اسم الكتاب: الدولة المدنيَّة بين الاتجاه العقلي الإسلامي المعاصر والاتّجاه العلماني.
اسم المؤلف: ماجد بن علي الزميع.
عدد الصفحات: 575 صفحة.
الناشر: دار الفضيلة للنشر والتوزيع – الرياض.
نبذة عن الكتاب:
من الحقائق الثابتة المستقرَّة عند الرَّعيل الأوَّل من الصَّحابة، ومَن تبِعهم من الأمَّة الإسلامية: أنَّ الإيمان الحقيقي لا يتحقَّق إلَّا بالتحاكم إلى شريعة الله تعالى مع تمام الرِّضا والتسليم، في الأمور كلها، وكانت الدولة منذ الخلافة الراشدة وما تبعها من دول متعاقبة تقوم على أساسٍ من دين الله تعالى في جميع جوانبها، في الحُكم والمرجعيَّة وكلِّ جوانب الحياة، ولقد تحقَّقت للأمة الرِّيادة، وقامت في عهودها المختلفة أعظم حضارة، على عكس ما كان عليه الغرب، الذي قام على تسلُّط الكنيسة وتحكُّمها في كلِّ شيء مع انحرافاتها الشديدة، ومحاربتها للعِلم، خصوصًا أنَّها صارت ألعوبة بأيدي القساوسة والكهَّان! مع كون دِينهم محرَّفًا أصلًا، فكان أنْ ثار الناس على الكنيسة، ونشأ ما عُرف بالدولة المدنية، التي لا سُلطة للكنيسة عليها؛ ونتيجة لاحتكاك المسلمين بالغرب والانبهار بالحياة الغربية، وتأثُّر بعض المنتسبين للإسلام بفلاسفة الغرب – ظهرتْ الدعوة إلى محاكاة الغرب، والدعوة إلى الدولة المدنية التي لا سُلطان للدِّين عليها، ومِن أول من تولَّى كِبْر هذه الدَّعوة عليّ عبد الرازق في كتابه (الإسلام وأصول الحكم) الذي دعا فيه صراحةً إلى هدم نظام الإسلام العتيق، وإلى بناء قواعد الملك ونظام الحُكم على أحدث ما أنتجت العقول البشريَّة، ويعني بهم الغرب!
وفي ظلِّ الظروف التي يمرُّ بها عالمنا العربي والإسلامي، خصوصًا بعد أحداث ما عُرف بالربيع العربي – ظهرت مصطلحات جديدة وكثُر الحديث عنها، ومنها: مصطلح (الدولة المدنية)، والدعوة إلى تبنيها، خصوصًا من العلمانيِّين والعقلانيين ومَن لفَّ لفَّهم، وتأثَّر بهم؛ نظرًا لما اتَّسم به هذا المصطلح من الغموض، وكونه مصطلحًا محتملًا، وأنَّه قد يُساق من خلاله المشروع العلماني المخالِف للمشروع الإسلامي، ولكن بسهولة؛ لأنَّه لا يصطدم مع العقيدة والشريعة اصطدامًا ظاهرًا كما هو الحال في العلمانية مثلًا.
وهذا الكتاب هو عبارة عن دراسة جِديَّة ومتخصِّصة، جاءت لتجلِّي هذا الموضوع وتناقشه من وجوه عديدة، حيث تبنَّى فكرةَ الدولة المدنية غالبيةُ الإسلاميِّين العقلانيِّين وبعض المثقَّفين، دون اعتبار لمضامينها العقديَّة الخطرة، تساهلًا أو التباسًا بمصطلحات أخرى.
وقد تألَّف الكتاب من مقدِّمة، وتمهيد، وثلاثة أبواب، وخاتمة، وفهارس:
شملت المقدِّمة التعريف بمشكلة البحث، وحدوده، والحديث عن أهميَّته، وأسباب اختياره، وكذلك التعريف بمصطلحات البحث، والإشارة إلى الدِّراسات السابقة، وبيان أهدافه، وأسئلته، ومنهج الباحث الذي يسير عليه فيه، وإجراءات البحث، وخُطته.
وجاء هذا التمهيد في ثلاثة مباحث:
المبحث الأوَّل: كان عن التعريف بمصطلحات البحث، وتحدَّث فيه عن التعريف بمصطلح (الدولة المدنية)، ومتعلقاتها، فأوضح مفهوم (الدولة، والمجتمع، والمدني) لُغة واصطلاحًا، وكذلك مفهوم المجتمع المدني في الفِكر الغربي الحديث، مع تقسيم المراحل التي مرَّ بها هذا المصطلح، وأيضًا مفهوم المجتمع المدني في الفِكر العربي المعاصر، مشيرًا إلى الخلاف الكبير بين المفكِّرين العرب حول أصالة هذا المصطلح، وهل هو أصيل في الثقافة العربية الإسلاميَّة، أم دخيل عليها؟ مرجِّحًا الرأي الثاني، وناسبًا إياه لأكثر المفكِّرين، وأنَّه لا يعني عدم الاستفادة من الفرص المتاحة من خلال مؤسَّسات المجتمع المدني، كما تناول التعريف بالاتجاه العقلي الإسلامي، موضِّحًا أنَّه: اتجاه فِكري يحاول التوفيق بين العلمانية والإسلام، وأنَّه مرحلة من مراحل إشكالية التوفيق بين العقل والنقل، مبيِّنًا السِّمات التي قام عليها هذا الاتجاه. كما ذكر تعريف الاتِّجاه العلماني، وأوضح أنه: هو الاتِّجاه الذي يتبنَّى القِيم والمفاهيم العلمانيَّة كُليَّة أو جزئيَّة، ويقوم على النظرة العلمانية (اللادينية ، أو الدنيوية) للحياة، ويُقيم عليها مواقفه وأحكامه وتعاملاته. ثم ذكر أهمَّ الأُسس والسِّمات التي قام عليها هذا الاتجاه.
وأمَّا المبحث الثاني: فجاء الحديث فيه عن الجذور التاريخيَّة لنشوء الدولة المدنية؛ فتحدَّث عن نظرية الحقِّ الإلهي والعقد الاجتماعي، مشيرًا إلى خطورتها في نزْع السلطة الدِّينية، وأنها برزت لمواجهة نظرية الحقِّ الإلهي، وفصَّل الحديث عن مرتكزات كلِّ نظرية منهما. ثم تحدَّثَّ عن نشأة المجتمع المدني وظهوره في العالم الإسلامي، وأنَّها فكرة غربية المنشأ، متحدِّثًا عن مراحل نشأتها في الغرب، وأسباب ذلك، ثم العوامل التي أدَّت لنشوئها في العالم الإسلامي.
وفي المبحث الثالث: تحدَّث عن المكوِّنات والخصائص العامَّة للمجتمع المدني، وموقف الإسلام من إقامة الدولة، ووظيفة الدولة في الإسلام، وتناول كل هذا بالتفصيل في:
الباب الأول: الذي كان الحديث فيه عن الدولة الإسلامية ومؤسَّسات المجتمع المدني، وقد تحدث فيه عن العلاقة بين الدين والدولة في الإسلام، فذكر موقف الإسلام من إقامة الدَّولة، وأنَّه بمفهومه الشامل المعاصر يُعدُّ من المفاهيم الحديثة نسبيًّا، وأنَّ ما عُرف في الإسلام هو مصطلح (الإمامة، والخلافة)، ثم تحدَّث عن التداخل الكبير بين مصطلح الإمامة والخلافة وبين مصطلح الدَّولة. كما تحدَّث عن وظيفة الدولة في الإسلام، وأنَّها منحصرة في أمرين: إقامة الدِّين، وسياسة الدُّنيا، وفصَّل في الحديث فيهما.
ثم عرَض لجانب مهمٍّ من الأمور المتعلِّقة بالدولة، وهو الحديث عن حقوق الإمام وواجباته في الإسلام؛ وأنَّ جملة حقوقه على الرعية تتلخَّص في: الطاعة، والنصيحة، ودفع حقوق المال إليه، ومساعدته، والدعاء له، وعدم الخروج عليه، وعدم الطَّعن فيه، ولا الافتئات عليه، وألَّا يُكتم عنه ما يجب أن يَعلمه، وحُسن التأدُّب معه. وكذلك جملة واجباته تجاههم، التي تتلخص في: حِفظ الدِّين، والاجتهاد فيما يعود بالمصلحة على العباد والبلاد، ودوام تفقُّده لأحوال رعيَّته، وإغاثة الملهوف، وإعانة المظلوم، وردع الظالم، والعدل بين الرعية .. إلخ..
كما تحدَّث في هذا الفصل عن الدولة في الإسلام بين الشورى والديمقراطيَّة، فأوضح مكانة الشورى في الإسلام، وأنَّها من الأمور التي حثَّت عليها الشريعة كما في قوله تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ…} [آل عمران: 159]، وبعد ذلك ذكر جانبًا مهمًّا متعلقًا بالفروق بين الشورى والديمقراطيَّة، ذاكرًا أوجه التشابه بين الشورى والديمقراطية، وأوجه الخلاف بينهما، مثبِتًا أنَّ مضامين مصطلحات الديمقراطية تتعارض كليًّا أو جزئيًّا مع أصول الإسلام.
الباب الثاني: كان للحديث عن موقف الاتجاه العلماني المعاصر من الدولة المدنية، وجاء هذا الباب في فصلين:
الفصل الأول: تكلَّم فيه عن الدولة المدنيَّة والدولة الدِّينية عند الاتجاه العلماني المعاصر، مستعرضًا مفهوم الدولة المدنية والدولة الدينية عند هذا الاتجاه، ثم تحدَّث عن موقف هذا الاتجاه من الدولة الدينية، ومسبِّبات ذلك الموقف.
وفي الفصل الثاني: تحدَّث عن العلاقة بين الدولة المدنية، وبين بعض قضايا الاتجاه العلماني المعاصِر، فتحدَّث عن علاقة الدولة المدنية بالدِّين، وعن علاقتها بالدِّيمقراطية، وعن علاقتها بالعلمانية عند هذا الاتجاه.
الباب الثالث: كان للحديث عن موقف الاتجاه العقلي الإسلامي المعاصر من الدولة المدنية، وجاء أيضًا في فصلين:
الفصل الأول: كان الحديث فيه عن التأصيل الشرعي للدولة المدنيَّة عند الاتجاه العقلي الإسلامي المعاصر، وعن علاقة الدولة المدنيَّة بالعلمانية، وذكر الأدلَّة التي يعتمد عليها الاتجاه العقلي الإسلامي المعاصر في موقفهم الداعم والداعي إلى فكرة الدولة المدنيَّة، مع مناقشتها.
كما تحدَّث عن مفهوم الشورى والديمقراطية عند هذا الاتجاه.
وأما الفصل الثاني: فكان عن موقفهم من القضايا الرئيسية المتعلِّقة بمفهوم الدولة المدنية كموقفهم من التعدديَّة السياسيَّة التي ينبني عليها موقفهم من تأسيس الأحزاب السياسية، موقفهم من تعدُّد الأحزاب السياسية في الدولة المسلِمة، وموقفهم من تعدُّد الأحزاب السياسيَّة في دولة غير مسلمة، وموقفهم من مشاركة المرأة في المجالس النيابيَّة، ونقَد ذلك الموقف من تلك القضايا كلها.
كما تحدَّث أيضًا عن موقف هذا الاتجاه من الحرية ومفهومها، موضحًا أنَّه – عندهم – واسع جدًّا وفضفاض، ولا يمكن وضع حدود له، موضحا ذلك من خلال عرض كلامهم عن هذا المفهوم، ومن خلال موقفهم من حرية المعتقَد.
وأيضًا تحدَّث عن الأقليَّات الدينية عند الاتجاه العقلي الإسلامي المعاصر، من حيثُ موقفهم من الأقلية الإسلامية في دولة غير مسلمة، وموقفهم من الأقلية غير المسلمة في دولة إسلامية.
كما عرض لموقفهم من مسألة الدستور، وموقفهم من مفهوم سيادة هذا الدستور ومكوِّناته، وكذلك موقفهم من مرجعية الشريعة.
كذلك عرَض لموقفهم من مسألة حقوق الإنسان، والمساواة بين الجنسين، ومشاركة المرأة في الولايات العامة.
ثم ختم كتابه بخاتمةٍ تتضمَّنت أهمَّ النتائج التي وصلت إلى 52 نتيجة. وفيها توصيات الباحث، التي منها: التوصية بنشر ثقافة تعظيم النصوص الشرعية، والتسليم لها، ومنها: العناية بنشر العلم الشرعيِّ الصحيح، المستمَدِّ من الكتاب والسُّنة وما انبثق منهما من علوم عقيدة السَّلف الصالح. ومنها: بناء الهيئات والمجاميع العلمية التي تهتمُّ بجوانب الانحراف العقدي والشرعي في المجتمع، وتعمل على تشخيص الخلل، ووضع الحلول المناسبة له، وغير ذلك من التوصيات المهمَّة.
ثم ذيَّل الكتاب بالفهارس العلميَّة الكاشفة.
والكتاب جيد في بابه وننصح باقتنائه وقراءته.
المصدر: الدرر السنية.