بقلم د. نايف الجريدان
مما تقرر في الشريعة حرمة أن يخطب الرجل المرأة المخطوبة، ويعبر عنه الفقهاء: [خطبة الرجل على خطبة أخيه]، حيث جاءت الأحاديث مصرحة بالنهي عن ذلك، ففي الصحيحين عنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَخْطُبُ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ”. وزاد البخاري من حديث ابن عمر رضي الله عنه : ” حَتَّى يَتْرُكَ الخَاطِبُ قَبْلَهُ أَوْ يَأْذَنَ لَهُ الخَاطِبُ”. [البخاري 5142، ومسلم 1408].
والحِكمة من وراء النهي عن الخطبة على الخطبة أن هذا الفعل يورث العداوة والبغضاء، كما يؤدي إلى أن يزكي المرء نفسه، وذم غيره، وتزكية النفس مذمومة {فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى} [النجم: 32]، وذم الغير في غيبته غيبه، والغيبة من الكبائر {وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا} [الحجرات: 12]، وقد نص ابن عابدين رحمه الله على أن الخطبة على الخطبة “جفاء وخيانة” [حاشية ابن عابدين 3/9].
ويؤكد هذه المعاني التي ذكرناها أن الخطبة على الخطبة عدوان من الخاطب الأول على الثاني، والله يقول: {وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [البقرة: 190]، وفيه إذاء له، والله يقول: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} [الأحزاب: 58].
والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. والحمد لله رب العالمين.
المصدر: الملتقى الفقهي.