طالب الداعية الإسلامي السعودي، الدكتور علي العمري، الحركات الإسلامية “بإعادة النظر” في سياساتها و”فهم الحياة”، وفق ما جاءت به الشريعة الإسلامية، مشدداً على أهمية “الامتزاج” السعودي التركي في مختلف المجالات.
وأشاد العمري بحزب العدالة والتنمية في تركيا، الذي “فهم الإسلام بشموليته”، مؤيدا “المحاربة الشرعية” التي تقوم بها أنقرة ضد الكيان الموازي الذي يتزعمه فتح الله غولن.
العمري، هو أستاذ الفقه بمعهد مكة المكرمة ومدير مؤسسة مكة المكرمة الخيرية في جدة، ورئيس منظمة فورشباب العالمية، ومؤسس ورئيس مجلس إدارة قناة فور شباب الفضائية، وموقع ومنتديات فور شباب، والأمين العام لرابطة الفن الإسلامي العالمية، والمشرف والأمين العام لجائزة الشباب العالمية لخدمة العمل الإسلامي.
بدأ حديثه بالتطرق الى العلماء والدعاة المسلمين ودورهم في قضايا الأمة، بالقول، “نجد اليوم دولاً جمهورية يحصل فيها إنقلاب عسكري، فيأتي كثير من المشايخ ليتكلموا عن طاعة ولي الأمر”.
وأضاف، “كيف ذلك ؟! وأنتم دولة ديمقراطية ليبرالية، كيف تتحدثون بمثل هذه المعاني التي تستجر الفقه الإسلامي الى غير مكانه”.
وشدد أن هذه الفئة من المشايخ، “تعرف جيداً أن ما حصل هو انقلاب، يخالف القوانين، والنظم، التي تم الاتفاق عليها في هذه الدولة”.
ولفت أن مثل هذه الأحوال التي نعيشها اليوم “أدت إلى تيه وضياع الشباب، بسبب تحول صغار الطلبة وصغار المتحدثين الى دعاة وموجِّهين”.
وأكد أن “ما يقع به بعض شبابنا من أعمال قتل وتفجير هنا وهناك، حكمه في الشريعة الإسلامية التحريم، فأنا لا يجوز أن أعتدي على أي إنسان بريء، سواء كان مسلما أم غير مسلم”، متسائلاً “ما ننكر وقوعه في فلسطين وسوريا وغيرها، نقبل به ونسمح به في بلاد الآخرين ؟!”.
وقال الداعية السعودي: “نحن لا نريد معارك مفتوحة باسم الإسلام، وعلى أهل العلم والفضل أن لا يغيبوا في المواقف الكبرى”، معتبراً “إن لم يكن العالِم والفقيه على قدر واضح وكبير من الحرية والحكمة وشمولية فهم النص الشرعي، فإنه لن يستطيع أن يقدم للأمة شيئا”.
وتابع قوله: “نحن لا نطالب العلماء بأن يقوموا بما لا يستطيعون، ولكن المشكلة عندما تكون الاستطاعة متاحة لهم ولا يفعلون شيئا بل وتتوجه الى ما لا يرضي الله تعالى من دعم انقلابيين أو مستبدين أو ظالمين أو فاسدين، بحجة تجنب الفتنة”.
وأضاف أن “رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :(خير الناس في الفتن، رجل آخذ بعنان فرسه خلف أعداء الله يخيفهم ويخيفونه)، ولذلك وقت الفتن علينا المواجهة والتحدي والوضوح، لا الانكفاء”.
وتطرق العمري إلى “الحركات الإسلامية”، مشيراً أن “بنية كثير من هذه الحركات وأفكارها وهيكلاتها، لم تهيئها للأجواء التي نعيشها اليوم، وكثير منها لم تفهم الواقع جيدا، بل تقتصر على محيطها الخاص، دون الالتفات لأمزجة وطرق تفكير الناس كافة”.
وأضاف، “على سبيل المثال، الحركة الإسلامية لم تقرأ جيدا ما حصل في مصر من اضطراب هائل جداً، فهي بذلك تعتبر جزءاً من المشكلة، ولا أريد هنا أن أطيل العبارة والعتاب”.
ودعا الحركات الإسلامية إلى “إعادة النظر والتفكير في سياساتها وفي فهمها للحياة، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم قبل 14 قرناً”.
وأشاد الداعية السعودي بـ”حزب العدالة والتنمية في تركيا، الذي لم تستطع كثير من الحركات الإسلامية قراءته بشكل جيد وصحيح”.
واعتبر أن “هذا الحزب فهم الإسلام بشموليته، ووعى نظرية الإسلام، أن الناس تريد ما تحتاج له في يوميات حياتها من التعليم والصحة والبنى التحتية، والمساجد، والفنون، والسينما، والكثير الكثير…”.
ورأى أن “حزب العدالة والتنمية، فهم السياسة وقواعدها، ولعب اللعبة السياسية كما يجب أن تكون في الواقع، وفهم أن الإسلام ليس مجرد محاضرة أو فتوى فقهية أو تبرع… بل هو أن تنصر كل القضايا التي تهم الناس، ولذلك الناس تختار هذا الحزب بنسب عالية جدا”.
وحول العلاقات التركية السعودية، وصفها العمري بأنها “امتزاج إسلامي، يجب أن يكبر ويكبر”، مشيراً أن “السعودية مستوعبة اليوم للواقع التركي، وكذلك الطرف التركي تجاه السعودية”.
وشدد أنه “وجب الحديث عن الوحدة، وتشجيع الامتزاج بين الرياض وأنقرة في مختلف المجالات السياسية والثقافية والاقتصادية، فعقلنا واحد، روحنا واحدة، وهمومنا واحدة”.
وتابع القول، “نريد أن يتم هذا الاستثمار، خاصة بين تركيا والسعودية وقطر، قبل أن نقع بمزيد من المشكلات، كما حصل في مصر وتونس، وكذلك عندما حاول البعض أن يفعله في تركيا، من قبل سوسة كانت تنخر تحت مسمى إسلامي، منعا لتحقيق أهداف تركيا المنشودة حتى عام 2023”.
وقال العمري أن هذه السوسة “هي التنظيم الموازي، الذي يتزعمه فتح الله غولن”، مستغربا “إنقلاب غولن على تركيا والدولة التركية، وعلى أردوغان، حيث يمكن أن يتحول هذا الأمر لانقلاب في الأمة من أقصاها الى أقصاها”.
وتوجه إلى غولن بالقول “أحبك في الخير، ولكن أكره فيك الخيانة والاعتداء والتآمر”، منبهاً “كل الدعوات الإسلامية، بل وكل نفس بشرية الانتباه من السوسة”.
ورأى أن “ما تفعله الدولة التركية، وعلى رأسها الرئيس أردوغان، بمحاربة هذا التنظيم، هو جزء من الواجب الشرعي بحق تركيا وحق الأمة، بل الواجب العمل على إنهاء كلا فساد”.
وختم العمري حديثه، بدعوة الواعين من السياسيين إلى “التنبه للخطر الداخلي، الذي هو الخطر الأكبر، فافتحوا أعينكم جيداً وكونوا على بصيرة، فإن التآمر كبير”.
واعتبر أن هذه الدعوة “للسنة والشيعة، لأن النخر يكون عادة من أقرب الناس، ولذلك نحتاج اليوم أن نعود عودة حقيقة للمنهج الراشد”.
المصدر: الاسلام اليوم.