مقالاتمقالات مختارة

الردة الحديثة

الردة الحديثة

بقلم الشيخ محمد الغزالي -رحمه الله-

الارتداد دميم الوجه مقبوح السريرة، ونحن قد نصم بالارتداد مسلك فرد انقلب علي وجهه، وهذا حق! ولكن الخسران الأعظم هو ارتداد أنظمة تيمن على السياسة والثقافة، وتحرك المجتمع والدولة..!

وقد لاحظنا أن هذا الارتداد العام يتسم بقسوة القلب وظلام الفكر وقلة الإنتاج، وأن الأمم فى ظله تتقهقر حضاريا، وتنتشر فى كيانها الجراثيم الفتاكة، وتضعف فى الداخل والخارج. ثم تلقى بعد فشلها فى الحياة الدنيا ما ينتظرها من عقاب فى الآخرى مصداق قوله تعالى : (ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة).

ولنذكر أن المسلمين فى حياة رسولهم العظيم فقدوا بضع مئات من الشهداء وهم يقاومون الوثنية وينشرون التوحيد، أما فى مقاومة الارتداد الذى حدث فى أعقاب انتقال الرسول إلى الرفيق الأعلى فإن الخسائر زادت أضعافا، ولم يقمع الصديق رضى الله عنه فتنة المرتدين إلا بعد مسيرة طويلة من مواكب الشهداء… ذهبوا إلى الله راضين مرضيين بعد أن ثبتوا أعلام الحق وصانوا بيضة التوحيد!

والأنظمة المرتدة فى العالم الإسلامى تتبع خطى مسيلمة فى إراقة الدماء، وغباء الرأى، وشؤم المسلك، إن قتل الألف كقتل الواحد، وقتل الواحد كقتل ذبابة! وقد رأيت مقاتل الإسلاميين فى أقطار شتى، فوجدتها أضعاف ما قتل الاستعمار العالمى فى طغيانه الممتد، وأضعاف ما قتل الصهاينة من عرب فلسطين!.

إن الأنظمة العلمانية المنسلخة عن الإسلام لا تتقى الله فى معاملة الغير أو فى معاملة من ينكر عليها ارتدادها ويريد أن يستبقى الأمة على دينها.

وقد نشأت عن ذلك أوضاع نفسية هامدة وأوضاع اقتصادية فاشلة. طالعت تقريرا للبنك الدولى عن الإنتاج الأفريقى فرأيت العجب من قلة تسرف على نفسها وكثرة متماوتة فى مكانها، وإنتاج لنصف مليار من السكان لا يساوى إنتاج أصغر الدول فى أوروبا..

قلت: ما أشبه هذه البلاد بأغلب البلاد فى عالمنا العربى الذى يأكل كثيرا ويعمل قليلا ويغتال قويه ضعيفه وينسى الجميع ربهم..

إن التزاحم على اقتسام نهر الفرات شديد بين تركيا وسوريا والعراق، وما أحسب أحدا خطر بباله قوله تعالى : (قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورا فمن يأتيكم بماء معين) وما النيل يغيض أحيانا ويفيض حينا لعل ورَّاده يذكرون من أجراه ويتقون الله! فهل من مذكر؟.

إن للأنظمة المرتدة حسابا آخر غير حساب الأنظمة الكافرة! إنه حساب أقسى وأنكى فليس من يعلم كمن يجهل.

لعل من معالم هذا الحساب هو الفشل فى الدنيا قبل الخزى فى الآخرة..

ترى ماذا قدم جبابرة العرب الذين زعموا أنهم فينا عباقرة؟! ماذا قدموا لأمتهم الضائعة؟ وتدلل إسرائيل، وتذللنا نحن فى المحافل الدولية، والكساد والبطالة والحيرة!!.

ماذا لو عادوا إلى الإسلام؟ وتابوا عن فتنة الجماهير المكروبة؟.

المصدر: الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى