بقلم د. حمزة آل فتحي
فلا يزال الاستعداد المنبري والبناء الخطابي هزيلا في حياتنا، وأكثر الناس أعد نفسه، أو كانت فيه الأدوات الخطابية من سن مبكرة،،،! وهذا في الخطيب الراتب الأساس، فكيف عن بديله وخريجه واختياره..؟!
تتعرض لسفر، ينتابك مرض، فيأخذك في أدراج التعب، وتُشغل بأشغال، تغيبك عن المنبر الرقراق، فتود المسعف المعين، والبديل المجدي المثمر، ليرتدي صهوة المنبر، فيقول الحق المبين، وينشر الأريج في كل مكان، بتفنن واقتدار، فيقول الجمع: ما تخلف فلان، بل أسدى نعمة حسناء، ((وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا)) سورة النساء.
وكما قيل:
وقد علم القومُ اليمانون أنني// إذا قلتُ أما بعد إني خطيبُها !
ولكن بكل أسف…! تبحث وتلتمس، فيعز وجوده، وتكثر الاعتذارات، في مناطق غاصة بالأخيار وحملة القرآن والشريعة،،،
مشغول- مسافر- مرتبط- الجامع كبير- الولد مريض- علمي قصير-الوقت ضيق- فلان أفضل… الخ.، وقد يلفظها حملة الشريعة وأشباههم .
بل نقداتهم أكثر من مشاركاتهم.،!
والغياب الفجائي للخطيب، يدخل أهالي الجامع في دوامة حرجة، يعز فيها البديل والنقيب والمنقذ…!
والسبب:
1/ ضعف التربية الدعوية: والمنبرية لأولئك الخريجين والمتدينين ، والذين لا تجري مشاعل الدعوة في أعصابهم ، بحيث تحفزهم على العمل، ويستشعرون الأمانة، وواجب البلاغ والنصيحة للخلق ((ولكن كونوا ربانيين بما كُنتُم تعلّمون الكتاب وبما كُنتُم تدرسون)) سورة آل عمران .
ومن المؤسف كليات شرعية لا تخرج خطباء أو تعقد لهم دورات خطابية للتدريب والتجرئة، وكسر حاجز الخوف والخجل..!
2/ غياب الخطط الدعوية الاستراتيجية: وهو ما تتحمله المؤسسات الدعوية بكافة أنواعها، لأن الخطبة فريضة لاتصح الجمعة إلا بها، فلزم اتخاذ الآليات المناسبة، وإعداد البرامج التعبوية والتفاعلية والتأهيلية لمثل ذلك ((وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة)) سورة محمد.
3/ شعور المتدين بعدم الحاجة إليه وحاجته إلى الدعوة، لانعدام الثقة، وتورطه في خندق السلبية، وأن في الشباب من يكفي ويغني..!
4/ الزهادة المنبرية: والتي تعتقد أن جدوى الخطبة قليل، وأثرها يسير، ومن ثم لا تكترث لها، كسخرية بعضهم بالوعظ وأنه ليس التنظير الراقي، ولا التأسيس الدعوي المنشود،،،،! وبالتأمل، لا تلحظ لا تنظيرا ولا وعظا، وإنما ركود ورقود وجمود، ولا حول ولا قوة الا بالله …! ويدعي البعض أن تكررها الأسبوعي ينسي بعضها بعضا، وبات الناس ينسونها بكثرة..!
5/ تهيب الصعود المنبري: بسبب مواجهة الجماهير، والوقوف بكل ثقة وشجاعة، وتذكر المرء لذنوبه، وما شاكله، وديمة التحضير الأسبوعي، الذي يُرهق ويُلزم ويروض،… فإما الاستدامة، أو الترك والاعتذار..!
6/ الركون للاسترخاء العام: وعدم تشوف الناس أو تشوقهم للداعية المؤثر، والخطيب المِصعَق، والذي ترتجف معه القلوب، وتخشع المشاعر، ويحدث أثرا عجيبا، افتقدته الدعوة الإسلامية منذ زمن ليس بالقليل . وأشعلت الفضائيات وثورة الاتصالات جانب الاسترخاء، وعولت على توجيهها جماهير واسعة، ظنت أن الوعظ الالكتروني كاف ووافٍ .
7/ إهمال الفقه الدعوي: وتجاهله للوضع المنبري وتربية الأجيال على ذلك، من قبل أكابر العلماء، ومنظري الفكر، أو التركيز على تأهيل دعوي عام، لا يبني الخطيب البارع، والشاب المتدفق البارز ..!
ونعتقد أن وظيفة أسبوعية بهذا التشريف الشرعي لها، ما ينبغي قتلها بتقليدية باردة، أو تعامل غير مثمر..!
8/ تقصير دوائر الإلقاء: من مساجد ومدارس وجامعات ومؤسسات إدارية وتدريبية من تعميق الجانب الخطابي، لدى الشباب، وارتهان القول بكبار السن أو المدراء والقراطيس، وإحراجهم أحيانا، فيصل التلميذ للجامعة والمعهد وهو لا يحسن ارتجال كلمة فضلا عن أن يدبج خطبة عصماء فائقة ..!
إن مشروع الخطيب البديل محتم أن تتبناه بعض الجهات الدعوية والتربوية، لتصنع الصف الثاني والثالث للدعوة، ويحزنك أن يسهم خطيب الجامع في تكريس الإهمال والاستنوام، بسد الثغرة على أي وجه كان، ولا يتطلب روائع الثمر، ومحاسن الزهر والدرر، أو يحشد الطاقات للبناء والإعداد والتأصيل .
9/ التعلق المنبري: والتشبث من أصحابه إلى درجة الالتصاق، والاستبداد وعدم إتاحة الفرصة، والتأمل الدعوي، وتنشئة الجيل الواعد، بحيث لا يدعه إلا في حال المرض والظروف القاهرة، فيندم ولات ساعة مندم..! والله الموفق.
وللخطيب البديل وسائل صانعة منها:
– دورات يضطلع بها أرباب الشأن .
– برامج دعوية تضم لحلق العلم والتفقيه.
– نباهة بعض الخطباء وتحركهم تربويا في هذا الاتجاه .
– مسابقات تنظمها المحافظات والجامعات وبعض المدارس.
– تأسيس أكاديمية أو جمعية للإلقاء والخطابة، تتعهد بها جهات دعوية أو خيرية .
ومضة/ الخطيب البديل مشكلة قائمة، والحلول قليلة، أو غير مطروحة ..!
المصدر: الاسلام اليوم.