“الحوض المقدس”.. أسطورة يهودية تسعى إسرائيل لتحويلها إلى واقع يشوه محيط المسجد الأقصى
إعداد أسيل الجندي
يمتد مشروع “الحوض المقدس” من منطقة وادي الربابة في بلدة سلوان مرورا بحيي البستان ووادي حلوة في البلدة، ثم نحو منطقة طنطور فرعون والمقابر اليهودية على سفوح جبل الزيتون، وتبلغ المساحة المستهدفة بهذا المشروع نحو 2 كيلومتر، ويستغل الاحتلال القضية الدينية لفرض واقع سياسي في المكان.
تطل بلدية الاحتلال والجمعيات الاستيطانية كل يوم بمخططات تهويدية جديدة في القدس، ولعلّ أخطر المشاريع تلك التي تحيط بالمسجد الأقصى المبارك وسور البلدة القديمة التاريخي، ومن بينها مشروع “الحوض المقدس”.
وأعلنت إسرائيل انطلاق العمل في مشروع الحوض التاريخي “المقدس” عام 1999، ونفذت أجزاء منه وتسعى جاهدة إلى تنفيذ البقية، ويمتد المشروع -وفقا لمدير دائرة الخرائط في جمعية الدراسات العربية خليل التفكجي- من منطقة وادي الربابة في بلدة سلوان، مرورًا بحيي البستان ووادي حلوة في البلدة، ثم نحو منطقة طنطور فرعون والمقابر اليهودية في سفوح جبل الزيتون.
وتبلغ المساحة المستهدفة بهذا المشروع نحو 2 كيلومتر ونصف حول البلدة القديمة وأسفلها، ويستغل الاحتلال القضية الدينية لفرض واقع سياسي في المكان، وفقا للتفكجي.
فوفقا للأسطورة اليهودية، ترتبط المقابر اليهودية في جبل الزيتون بـ”الهيكل الثالث” الذي سينزل المسيح المنتظر وهو يحمله من السماء باتجاه جبل الزيتون وسيدخل به من باب الرحمة (أحد أبواب المسجد الأقصى) لإقامة الهيكل الثالث في المسجد.
كما يرتبط كل من حي وادي حلوة والبستان ووادي الربابة بالملك داوود الذي كان يسير في المكان قديما ويكتب مزاميره، وبالتالي لا بد من تهويد المكان بالكامل تمهيدا لإقامة الهيكل الثالث، وفقا للرواية التوراتية.
أما القبور الواقعة في منطقة طنطور فرعون، فليس لها علاقة بالروايات التي أطلق مشروع “الحوض المقدس” من أجلها، لكنها أُقحمت في المشروع باعتبارها جزءا من التاريخ اليهودي، حسب التفكجي الذي أكد -للجزيرة نت- أن المشروع وبعد الإعلان عن انتهاء كافة جزئياته سيكون قد أتى على محيط البلدة القديمة من الناحيتين الجنوبية والجنوبية الشرقية بالكامل.
فوق الأرض وفي باطنها
وأضاف خبير الخرائط أنه بالإضافة إلى تهويد سطح الأرض بهذا المشروع، فإن 3 أنفاق تندرج في إطاره وتمتد من أسفل بلدة سلوان حتى البلدة القديمة، قائلا إن “إسرائيل تدعي أن تاريخها أقدم مما هو موجود فوق الأرض، لذا فهي تستمر بأعمال الحفريات وتفريغ الأتربة باستمرار، معتبرة أن ما في باطن الأرض تاريخها وملك لها”.
ورغم هذا الادعاء، فإن الجمعيات الاستيطانية لا تتوقف عن محاولات السيطرة على مزيد من العقارات في بلدة سلوان وتُكثف نشاطها في حيي وادي حلوة والربابة المستهدفين في مشروع “الحوض المقدس”.
وتنشط كل من جمعية “إلعاد” و”عطيرت كوهانيم” في بلدة سلوان المستهدفة بـ10 مشاريع استيطانية، منها ما نُفّذ ومنها ما ينتظر المصادقة عليه في دوائر التخطيط والبناء الإسرائيلية.
وأبرز المشاريع “السياحية الاستيطانية” التي تدخل في “الحوض المقدس” ما يسمى “مدينة داود”، وهو المشروع الذي تفتخر إسرائيل بأنه يستقبل نحو مليون سائح أجنبي وإسرائيلي سنويا.
وشُيّد هذا المشروع في وادي حلوة جنوبي الأقصى، ويحاول الاحتلال توسيعه عبر إقامة موقف “جفعاتي” للسيارات الذي يتكون من 6 طوابق ويضم أيضا مركزا تجاريا.
ولربط غربي القدس بشرقيها -ليصل الزوار إلى الحوض التاريخي- سينفذ مشروع “القطار الهوائي” الذي سينقل السياح بين شطري المدينة، ويؤثر بشكل أساسي على حيي وادي حلوة ووادي الربابة بسلوان.
أما مشروع “الجسر الهوائي” الاستيطاني الذي تدّعي إسرائيل أنه سياحي، فسيبلغ طوله 240 مترا بارتفاع 30 مترا، وسيبدأ من حي الثوري مرورا بأراضي وادي الربابة وصولا لمنطقة وقف آل الدجاني جنوب غربي المسجد الأقصى.
مسارات هوائية وأرضية وحدائق عامة ومطاعم يشملها هذا المشروع الضخم بهدف تشجيع السياحة الاستيطانية وجلبها لقلب الأحياء الفلسطينية.
آلاف المقدسيين ضحية
وتبلغ مساحة كل من حي وادي الربابة والبستان ووادي حلوة التي يستهدفها مشروع “الحوض المقدس” نحو 1030 دونما، ويعيش فيها 7350 مقدسيا يعانون من أساليب تضييق مختلفة ترمي إلى دفعهم لهجرة منازلهم وتفريغ الأحياء للمشاريع الاستيطانية وللمستوطنين.
يقول عبد الله معروف -أستاذ دراسات بيت المقدس في جامعة “إسطنبول 29 مايو”، ومسؤول الإعلام والعلاقات العامة في المسجد الأقصى سابقا- للجزيرة نت إن الاحتلال يعتبر أن منطقة “الحوض المقدس” هي المنطقة الأكثر قدسية في الديانة اليهودية.
وتنبع قدسيتها في الرؤية اليهودية من كونها المنطقة المحيطة بقدس الأقداس، التي تمثل عند الحركات المتطرفة الصخرة الموجودة داخل مصلى قبة الصخرة المشرفة، ويعتبر هؤلاء أن المسجد الأقصى يشكل المحيط الأقدس لهذه المنطقة المقدسة.
وأضاف أن “الجماعات اليهودية المتشددة في إسرائيل تقوم على أساس اعتبار كل ما يحيط بهذه المنطقة المقدسة حقا أو منطقة مقدسة، وينبغي أن تكون خالية تماما من المظاهر غير اليهودية، التي يمثلها الوجود الفلسطيني اليوم في المكان”.