الدفاع المشروع عن نبي الرحمة.. النفير العام لكل أفراد المسلمين في العالم
بقلم د. أنور البدوي
لا يستطيع أحد أن ينكر بأن ما تجرأ به الرئيس الفرنسي “ماكرون” من التبجح بنشر صور مسيئة لرسولنا الأكرم -صلى الله عليه وسلم-، وإصراره على إعلان ذلك في وسائل الإعلام، ثم ظهر على قناة الجزيرة مؤخرا مسترضيا المسلمين دون اعتذار، مستاء من المقاطعة بتكبر، مستعليا بفعلته ومستخفا بعقول المشاهدين، مستهترا بالجرم الذي ارتكبه ولا يزال مصرا عليه، ما هو وباختصار شديد إلا بمثابة “إعلان حرب على الإسلام والمسلمين”.
فعندما يصدر كلام مثل “إن الإسلام يعاني من أزمة في جميع أنحاء العالم” من رئيس دولة وليس مواطنا عاديا، فهذا يعد بالفعل إعلان حرب حقيقية. بدأها بإغلاق المساجد، واعتقال الأئمة والمصلحين المسلمين، وإغلاق مدارسهم والتحريض على ثوابت الإسلام التي لا يضر المجتمع الفرنسي ولا غيره ممن تمسك بها كالحجاب مثلا.
فاستهزؤوا بالحجاب، واضطهدوا المسلمين والمسلمات في وظائفهم ومساجدهم وبيوتهم ووسائل المواصلات والساحات العامة، بل والشوارع والمؤسسات الخدمية، ونشروا الكراهية ضد المسلمين دون غيرهم من أصحاب العقائد والديانات الأخرى، والإمعان في المضايقات التي لا مبرر لها إلا حرية الاعتقاد الذي كفلته كل الدساتير المحلية والمواثيق الدولية. وقد وصل التحريض إلى درجة الاعتداء اللفظي من سفهاء أفراد الشعب الفرنسي إلى المسلمين، وإيذاء مشاعرهم بالإصرار على الإعلان لصور مسيئة للنبي -صلى الله عليه وسلم-، وهذه أكبر أذية للمسلمين في جميع أنحاء العالم.
بل وصل إلى حد الإيذاء البدني بالضرب والإهانة والتنكيل سرا وجهارا، وبدأت الصحف والمجلات التي كانت قد التزمت الصمت عن الإساءات السابقة لإعادة نشر صور السخرية من نبينا -صلى الله عليه وسلم-.. تبعتها صحف ومجلات ووسائل إعلام بعدة دول حول العالم تفيض سخرية واستهزاء وتحريضا وتخويفا وتحريفا واضطهادا للإسلام والمسلمين.
وإزاء هذه الحرب المعلنة، والبلطجة المتغطرسة، والظلم الغاشم، والاعتداء الآثم، على رسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم- ومقدساتنا وعلى كل ما هو إسلامي، يجب إعلان النفير العام دفاعا عن نبينا وقرة أعيننا، كل فيما يخصه ويحسنه بكل الوسائل السلمية والحضارية، القانونية والدبلوماسية الممكنة عملا بقوله تعالى “فَمَنِ اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ..“.
■ فوجب على الخطباء والكتاب والعلماء والمعلمين الدفاع بالحجة والبيان، وتفنيد شبهات المعتدين مما يثيرونه من أكاذيب وافتراءات عن نبينا -صلى الله عليه وسلم- وعن الإسلام. كما يجب عليهم تحريض الناس على الاستنكار وعدم الاكتفاء بالسكوت على الإساءات المتكررة بكل وسيلة سلمية متحضرة عاقلة، بعيدا عن أي نوع من أنواع العنف أو التطرف؛ فإن هذا يسيء للإسلام والمسلمين أبلغ إساءة.
■ يجب على كل مسلم في أي بلد كان، أن يُظهر محاسن الإسلام ويلتزم بمكارم الأخلاق في كل أموره ليكون مثالا حيا على الصدق والأمانة، والتزام قوانين البلاد التي يعيش فيها ولا يرتكب أية مخالفة أو جرما، وليعلم أنه لو ارتكب شيئا من هذا فإنه سيشهر به، وينسب فعله القبيح للإسلام وعموم المسلمين وبذلك يكون آثما، صادا عن سبيل الله وقبول دعوة الإسلام.
■ يجب على القانونيين رفع الدعاوى المحلية أمام محاكمهم على كل مَن أساء إلى نبينا الكريم لرد العدوان مستندين للقانون والمواثيق الدولية التي تكفل حق الاعتقاد وحرية التدين لكل شخص وعدم التمييز بسبب الدين أو العرق بكل ما وسعهم من جهد. والعمل على استصدار قوانين محلية ودولية تجرم وتعاقب كل من يستهزئ بأي رمز ديني من أي ديانة سماوية.
■ ووجب على كل أصحاب مهنة الدفاع حسب مهنتهم وما يحسنون.
■ وعلى المؤرخين استخراج تاريخ فرنسا الأسود، الذي قتل وشرد، وأباد وأمحى شعوبا وأوطانا بكل سبل محرمة إنسانيا ودوليا ودينيا. وبيان فضل المسلمين على الحضارة الأوربية وخاصة الفرنسية، وبيان ما كانوا يعيشون فيه من جهل وجهالة وعوز وفاقة وتخبط وعبودية حتى حررهم الإسلام وعلمهم المسلمون.
والاجتهاد لبيان عظمة الإسلام عقيدة وشريعة، ومنهاجا وسلوكا، وأخلاقا ومبادئ، وعدالة وتسامحا حتى يعرف الناس حقيقة الإسلام وجوهره، وأن سلوك بعض متبعيه مخالفة له وبعيدة عن نهجه. وعلى وجه الخصوص التعريف بسيرة النبي -صلى الله عليه وسلم- وأخلاقه العظيمة، وسماحته الجمة، وسلوكه القويم في بيته وفي مجتمعه، ورحمته بالإنسان والحيوان بل والجماد، فما تجرؤوا على الاستهزاء به إلا لجهلهم به وبسيرته العطرة.
■ وعلى الحكام استخدام الطرق الدبلوماسية باستدعاء السفراء من فرنسا للتشاور، وإبلاغ سفراء فرنسا المقيمين بالامتعاض والشجب والاستنكار. وليستحوا من سحب فرنسا سفيرها في أنقرة لمجرد اتهام ماكرون بالكشف عن قواه العقلية، فإذا كان هذا فيه إيذاء لماكرون يستوجب سحب سفيره، فالسخرية من النبي -صلى الله عليه وسلم- أشد إيذاء وأكبر جرما وأفظع كبيرة، بل لا توجد نسبة للقياس بينهما بالمرة.
■ وعلى المسلمين تسيير مظاهرات سلمية بعد كل جمعة في مكان محدد للاستنكار والتنديد السلمي بعيدا عن العنف والفوضى، وفي كل جمعة تسليم السفير الفرنسي مذكرة احتجاج من المتظاهرين -بكل أدب وتحضر- للمطالبة بتقديم اعتذار لجميع المسلمين وعدم تكرار هذه الإساءات مرة أخرى، وإعادة فتح المدارس والمساجد للتي أغلقت، وإلا تفعيل مبدأ “المعاملة بالمثل” في بلادنا، وهذا مقتضى العدل ومبادئ الدبلوماسية.
■ وعلى الجميع مقاطعة كل ما هو فرنسي الصانعة والمنشأ، ويتعاونوا على ذلك ما أمكن. كي يعلموا أن المسلمين يفدون رسولهم -صلى الله عليه وسلم- بكل ما هو غال وثمين.
ويجب أن تستمر المقاطعة وتتسع حتى يتم الاعتذار الرسمي العلني، ويتم فتح المدارس والمساجد التي أغلقت، والأهم من ذلك إصدار تشريع يجرم الاستهزاء بالرموز الدينية للديانات السماوية.
■ أما غير القادرين على فعل شيء مما سبق، الاجتهاد في الدعاء ليل نهار لنصرة النبي -صلى الله عليه وسلم- والإسلام والمسلمين وإبعاد الأذى عنهم في كل مكان.
وأخيرا ينبغي ألا نسمع للمتخاذلين من أهل النفاق والشقاق ممن يدعون العلم زورا وبهتانا وهم يثبطون الناس عن الدفاع عن نبيهم -صلى الله عليه وسلم- بحجج واهية وتأويلات فاسدة، ولنعلم جميعا أننا محاسبون عن ذلك.
(المصدر: مدونات الجزيرة)