ألقى الدكتور علي القره داغي – الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين – البيان الختامي الصادر الآن عن “المؤتمر العالمي للتعليم الشرعي وسبل ترقيته”، والمنعقد بالعاصمة القطرية الدوحة برعاية معالي الشيخ عبد الله بن ناصر بن خليفة آل ثاني – رئيس مجلس الوزراء لدولة قطر ، وتنظيم من الاتحاد العالمي لعلماء المسملين.
ورأس المؤتمر فضيلة العلامة الأستاذ الدكتور يوسف القرضاوي – رئيس الاتحاد، وحضور لفيف من العلماء والأكاديميين والباحثين والمختصين في مجالات التعليم الشرعي، والتعليم وجودته بشكل عام، ومن بلدان عديدة.
وجاء البيان الختامي على النحو التالي:
بسم الله الرحمن الرحيم
مشروع البيان الختامي لمؤتمر التعليم الشرعي وسبل الارتقاء به
المنعقد في الفترة 8-10 رجب 1437 هـ الموافق 15-17 مايو 2016م
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه أجمعين.. وبعد،،،
فقد عقد الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين المؤتمر العالمى الأول حول ” التعليم الشرعىي وسبل ترقيته ” في الفترة من 8 – 10 رجب 1437 الموافق 15-17 إبريل 2016 م تحت رعاية كريمة لمعالي رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية الشيخ عبدالله بن ناصر بن خليفة آل ثاني حفظه الله .
وقد افتتح المؤتمر بآيات من القرآن الكريم ثم كلمة الأمين العام أ.د على محيى الدين القره داغي حيث شكر معالي رئيس الوزراء على رعايته وحرصه على الحضور لولا ظرف طارىء ، فجزاه الله خيراً وكذلك قدم شكرَ الاتحاد ــ رئيساً وأمناء وأعضاء والحضور الكرام ـ إلى بناة قطر الحديثة الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثانى – حفظه الله ، وحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني حفظه الله أمير البلاد المفدى ، وإلى حكومته الرشيدة ، والشعب القطري الكريم .
ثم تحدث عن أهمية العلم ودوره فى الحضارة والتقدم وأهمية المنهج والبرامج مؤكداً على أهداف المؤتمر وهي:
بيان الإيجابيات والسلبيات فى المدارس الشرعية التقليدية والمدارس المعاصرة للوصول إلى مشروع علمي قابل للتطبيق يبين فيه كيفية الارتقاء بالطالب والمعلم، والمنهج والمقررات .
ثم ألقى الأستاذ الدكتور عبدالمجيد النجار كلمة اللجنة المنظمة نيابة عن رئيسها أ.د. أحمد الريسوني، الذي بذل فيه جهداً كبيراً مع إخوانه أعضاء اللجنة، مبيناً عناية الاتحاد بالارتقاء بالتعليم الشرعي منذ تأسيسه ، وهذا المؤتمر خصص لهذا الجانب ، مؤكداً على أن البحوث البالغ عددها (17) بحثاً تدور حول التجارب العملية والمشروعات الفكرية للوصول إلى مشروع متكامل .
وجاءت كلمات ممثلي الضيوف من الجزائر، وتركيا، وأوروبا، شاكرة لهذا البلد العزيز أميراً وحكومة وشعباً، وللاتحاد العالمي للعلماء المسلمين لأجل عقد هذا المؤتمر المهم .
ثم جاء دور سعادة الدكتور غيث بن مبارك الكوارى وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية وممثل معالي رئيس الوزراء الموقر ، ليلقي كلمته، فأكد فيها على أن دولة قطر تهتم بالعلم والعلماء وأنها منذ تأسيسها قامت على العلم واحترام العلماء وبخاصة علماء الشريعة .
وكان مسك الختام لسماحة العلامة الشيخ يوسف القرضاوى ، فقدم شكره لهذا البلد العزيز أميراً وحكومة وشعباً ، وللحضور ثم ذكر تجربته الشخصية مع التعليم الشرعي مؤكداً على أهمية تطوير المنهج والمقررات، والبرامج والطالب والمعلمين .
وقد تبعت جلسة الافتتاح ست جلسات علمية فى يومين آخرين سوى يوم الافتتاح عرضت ونوقشت (17) بحثاً
وبعد المناقشات المستفيضة والمداخلات الكبيرة والمقترحات تمخض المؤتمر عن التوصيات الآتية:
أولاً: أن المدارس الشرعية بدءاً من الإبتدائية والمتوسطة والإعدادية ، والمعاهد الشرعية إلى الكليات الخاصة بالشريعة والدراسات الإسلامية ، تحتاج إلى خطة استراتيجية تستهدف تخريج علماء فقهاء دعاة مفكرين قادة وقدوة قادرين على تغيير المجتمع وإصلاحه، وتجديده ودفعه نحو القيادة والريادة والشهود الحضاري، وترسيخ فقه الائتلاف وأدب الاختلاف في المدراس الشرعية، هادفة للتطوير والتجديد فى المنهج والمقررات وإعداد المعلمين علمياً وتقنياً، من حيث طرق التدريس والتربية والتعليم.
ثانياً: ضرورة العناية بتطوير التعليم الشرعي منهجاً ، وبرامج ومقررات ومعلماً وطالباً، لأن التعليم المشوه أو المنقوص أو القائم على الفكر التكفيري يؤدى إلى اضطرابات فى الفكر والسلوك وفوضى فى العلاقات الاجتماعية .
ولذلك فإن المؤتمر يؤكد على أن الإرهاب أو التطرف الموجود فى عالمنا الإسلامى لن تتم معالجته بصورة كاملة وجذرية إلا من خلال تعليم شرعي متطور متجدد وسطى معتدل، ومن خلال مواجهة الفكر المتشدد بفكر متنور إسلامي معتدل..
ثالثا: أن للمدارس الشرعية (التقليدية ) مكانتها العظيمة وأنها قد قدمت خدمات جليلة للأمة ولكنها تحتاج اليوم إلى التطوير تطبيقاً لقوله تعالى (لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر ) (سورة المدثر -37) حيث إن الله تعالى لم يذكر التوقف لأنه داخل فى التأخر .
ومن أهم الملاحظات على هذه المدارس ما يلي:
1- الإغراق والإفراط فى دراسة التراث على حساب التطوير و التجديد ، والمؤلفات والاجتهادات المعاصرة .
2- التساهل في قبول المعلمين غير المؤهلين أكاديمياً وعلمياً ، وقبول الطلبة دون التقيد بمعايير علمية فى قبولهم.
كما أن هذه المدارس تواجه تحديات كبيرة من حيث الجانب المالي والوظيفي ، ومن حيث محاربتها من بعض الدول والتوجهات العلمانية
رابعاً: أن المنهجية العلمية المنشودة للارتقاء بالمؤسسات التعليمية الخاصة بالعلوم الشرعية تتطلب ما يلي:
1- أن تقوم على الجمع بين الوحي والعقل وتوزيع الأدوار بدقة بحيث يقوم العقل بدوره فى النظر إلى الأدلة والبراهين للوصول إلى الإيمان بالله تعالى ، ثم يؤمن بكل ما صح نسبته إلى الرسول صلى الله عليه وسلم في عالم الغيب ، ليترك العقل ليقوم بدوره فى عالم المادة استنباطاً وابداعاً لتحقيق الاستخلاف واستعمار الكون .
2- الجمع بين النصوص الشرعية ( الكتاب والسنة الصحيحة ) ومقاصدها ومآلاتها
3- ربط العلوم الشرعية فى تدريسها وتعليمها بالعقيدة والتزكية الأخلاقية وربط العلوم المتعلقة بالكون والإنسان بالأخلاق وروحها الدينية فى إطار معرفي تكاملي .
4- ربط التعليم والتدريس بالمقاصد العامة للخلق والإنسان والشريعة وفقه المآلات ، وفقه الميزان والتنزيل بما يحقق للطالب العقلية الكلية المقاصدية والملكة العلمية .
5- النظرة التكاملية التى تجمع بين القرآن والسنة ، وتربط بين جميع النصوص الشرعية الواردة فى الواقعة أو النازلة من خلال سياقها وموردها ومقاصدها أي فهم الواجب والواقع والتوقع.
6- أن تصحب مع التعليم عمليات التربية العقلية والفكرية والاجتماعية والتدريب على الحوار والتطبيق والاستنباط والاجتهاد من خلال دراسة علوم الأشباه والنظائر والقواعد العامة والفروق والفقه المقارن ومقارنة الأديان وآداب البحث والمناظرة والاختلاف.
7- تعزيزالدافعية نحو التعلم الاكتسابي والذاتي.
8- تنظيم المعارف والعلوم فى نسق منهجي متدرج وهذا يقتضي رعاية المراحل التعليمية، وبناءً متدرجاً وتصاعدياً، لمحتويات المنهج التعليمي فى المقررات كلها وداخل مقرر واحد معاً .
9- التركيز على تنمية المهارات بجميع الوسائل المتاحة .
10- التثبت من صحة النقل والخبر، والتدريب على تخريجه، والحكم عليه وأسباب نزوله وتوثيقه ووضوح الأسلوب.
11- الابتعاد عن الخلل المنهجي فى البحث والتعليم والتربية أم بغيره سواء يتعلق هذا الخلل بالنظر الكلي فى قراءة الكتاب ، والإنسان، والكون.
خامساً: التركيز على البرامج والمقررات التي تدرس بحيث تحقق فيه ما يأتي :
1- أن تخضع البرامج والمقررات الخاصة بالتعليم الشرعي لمعايير الجودة والإتقان والإحسان من حيث المحتوى الطرق والأدوات التعليمية، والتدريب الجاد وتكوين المهارات.
2- أن تشمل العلوم الشرعية – سواء كانت من علوم الآلة أم من علوم المقاصد- العلوم القديمة الصالحة والعلوم المعاصرة وتشمل كذلك الكتب القديمة والمعاصرة .
3- أن تشتمل المقررات بصورة عامة، وكل مقرر بصورة خاصة على الأهداف المحددة المرحلية، والنهائية.
ويترتب على ذلك أن يكون اختيار الكتب، والمعلومات حسب مراحل العمر والتعليم، ففي مرحلة التعليم الابتدائي يراعى العناية بغرس العقيدة بشكل مبسط، والتربية الأخلاقية على الآداب والأخلاق العامة، وحفظ القران وعلى العلوم والمعلومات المناسبة لهذه المرحلة، وهكذا الأمر في التعليم الثانوي ، والتعليم العالي، وإخضاع كل ما سبق لمعايير الجودة والتعليم التراكمي والتدريجي.
4- استثمار الوسائل التعليمية الحديثة في تعليم المقررات لتسهيل الفهم وتوصيل المعلومات إلى الملتقين بصورة مهنية وفنية.
5- أن تشمل المقررات العلوم المعاصرة ذات العلاقة بها، مثل علوم الإجتماع والتربية والنفس، والقضايا المعاصرة.
سادساً: العناية القصوى بإعداد المدرس إعداداً علمياُ، وتربوياً بحيث يكون قدوة علماً وعملاً وتربية وسلوكاً وأخلاقاً.
سابعاً: بما أن الطالب هو المقصد والموضوع والمستهدف في العملية التربوية، فيجب أن يكون التركيز على بنائه، وإعداده إعداداً شاملاً بأن يكون ربانياً فقيهاً وداعية، ومجتهداً، أو مرجحاً ومستنبطاً.
التوصيات:
أولاً : التوصية العملية:
يعلن المؤتمر عن تشكيل “مجلس عالمي لتطوير العلوم الشرعية” على أن يضع الاتحاد لائحة تفصيلية خلال الأشهر القادمة، ويرسلها إلى المؤسسات ذات العلاقة ويكون:
1- “مستقلاً” مرجعيته الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
2- “دائماً” يواصل عمله بصفة مستمرة.
3- “عالمياً” يجمع في عضويته وفي مجال عمله أقطار العالم الإسلامي والأقليات الإسلامية في العالم.
4- “متخصصا” يجمع في عضويتها وفي مجال عمله المتخصصين في مختلف علوم الشريعة مع المتخصصين في التربية والمناهج وطرق التدريس والتقنية ونحوها.
5- “شاملا” يتناول بالبحث والدراسة والتطوير جوانب العملية التعليمية المختلفة ويشمل: المعلم، الطالب، المناهج، المقررات، وسائل التعليم والتقييم.
مهمات المجلس:
1- دراسة واقع التعليم الشرعي جغرافياً “بحسب الأقطار والأقليات” ونوعياً (بحسب التخصصات: القران وعلومه، الفقه وأصوله..” ومرحلياً “بحسب المراحل: مراحل التعليم العام، مراحل التعليم العالي…)
2- دراسة وبحث جوانب التطوير الإيجابي لجميع جوانب العملية التعليمية في مؤسسات وبرامج التعليم الشرعي (المعلم/الطالب/المنهج)
3- دراسة وبحث جوانب التعليم الحديث في التخصصات المختلفة “التربية ، المناهج طرق التدريس” وكيفية الإفادة منها في تطوير العلم الشرعي.
4- دراسة وبحث المناهج والمقررات ” في مراحل التعليم الشرعي المختلفة “التعليم العام: الابتدائي، المتوسط، الثانوي – العالي: بكالوريس، ماجستير، دكتوراه” “الخاص: الإجازات، الشهادات العالمية…”
5- دراسة المقررات والمناهج الشرعية الجديدة من حيث أهدافها ومفرداتها ومضامينها “مثل: فقه النوازل، المقاصد الشرعية، الملكة الفقهية ….”
6- دراسة المقررات والمناهج المساعدة من علوم الحياة المختلفة وتحديد القدر المطلوب منها “أصولها، وغاياتها، ومسائلها الأساسية، وذلك في مجالات العلوم الإنسانية، وعلوم الحياة المعاصرة: الاقتصاد، السياسة ، الإعلام، الإدارة.
وسائل عمل المجلس:
1- عقد ورش العمل المتخصصة.
2- عقد اجتماعات “مجموعات التركيز التخصصية”
3- عقد الندوات العلمية المتخصصة.
4- عقد المؤتمرات العلمية المتخصصة.
5- التعاون مع جميع المؤسسات التعليمية الخاصة بالعلوم الشرعية والجامعات الإسلامية للعلوم الشرعية في العالم وعقد شراكات في مجالات تطوير التعليم الشرعي.
6- التعاون مع مراكز البحوث والدراسات المتميزة المتخصصة في مجالات التعليم الشرعي وعقد شراكات معهم في مجالات تطوير التعليم الشرعي.
7- إنشاء مركز متخصص لتطوير تعليم العلوم الشرعية.
8- التعاون مع مراكز الترجمة المتميزة وعقد الشراكات في مجالات ترجمة المقررات والمناهج في التعليم الشرعي.
ثانياً: توصيات عامة:
يوصي المؤتمر بما يأتي:
1- مخاطبة الحكومات بتطوير تعليم العلوم الشرعية والعناية به؛ لتحقيق الأمن والاستقرار للمجتمعات الإسلامية وحمايتها من الغلو والإفراط والتفريط.
2- إشراك المزيد من الباحثين وعلماء التربية والاجتماع في العالم الإسلامي في مشروع النهوض بالتعليم الشرعي، وكذا علماء الاجتماع والنفس المسلمون المعاصرون.
3- استثمار التراث العلمي التربوي الإسلامي المعاصر في بناء استراتيجية النهوض بالتعليم الشرعي.
4- تكوين لجنة علمية تعكف على مسح التراث العلمي التربوي الإسلامي المعاصر ثم استخلاص ما فيه مما يخدم مشروع الاتحاد في النهوض بالتعليم الشرعي.
5- أن يقوم الاتحاد بميثاق عملي تنفيذي منبثق من هذا المؤتمر يطور فيما بعد بورش العمل والندوات ليقدم بعد ذلك إلى المنظمات الدولية الإسلامية لاعتماده.
6- إعداد منهج تربوي بجوار المنهج التعليمي.
7- وضع معايير إضافية للتخرج تتصل بالتربية والأخلاق والتزكية.
8- الاستفادة من المكاسب العصرية في المناهج التعليمية مع تكييفها لتتلاءم مع الخصوصية الإسلامية.
9- القيام بترتيب الربط بين الجامعات القديمة والحديثة.
10- قيام الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بوضع استراتيجية إعلامية للتواصل مع الشباب لحفظهم من الفكر المتطرف، وبيان صورة الإسلام الصحيحة.
11- وضع تدابير تعليمية في المناهج للوحدة والائتلاف لا الفرقة والاختلاف.
12- أن يعقد مثل هذا المؤتمر حول التعليم الشرعي بصفة دورية.
وفي الختام يتقدم المؤتمر العالمي للتعليم الشرعي وسبل ترقيته بالشكر الجزيل والثناء الغامر لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى حفظه الله، وسمو رئيس مجلس الوزارء ووزير الداخلية، وحكومته الرشيدة، وللشعب القطري الكريم، داعين الله تعالى أن يحفظ قطر وسائر بلاد الإسلام والمسلمين من كل سوء، وأن يزيدها أمناً واستقراراً وازدهاراً.
وكذلك الشكر الجزيل لكل من ساهم في إعداد هذا المؤتمر العالمي القيم، وبخاصة اللجنة المنظمة لهذا المؤتمر، رئيساً، ولإخواننا في مكتب الاتحاد ، ولإخواننا الإعلاميين جميعاً، ولوزارة الداخلية على عنايتها وإخواننا الحراس، ولكل من ساهم ولو بكلمة فجزاكم الله خيراً.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللجنة التنظيمية للمؤتمر العالمي للتعليم الشرعي وسبل ترقيته
10 رجب 1437 هـ الموافق 17 إبريل 2016