مقالاتمقالات مختارة

الحركات الباطنية.. غلاة الشيعة (7)

الحركات الباطنية.. غلاة الشيعة (7)

بقلم فاتن فاروق عبد المنعم

أهوال التأويل:

لا يكف أصحاب هذا المعتقد عن مزاولة الانحراف عن جادة الصواب حد بلوغ الكوارث وكأنهم لا يستقيم لهم حال دون الزيغ والضلال المبين،

 فهم يعتقدون أن الرسول صلى الله عليه وسلم خص بالتنزيل بينما علي خص بالتأويل،

فهل القرآن المنزل بلسان عربي مبين على أناس منطقهم العربية ما بين عاربة ومستعربة،

يجيدون حرفها ومفردتها وجزالتها كانوا بحاجة إلى ترجمان مثل علي بن أبي طالب ليأول ما نزل به الوحي على الرسول صلى الله عليه وسلم؟!

كيف وأبي لهب عم النبي الذي عاش محاربا للرسول وأتباعه كان يتسلل خفية ليسمع تلاوة المؤمنين للقرآن من شدة إعجابه بمحكم تنزيله.

أنا صاحب التنزيل وعليٌّ صاحب التأويل!!

وزعموا أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «أنا صاحب التنزيل وعليٌّ صاحب التأويل»

وهؤلاء رووا عن النبي أنه قال:

إني تارك فيكم الثقلين، وعترتي أهل بيتي، ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا أبدا

واتخذوا هذا ذريعة للجمع بين القرآن وأصحاب تأويله (وهم الأئمة)

وقولهم زورا عن النبي أنه قال:

 تعلموا من عالم أهل بيتي، أو ممن تعلم من عالم أهل بيتي تنجوا من النار

وقولهم زورا عن النبي أنه قال:

سوف تقاتل على تأويله، كما قاتلت على تنزيله

هل خلافات الصحابة في أحداث الفتنة الكبرى كانت في التنزيل أو التأويل؟!

فزعموا أن هذا كله يدل على أن علي هو الوصي، هو ومن تبعه من الأئمة من ذريته، وهم الذين اختصوا بتأويل القرآن ولذلك زعموا أن عليا قال:

ما نزلت آية من القرآن إلا وعلمت كيف نزلت، وأين نزلت، وفي أي شيء نزلت، سلوني قبل أن تفقدوني عما كان، وعما يكون إلى يوم القيامة.

نظرية التأويل بالباطن التي تزعمها لإسماعيلية تقوم على أن الله تعالى جعل كل معاني الدين في المخلوقات التي تحيط بالإنسان،

فيجب إذن أن يستدل بما في الطبيعة وبما على وجه الأرض لفهم حقيقة الدين، وجعلوا المخلوقات قسمين، قسما ظاهرا للعيان،

وقسما باطنا خفيا، فالظاهر تدل على الباطن، وزعموا أن للقرآن معان أخرى غير تلك التي تجري على ألسنة الناس،

وزعموا أن لكل فريضة من فرائض الدين تأويلا باطنا لا يعلمه سوى الأئمة وكبار دعاتهم.

شرك تقديس الأئمة:

لا يكفون عن إفك التأويل فهم يزعمون أن الله جل شأنه في قوله (وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)

36الأعراف يعني أن (آيات الله) هم الأئمة لأنهم الأعلام الدالة على الله.

“إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ ۖ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا” ﴿٧٢الأحزاب)

يزعم المؤيد أن الأمانة هي الولاية، والسماوات والأرض والجبال والحدود الحية الناطقة،

فالنطقاء هم السماء والأسس والأئمة هم الأرض، والحجج هم الجبال،

والإنسان في هذه الآية هو الضد الذي تقمص قميص خلافة النبوة بغير سلطان من الله تعالى ولا نص من رسوله.

تأويل الفرائض والتشريعات:

أولت لتناسب خبث قريحتهم، فأولوا الحلال أنه الواجب إظهاره وإعلانه، والحرام هو الواجب ستره وكتمانه،

أما الصلاة فهي صلة الداعي إلى دار السلام بصلة الأبوة في الأديان إلى الإمام (بابا مثل النصارى)،

والزكاة هي إيصال الحكمة إلى المستحق، والصوم هو الإمساك عن كشف الحقائق لغير أهلها، والحج القصد إلى صحبة الأئمة، والإحرام الخروج من مذهب الأضداد،

أما الزنا فهو اتصال المستجيب من غير شاهد، والربا هو الرغبة في الإكثار وطلب الحطام وإفشاء الأسرار،

والمسكر الحرام هو ما يصرف العقل عن التوجه إلى طلب معرفة الإمام، وبذلك فإن كل المحرمات أصبحت حلالا.

يقول الإمام الغزالي:

«إن هذه الدعوة (الباطنية) لم يفتتحها منتسب إلى ملة، ولا معتقد لنحلة، معتضد بنبوة،

فإن مساقها ينقاد إلى الانسلال من الدين كانسلال الشعرة من العجين»

القرامطة:

أسسها ودعا إليها شخص لقب بالقرمط نظرا لقصر قامته،

وقصر ساقيه بشكل ملحوظ يدعى حمدان بن الأشعث وكان ناقمًا حاقدًا على مجتمعه أينما حل ربما لكثرة السخرية منه،

جاء من خوزستان إلى الكوفة وسكن منطقة تسمى النهرين، تظاهر بالزهد والورع والتقشف،

لا يتحدث إلا في أمور الدين والزهد في الدنيا وعن الصلاة المفروضة التي هي في الأصل خمسون صلاة في كل يوم وليلة،

ظل على ذلك ردحا من الزمن ثم أعلمهم أنه يدعو إلى إمام من أهل البيت،

أقام على هذه الدعاية حتى استجاب لدعوته جمع غفير حتى شاع أمره في القرية التي كان يقيم فيها واستجاب أهلها لدعواه،

وكان يأخذ من كل رجل دينارا يزعم أنه للإمام، واتخذ من أتباعه اثني عشر نقيبا، أمرهم بالانتشار ليدعوا الناس إلى مذهبه،

وقال لهم أنتم كحواري عيسى عليه السلام،

كان أمير هذه المقاطعة يدعى الهيصم لما علم بدعواه اعتقله في بيته وأغلق عليه الباب ولكن جارية رقت لحاله وساعدته في الهروب،

واختفى عن الأعين لبعض الوقت ثم عاد للظهور بعد أن شاع أتباعه أنه رفع فلما ظهر كثر أتباعه ومريديه ولكي يزيد في الإفك قال لهم أن أحدا لا يستطيع أن يمسه بسوء.

الأسباب التي ساعدت في توطيد أركان هذا المعتقد

من الأسباب التي ساعدت في توطيد أركان هذا المعتقد، أن جنوب العراق كان يموج بثورة الزنج ضد العباسيين،

فانضم هذا الخبيث إلى أمير الزنج قائلا له أن معه مائة ألف سيفا ودعاه إلى مناظرة استمرت من الصباح وحتى الظهيرة..

وكانا قد اتفقا على أنهما إن توافقا على الثوابت فإن هذا الدعي سينضم إلى الزنج ولكنهما بعد المناظرة كان التباين بينهما عميق،

فلما قام أمير الزنج للصلاة تسلل الآخر خفية إلى سواد الكوفة.

ودائما الورم يبدأ بخلية واحدة فإن لم تجتث على الفور فإنه يتمدد ويستفحل أمره،

فقد عاملت الدولة العباسية بشيء من الترهل فقويت شوكتهم

حيث أن أحمد بن محمد الطائي والي الكوفة سمع بهذه الفرقة فأمر بأخذ دينار جزية من كل رجل،

فقدم بعض الرجال من الكوفة إلى بغداد ليحذروا الخليفة من تلك الفرقة التي أحدثت دينا جديدا غير الإسلام،

وأنهم يرون السيف على أمة محمد وأن الطائي يخفي أمرهم، فما كان من الطائي إلا أن أجهض مهمتهم،

وعاملهم بطريقة جعلت أغلبهم لا يجرؤ على العودة إلى بلاده خشية أن يضطهد،

وهكذا كل مشكلة لها أصل متجذر لم يقض عليها في حينها تستفحل وتتمدد حتى يأتي جيلا لا يجد بدا من المواجهة الكاملة ويتحملوا إخفاق الأجداد.

وهكذا فإن حركة القرامطة وهي إحدى فرق الإسماعيلية قامت في ثلاث بلاد في الكوفة واليمن والمغرب

الذين أقاموا الدولة العبيدية الذين فتنوا الناس فتحللوا من صحيح الدين وانتشر الفساق والزنادقة الذين انتهكوا المحرمات والأعراض.

أحد دعاتهم بالأندلس يدعى أبي الخير قام

«بالدعوة إلى الانحلال الخلقي، وإنكار الفرائض، وإنكار الحساب والعقاب، واعتبار الملائكة بنات الله، والمساجد دورا للبقر،

ثم سخريته ممن يصلون أو يحجون لأنهم يتعبون أبدانهم، ويقصدون حجارة صماء،

ونقل عنه أيضا أنه تمنى أن يقلع الحجر الأسود من مكانه كما فعل القرامطة،

وكان يقول في الخمر أنه أجل من الماء في الشراب والطهور وأن محمد صلى الله عليه وسلم ظلم في تحريمها،

وأحل الأشياء كانت الخمر خيرا منها»

وللحديث بقية إن شاء الله

المصدر: صحيفة الأمة الالكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى