الردود العلمية على منكري السنة النبوية (18)
بقلم الشيخ علي القاضي (خاص بالمنتدى)
سأقتصر على بعض اعتناء عمر رضي الله عنه بالسنة ونشرها
لأن منكري السنة يحتجون بأدلة ضعيفة سنداً ومعنى بأن عمر رضي الله عنه منع من نشر السنة وروايتها !والعجيب أنهم يضعفون كثير من الأحاديث المتفق عليها ويصححون بعض مالم يصح عن عمر من منعه نشر السنة !!مع أن ما صح منها فلا يعني غير تثبت عمر رضي الله عنه في السنة لا ردها كما يهرفون وهذه بعض الآثار في نشر عمر للسنة والعمل بها:
” عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه اما بعثه عمر لأهل البحرين قال: إن أمير المؤمنين بعثني إليكم أعلمكم كتاب ربكم وسنة نبيكم وأنظف لكم طرقكم”[1] .
روى الإمام احمد في مسنده:” قال عمر رضي الله عنه ألا إني والله ما أرسل عمالي إليكم ليضربوا أبشاركم، ولا ليأخذوا أموالكم، ولكن أرسلهم إليكم ليعلموكم دينكم وسنتكم، فمن فعل به شيء سوى ذلك فليرفعه إلي، فوالذي نفسي بيده إذا لأقصنه منه”[2]
وقال عمر رضي الله عنه :”تعلموا الفرائض والسنة كما تتعلمون القرآن”[3]
وكان عمر والصحابة عامة رضي الله عنهم يصرحون أن السنة النبوية هي المصدر الثاني للتشريع ويأمرون بذلك
قال الإمام ابو الحسن بن بطال المالكي:(روى الشعبى عن شريح (أنه كتب إلى عمر بن الخطاب يسأله، فكتب إليه: أن اقض بما في كتاب الله، فإن لم يكن في كتاب الله ففي سنة رسول الله…)
عن الشعبى قال: (لما بعث عمر شريحا على قضاء الكوفة قال: انظر ما تبين لك في كتاب الله ولا تسأل عنه أحدا، وما لم يتبين لك في كتاب الله فاتبع فيه سنة رسول الله وما لم يتبين لك فى السنة فاجتهد رأيك )[4]
قال الحافظ ابن حجر : (وفي رواية الشيباني عن الشعبي عن شريح أن عمر كتب إليه نحوه وقال في آخره (اقض بما في كتاب الله فإن لم يكن فبما في سنة رسول الله فإن لم يكن فبما قضى به الصالحون فإن لم يكن فإن شئت فتقدم وإن شئت فتأخر ولا أرى التأخر إلا خيرا لك )فهذا عمر أمر بالاجتهاد فدل على أن الرأي الذي ذمه ما خالف الكتاب أو السنة وأخرج بن أبي شيبة بسند صحيح عن بن مسعود نحو حديث عمر من رواية الشيباني )[5]
وكان عمر رضي الله عنه يحذر من أعداء السنة الذين يعتمدون في ردها على أمزجتهم وأرائهم ويلوم من قال برأيه دون أن يبحث عن النص في السنة
قال الحافظ ابن حجر(وأما ما أخرجه البيهقي عن عمر قال :إياكم وأصحاب الرأي فإنهم أعداء السنن أعيتهم الأحاديث أن يحفظوها فقالوا بالرأي فضلوا وأضلوا ٠ فظاهر في أنه أراد ذم من قال بالرأي مع وجود النص من الحديث لإغفاله التنقيب عليه فهلا يلام وأولى منه باللوم من عرف النص وعمل بما عارضه من الرأي وتكلف لرده بالتأويل )[6]
وكان عمر وقافا عند السنة كما كان وقافا عند القرآن ومن ذلك أخذه بحديث عبد الرحمن بن عوف في الطاعون ورجع من الشام امتثالاً لهذا الحديث الناهي عن الدخول الى ارض الطاعون [7]
وكان عمر لا يرى نصيبا للزوجة في دية زوجها فرجع إلى توريثها لحديث الضحاك بن سفيان[8]
وكان الصحابة يغلظون على مخالف السنة في أمور خلافية فقهية
قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن المتخلف عن صلاة الجماعة:” ولو صليتم في بيوتكم وتركتم مساجدكم تركتم سنة نبيكم صلى الله عليه وسلم، ولو تركتم سنة نبيكم صلى الله عليه وسلم لكفرتم.[9]“
وأصله في صحيح مسلم بلفظ:” ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم” [10]
وهذا على سبيل التغليظ والزجر أو لأن ترك السنن شيئاً فشيئاً قد يجر إلى الخروج عن الدين كما قال شراح الحديث
وقد تقدم معنا قول ابن عمر رضي الله عنهما في كفر من لم ير القصر في الصلاة في السفر مجزئاً لتضمن ذلك رده السنة الصحيحة الثابتة
فكيف بمن يترك السنة كلها جحوداً وإنكارًا لها أو تشكيكًا بأغلبها ؟!! راداً بذلك أحكاماً شرعية كثيرة انفردت بها السنة وأصبحت من المعلوم بالدين بالضرورة التي يكفر منكرها
ومعنى أو ضابط المعلوم من الدين بالضرورة لخصه الأئمة كمال يلي:
قال الإمام ابن أمير الحاج الحنفي:” والمعلوم بالضرورة الدينية إنما نشأ عن ظهور كونه من الدين ظهور اشتراك في معرفة كونه منه الخاصة والعامة”[11]
___________________________________________________
[1] . رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح، مجمع الزوائد ٢١٣/٥ للإمام الهيثمي
[2] . رواه احمد رقم ٢٨٦؛ الحاكم في المستدرك ٤ / ٤٣٩ وقال :صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي
وحسنه الإمام الضياء المقدسي في كتابه المختارة حديث رقم ١١٦ وصححه الإمام ابن كثير وغيره في مسند عمر بن الخطاب ٥٤٤/٢ لابن كثير
[3] . جامع بيان العلم وفضله ٣٥/٢ للإمام ابن عبد البر القرطبي
[4] . شرح صحيح البخاري ٣٥٣/١٠ لابن بطال
[5] . فتح الباري٢٨٨/١٣وسكت عنه. في الفتح فهو حسن لا صحيح لإنه صححه نحوه عن ابن مسعود وصححه في موافقة الخبر الخبر ١٢٠/١ لابن حجر؛ ورواه الإمام البيهقي في السنن الكبرى رقم ٢٠٣١٣؛ والإمام ابن عبد البر في الاستذكار ٩٩/٧
[6] . فتح الباري ٢٨٩/١٣
[7] . صحيح البخاي ٥٧٢٩ ؛ مسلم ٢٢١٩
[8] . سنن الترمذي ١٤١٥وصححه ورواه ابو داود وغيره
[9] . سنن ابي داود رقم٥٥٠وسنده صحيح
[10] . صحيح مسلم ٦٥٤
[11] . التقرير والتحبير في أصول الفقه١١٤/٣ شمس الدين ابن أمير حاج