الربيع العربي وأثره على التيارات السلفية والجهادية (2)
بقلم عبدالله العامري
في هذا الجزء وتكملة للمقال السابق وفي ظل هذه المتغيرات الحاصلة وما وقع من هبات جديدة في كل من السودان والجزائر .. بدا لكل متتبع مدى الوعي المنتشر بين جموع الشباب الثائر من خلال إصراره على اقتلاع النظام من جذوره، بغض النظر عن الآليات التي يستخدمها المحتجون، إلا أن الوعي الصحيح بداية النصر..
خارطة طريق
وفي ظل ما يقع، على أهل الخير والصلاح في التيار الإسلامي الذي يتبنى الخط التغييري بطبيعة الحال أن يجتمعوا ويضعوا خارطة طريق يتفقون فيها على أهم القضايا المشتركة (وما أكثرها!) والانصهار في الجموع الثائرة بغية ترشيدها وتوجيهها التوجيه الصحيح كيلا تضيع الثمرة (ثمرة هبة الناس التي لا تتكرر) ويتحقق الفشل في الحفاظ على المكاسب، فتنقلب الأمور بنتائج عكسية كما الحال في مصر وليبيا.
وعليهم أيضًا أن يقطعوا الصلة بمخلفات الماضي وسلبياته وينبذوا الآراء الشاذة وسوء استخدام فتاوي تصلح لبلد دون آخر ، مع الحرص على تصدير أهل العلم والرأي والخبرة في جميع المجالات (الشرعية والاجتماعية وغيرها).
كذلك العمل على نبذ التعصب للأشخاص والكيانات مهما بلغ شأنها (إذا حادت عن الحق).
وهاهنا سؤال يطرح نفسه وبقوة:
ما معالم الخط العام الذي يجب على العاملين للإسلام أن يمسكوا بزمامه كي تتحول الفوضى التي تعم التيار الإسلامي ليصبح ذا قوة وفاعلية وتأثير فيقود المرحلة الراهنة وكذا المقبلة إلى بر الأمان عبر عمل نبوي رشيد؟
الجواب أنه -وفي ضوء ما تقدم من طرح لما قد يؤول إليه أمر الجماعات بعد انصهارها في جموع الأمة وبيان بعض الأمور المهمة التي يجب أن تحرص عليها الأمة- لابد من التنبيه على أمر مهم، وهو أن مسألة التنظيرات كثيرة ومتشعبة ويزيد عمقها بإشكالية تنزيلها على أرض الواقع وما يصاحب ذلك من إكراهات.. لكن ومع هذا فإن أقرب التنظيرات للصواب تلك التي خرجت من ذوي الفضل والسبق.. وما ذاك إلا لأن أصحابها ممن عايش الواقع بل شارك في صنع القرار..
بعض الحلول المقترحة
أشير إلى بعض ما على العاملين للإسلام فعله كي يرتقوا بحال أمتهم والله الموفق والمعين:
1- على الحركات وقيادات العمل الإسلامي بشكل عام إبعاد الشخصنة، وقد تجلت أمراضها في كل من مصر وسوريا فلم تزد الساحة إلا ضعفًا وهوانًا.
2- تشكيل تنسيقية/ لجنة إدارة أزمة يديرها رجال متخصصون في كل المجالات، فإذا ما حصلت أزمة يبادر لحلها. وتكون هذه الإدارة ذات وضع قضائي يلزم الجميع بالخضوع له مع الحرص على استقلالية قرار الإدارة.
3- على قادة العمل الإسلامي أن يؤمنوا أن إدارة الحركة/ الكيان/ التجمع، يجب أن تكون جماعية، وأن تكون هناك لجنة مستقلة من أهل العلم تضبط ذاك التجمع أو الكيان، وتضمن عدم استبداد هذا الطرف أو تقاعس ذاك، ويقصد بإدارة الحركة ما يُعرف في الأدبيات السياسية الحديثة بفصل السلط، فلا يمكن أن يكون شخص واحد يحمل أكثر من مسؤولية ومهمة بينما يبقى الآخرون فارغين.
4- تنقية الصف من بواعث الغلو ومظان التمييع، والحرص على تتبع سياسة رشيدة في الأمور الشائكة؛ كالعلاقة مع باقي المكونات الثورية بأن ينزل كل مخالف منزلته فإن هذا يعطي مساحة في الفقه الإسلامي بكيفية التعامل معه، فلا يمكن جمع الأعداء بله المخالفين في سلة واحدة، وكذلك العلاقة بالمحيط الإقليمي والدولي (طالبان في أفغانستان نموذج ناجح في هذا المضمار وللاستزادة في معرفة أسباب نجاحهم يرجع لمقالات كتبها الأستاذ حامد عبد العظيم في مجلة كلمة حق).
5- الحرص على بناء آلة إعلامية متينة تراعي فهوم الناس، مع الارتقاء بهم إلى الحد المعقول في الفهم والإدراك.. وتتبنى طرحًا قويًّا في تبيان عدالة قضية الشعوب المسلمة المقهورة ولفت النظر إلى ما يقوم به أعداؤها، وبث الوعي الصحيح بين أبناء الإسلام، وكذا التركيز على بث خطاب توعوي للمسلمين في الأطراف (شرق آسيا وأفريقيا)، وليكن الخطاب بلغاتهم فإن أمانة توعيتهم بأهمية الشعور بالروابط الإيمانية مع إخوانهم (العرب) له تأثير كبير في كسر إرادة حكامهم من العلمانيين والنصارى في الإبقاء على حاجز اللغة والبعد الجغرافي سببًا في إبعاد قضيتهم عن محور اهتمام باقي المسلمين.
6- تبشير أهل الإسلام بعودة الخلافة الراشدة وتبيان معالمها للناس (وأنها حق وإن شوهها المدعون “داعش نموذجا”)، وفي هذا المقام يرى د. حاكم المطيري أن معالم الدولة تتمثل في السيادة، بحيث لا يمكن أن تكون من صنع العدو الخارجي..
ويرى الدكتور أن إرجاع الخلافة دين على الأمة بغض النظر عن وجود نصوص تبشر بذلك! فالواجب على أهل الإسلام عامة وأهل العلم خاصة إيجاد رؤى ونظريات واقعية للعمل في البيئة القادمة التي بشر بها مالك بن نبي وجعلها كقضية حتمية في التاريخ .. وأشار الدكتور حاكم إلى أنه في حالة تعذر إقامة نظام الخلافة كمنطق سيطرة وحكم وقوة فلا أقل من إقامة أهل كل قطر عربي وإسلامي نظام حكم إسلامي راشد ليكون قنطرة للتوحد مع باقي الأطراف الإسلامية لإرجاع الخلافة كنظام سياسي إسلامي يوحّد أهل الإسلام. (الدولة الراشدة فريضة شرعية وضرورة سياسية، سوانح الفكر، اليوتوب).
7- الحرص على نظام الشورى وإلزاميته مع فتح الباب لكل مَن يدلي بجديد يفيد العمل الإسلامي، وتشجيع مَن تظهر عليهم علامات النباهة والتميز. والحرص على إعداد الأجيال بمدأ الترابط (كترابط المسبحة)، بحيث إذا قدر للصف الأول أن يذهب بموت أو غيره يُستخلفون بمن أعد سالفًا، ونتيجة عدم الأخذ بهذا الأمر هي غياب كثير من المشاريع العملية بمجرد ذهاب الرمز والموجه.
8- وأخيرًا.. أختم باقتباس من مقالة للأستاذ أحمد مولانا في مقال سابق له في مجلة كلمة حق هذه عنون لها (برؤية للعمل).. فجعل أهم مرتكزات العمل الإسلامي في اللحظة الراهنة:
1- صناعة الوعي 2- التطوير الذاتي 3- توحيد الجهود لا الجماعات! (فهذه المرتكزات إن عمل عليها التيار الإسلامي.. سيصنع لنفسه رؤية يمكنه العمل من خلالها فضلًا عن تطويرها للقضاء على حالة التيه التي تضرب التيار الإسلامي)..
وذكر أيضًا أن “عصرنا الذي نعيش فيه لم يعد عصر القوى العظمى والدول القوية.. بل دخل على المشهد لاعبون جدد، لهم من القدرة على الإضرار بمصالح تلك القوى.. لعيشنا في ظل ثورات تقنية تراجعت معها سيطرة الأنظمة القمعية على المجال العام مما يتيح للأفراد إمكانية التأثير والفعل مع محدودية الإمكانات، شريطة توفر الإرادة والعزيمة والإصرار “. انتهى بتصرف يسير .
وختامًا أقول إن الأمر لا يتوقف عند هذا الحد من الورقات، بقدر ما يحتاج لمزيد دراسات واستشراف للأوضاع، كل من جهته لتعقد المشهد من جهة، وكثرة الفاعلين فيه من جهة أخرى، لكن عذري أني حاولت والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل. [حمل العدد الجديد: http://bit.ly/2ZNNjwp
حمل هدية العدد: http://bit.ly/2Wh27l2
حمل الأعداد السابقة: http://bit.ly/2vvtufk ]
خارطة طريق
وفي ظل ما يقع، على أهل الخير والصلاح في التيار الإسلامي الذي يتبنى الخط التغييري بطبيعة الحال أن يجتمعوا ويضعوا خارطة طريق يتفقون فيها على أهم القضايا المشتركة (وما أكثرها!) والانصهار في الجموع الثائرة بغية ترشيدها وتوجيهها التوجيه الصحيح كيلا تضيع الثمرة (ثمرة هبة الناس التي لا تتكرر) ويتحقق الفشل في الحفاظ على المكاسب، فتنقلب الأمور بنتائج عكسية كما الحال في مصر وليبيا.
وعليهم أيضًا أن يقطعوا الصلة بمخلفات الماضي وسلبياته وينبذوا الآراء الشاذة وسوء استخدام فتاوي تصلح لبلد دون آخر ، مع الحرص على تصدير أهل العلم والرأي والخبرة في جميع المجالات (الشرعية والاجتماعية وغيرها).
كذلك العمل على نبذ التعصب للأشخاص والكيانات مهما بلغ شأنها (إذا حادت عن الحق).
وهاهنا سؤال يطرح نفسه وبقوة:
ما معالم الخط العام الذي يجب على العاملين للإسلام أن يمسكوا بزمامه كي تتحول الفوضى التي تعم التيار الإسلامي ليصبح ذا قوة وفاعلية وتأثير فيقود المرحلة الراهنة وكذا المقبلة إلى بر الأمان عبر عمل نبوي رشيد؟
الجواب أنه -وفي ضوء ما تقدم من طرح لما قد يؤول إليه أمر الجماعات بعد انصهارها في جموع الأمة وبيان بعض الأمور المهمة التي يجب أن تحرص عليها الأمة- لابد من التنبيه على أمر مهم، وهو أن مسألة التنظيرات كثيرة ومتشعبة ويزيد عمقها بإشكالية تنزيلها على أرض الواقع وما يصاحب ذلك من إكراهات.. لكن ومع هذا فإن أقرب التنظيرات للصواب تلك التي خرجت من ذوي الفضل والسبق.. وما ذاك إلا لأن أصحابها ممن عايش الواقع بل شارك في صنع القرار..
بعض الحلول المقترحة
أشير إلى بعض ما على العاملين للإسلام فعله كي يرتقوا بحال أمتهم والله الموفق والمعين:
1- على الحركات وقيادات العمل الإسلامي بشكل عام إبعاد الشخصنة، وقد تجلت أمراضها في كل من مصر وسوريا فلم تزد الساحة إلا ضعفًا وهوانًا.
2- تشكيل تنسيقية/ لجنة إدارة أزمة يديرها رجال متخصصون في كل المجالات، فإذا ما حصلت أزمة يبادر لحلها. وتكون هذه الإدارة ذات وضع قضائي يلزم الجميع بالخضوع له مع الحرص على استقلالية قرار الإدارة.
3- على قادة العمل الإسلامي أن يؤمنوا أن إدارة الحركة/ الكيان/ التجمع، يجب أن تكون جماعية، وأن تكون هناك لجنة مستقلة من أهل العلم تضبط ذاك التجمع أو الكيان، وتضمن عدم استبداد هذا الطرف أو تقاعس ذاك، ويقصد بإدارة الحركة ما يُعرف في الأدبيات السياسية الحديثة بفصل السلط، فلا يمكن أن يكون شخص واحد يحمل أكثر من مسؤولية ومهمة بينما يبقى الآخرون فارغين.
4- تنقية الصف من بواعث الغلو ومظان التمييع، والحرص على تتبع سياسة رشيدة في الأمور الشائكة؛ كالعلاقة مع باقي المكونات الثورية بأن ينزل كل مخالف منزلته فإن هذا يعطي مساحة في الفقه الإسلامي بكيفية التعامل معه، فلا يمكن جمع الأعداء بله المخالفين في سلة واحدة، وكذلك العلاقة بالمحيط الإقليمي والدولي (طالبان في أفغانستان نموذج ناجح في هذا المضمار وللاستزادة في معرفة أسباب نجاحهم يرجع لمقالات كتبها الأستاذ حامد عبد العظيم في مجلة كلمة حق).
5- الحرص على بناء آلة إعلامية متينة تراعي فهوم الناس، مع الارتقاء بهم إلى الحد المعقول في الفهم والإدراك.. وتتبنى طرحًا قويًّا في تبيان عدالة قضية الشعوب المسلمة المقهورة ولفت النظر إلى ما يقوم به أعداؤها، وبث الوعي الصحيح بين أبناء الإسلام، وكذا التركيز على بث خطاب توعوي للمسلمين في الأطراف (شرق آسيا وأفريقيا)، وليكن الخطاب بلغاتهم فإن أمانة توعيتهم بأهمية الشعور بالروابط الإيمانية مع إخوانهم (العرب) له تأثير كبير في كسر إرادة حكامهم من العلمانيين والنصارى في الإبقاء على حاجز اللغة والبعد الجغرافي سببًا في إبعاد قضيتهم عن محور اهتمام باقي المسلمين.
6- تبشير أهل الإسلام بعودة الخلافة الراشدة وتبيان معالمها للناس (وأنها حق وإن شوهها المدعون “داعش نموذجا”)، وفي هذا المقام يرى د. حاكم المطيري أن معالم الدولة تتمثل في السيادة، بحيث لا يمكن أن تكون من صنع العدو الخارجي..
ويرى الدكتور أن إرجاع الخلافة دين على الأمة بغض النظر عن وجود نصوص تبشر بذلك! فالواجب على أهل الإسلام عامة وأهل العلم خاصة إيجاد رؤى ونظريات واقعية للعمل في البيئة القادمة التي بشر بها مالك بن نبي وجعلها كقضية حتمية في التاريخ .. وأشار الدكتور حاكم إلى أنه في حالة تعذر إقامة نظام الخلافة كمنطق سيطرة وحكم وقوة فلا أقل من إقامة أهل كل قطر عربي وإسلامي نظام حكم إسلامي راشد ليكون قنطرة للتوحد مع باقي الأطراف الإسلامية لإرجاع الخلافة كنظام سياسي إسلامي يوحّد أهل الإسلام. (الدولة الراشدة فريضة شرعية وضرورة سياسية، سوانح الفكر، اليوتوب).
7- الحرص على نظام الشورى وإلزاميته مع فتح الباب لكل مَن يدلي بجديد يفيد العمل الإسلامي، وتشجيع مَن تظهر عليهم علامات النباهة والتميز. والحرص على إعداد الأجيال بمدأ الترابط (كترابط المسبحة)، بحيث إذا قدر للصف الأول أن يذهب بموت أو غيره يُستخلفون بمن أعد سالفًا، ونتيجة عدم الأخذ بهذا الأمر هي غياب كثير من المشاريع العملية بمجرد ذهاب الرمز والموجه.
8- وأخيرًا.. أختم باقتباس من مقالة للأستاذ أحمد مولانا في مقال سابق له في مجلة كلمة حق هذه عنون لها (برؤية للعمل).. فجعل أهم مرتكزات العمل الإسلامي في اللحظة الراهنة:
1- صناعة الوعي 2- التطوير الذاتي 3- توحيد الجهود لا الجماعات! (فهذه المرتكزات إن عمل عليها التيار الإسلامي.. سيصنع لنفسه رؤية يمكنه العمل من خلالها فضلًا عن تطويرها للقضاء على حالة التيه التي تضرب التيار الإسلامي)..
وذكر أيضًا أن “عصرنا الذي نعيش فيه لم يعد عصر القوى العظمى والدول القوية.. بل دخل على المشهد لاعبون جدد، لهم من القدرة على الإضرار بمصالح تلك القوى.. لعيشنا في ظل ثورات تقنية تراجعت معها سيطرة الأنظمة القمعية على المجال العام مما يتيح للأفراد إمكانية التأثير والفعل مع محدودية الإمكانات، شريطة توفر الإرادة والعزيمة والإصرار “. انتهى بتصرف يسير .
وختامًا أقول إن الأمر لا يتوقف عند هذا الحد من الورقات، بقدر ما يحتاج لمزيد دراسات واستشراف للأوضاع، كل من جهته لتعقد المشهد من جهة، وكثرة الفاعلين فيه من جهة أخرى، لكن عذري أني حاولت والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل. [حمل العدد الجديد: http://bit.ly/2ZNNjwp
حمل هدية العدد: http://bit.ly/2Wh27l2
حمل الأعداد السابقة: http://bit.ly/2vvtufk ]
(المصدر: مجلة “كلمة حق”)