآن وفي الاقتصار على التحريم من غير ذكر التحليل إشارة إلى أن الأصل في الأشياء إباحتها. [13]“
_______________________________________________________
[1] . النجم: ٣
[2] . شرح صحيح البخاري ٣٥٨/١٠ لابن بطال
[3] . الأحزاب: ٣٤
[4] . رواه أبو داود
[5] . البحر المحيط في أصول الفقه ٦/٦-٧ للزركشي
[6] . الروح ص٧٥ لإبن القيم؛ طرح التثريب١٥/١ للإمام زين الدين العراقي؛ وحاشية السندي على سنن ابن ماجه٣/١
للإمام ابي الحسن السندي.
[7] . مناهل العرفان في علوم القرآن٦٢/٢
[8] . مباحث في علوم القرآن ص٣٤٧؛ و المنار في علوم القرآن مع مدخل في أصول التفسير ومصادره ص١٦٩ للدكتور محمد الحسن؛ التفسير والمفسرون ٤٣/١الدكتور محمد السيد حسين الذهبي؛ وجوب العمل بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم وكفر من أنكرهاص٢٣ العلامة عبد العزيز بن باز.
[9] . تيسيرُ علم أصول الفقه ص١٤١عبد الله الجديع
[10] . رواه الترمذي رقم ٢٦٦٤وحسنه
[11] . تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي ٣٥٦/٧ للإمام ابي العلا محمد المباركفورى
.[12] حاشية السندي على سنن ابن ماجه٩/١ السندي
[13] . مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح٢٤٧/١ للقاري