الحركات الباطنية.. غلاة الشيعة (6)
بقلم فاتن فاروق عبد المنعم
عقيدة البعث والحساب:
يفضحون عوار معتقدهم بأنفسهم، فهم يؤمنون بتناسخ الأرواح وإن أنكر كتابهم المحدثين ذلك..
ولكن الكثير من علمائنا القدامى قالوا بأن الإسماعيلية تؤمن بالتناسخ وتنكر يوم القيامة، من هؤلاء العلماء أبي حامد الغزالي الذي قال:
«وقد اتفقوا عن آخرهم على إنكار القيامة، وأن هذا النظام المشاهد في الدنيا من تعاقب الليل والنهار،
وحصول الإنسان من نطفة، والنطفة من إنسان، وتولد النبات، وأولوا القيامة وقالوا أنها رمز خروج الإمام وقيام قائم الزمان،
وهو السابع الناسخ للشرع المغير للأمر، وأما المعاد فأنكروا ما ورد به الأنبياء، ولم يثبتوا الحشر والنشر للأجساد، ولا الجنة ولا النار،
ولكن قالوا معنى المعاد عود كل شيء لأصله، وزعموا أن نفوس المعاندين لمذهب الإسماعيلية(أهل السنة والجماعة)،
تبقى أبد الدهر في النار، على معنى أنها تبقى في العالم الجسماني تتناسخها الأبدان،
فلا تزال تتعرض فيها للألم والأسقام، فلا تفارق جسدا إلا ويتلقاها آخر».
يقول الدكتور محمد كامل حسين:
«إن هذه الصفات التي أسبغوها على الأئمة، لم يستطيعوا أن يصرحوا بها للعامة أو للمبتدئين من المستجيبين،
بل لم يكن يعرفها إلا داعي الدعاة نفسه في المجالس التي يعقدها للخاصة فقط،
أما أمام جمهور الناس ولاسيما في مصر عندما كان يحكمها العبيديون، فلم يكن الدعاة قادرين على الإبانة عن هذه العقائد أو الإشارة إليها،
وإلا كان ينالهم من المصريين ما ناله دعاة تأليه الحاكم بأمر الله، ولذلك عمد الإسماعيلية إلى إخفاء عقائدهم السرية عن الناس،
ولم يظهروا منها إلا ما كان هينا رفيقا بالناس، وما كان لا يخالف العقيدة السائدة في مصر وهي قريبة من مذهب الإمام مالك والشافعي».
وهكذا فإنهم يؤمنون أن الأنبياء والأئمة يموتون وتبقى أرواحهم تتلبس أجسادا أخرى بالتعاقب وهي نفس عقيدة التناسخ التي يؤمن بها السيخ،
والقيامة عندهم هي عودة الروح لمبدئها وهي النفس الكلية ما يعني إبطال العقاب والثواب في الجنة والنار،
لأن العقاب عندهم يعني الآلام التي تعانيها الروح من تقلبها في أجساد شتى في البشر..
ثم الحيوانات ثم النباتات المهلكة في ترتيب كوميدي فريد من نوعه في تسلسل أقرب إلى الأساطير منها إلى عقيدة يعتنقها ويقتنع بها بعض البشر، ولله في خلقه شئون.
أرواح الأنبياء والمؤمنين فهي تموت وتمتزج بالهيكل النوراني تعود بعدها إلى الأرض بأجسام أخرى، أما الثواب فهو يعني اللذة التي يحصل عليها المؤمن من مراتب العلوم.
خرافة التناسخ المتأصلة لديهم:
أحد دعاة الباطنية نشر حديثا يقول:
«إن أهل الحق على ضربين، أحدهما أهل المعارف الحقيقية، والعلوم الأهلية،
والأعمال الصالحة، والمولاة لجميع الأئمة من ناطق الدور ووصية إلى إمام الزمان وحدوده،
وهؤلاء هم الذين يكونون عند مفارقتهم لكثافتهم (أجسامهم) الأعضاء الرئيسية من ذلك الهيكل النوراني الذي هو هيكل الإمام،
وعلى قدر مبلغ كل واحد منهم في العلم والمعرفة والولاء يكون علوه في ذلك الهيكل النوراني، ويتلوهم أهل الولاء المحض،
والأعمال الصالحة في ذلك الهيكل، فيكون كل واحد منهم في موضعه الذي يستحقه، وهذه لطائفهم دون كثائفهم،
فأما كثائفهم فتكون محفوظة في أعز عز، وأحرز حرز،
وذلك أنها تعود إلى السحيق بعد مفارقتهم لطائفهم، ثم إلى المزاج والممتزج،
ثم تعود إلى الأرض أمطارا، ثم تلطف إلى أن تحلل بخارا، وتصعد إلى فلك البروج في أماكنها،
وينحدر ذلك من البروج إلى الأرض، ثم يصير ترابا سحيقا، ثم ترتقي إلى أن تصير في القامة الألفية أنسانا، وذلك الصاعد خلفا للمنحدر…….
وعند كمال هذه الأشخاص وبلوغهم الحلم
تدعى فتجيب ويؤخذ عليها العهد الكريم وترتقي في الرتب الدينية والمعارف الحقيقية شيئا بعد شيء من غير أن يدخلها شك ولا يعرض لها شبهة،
بل تكون جارية في مضمار الصعود، إلى أن تبلغ ما لها أن تبلغه،
وهو مبلغها الذي بلغته في أول وهلة عند كونها وظهورها بالجثة الإبداعية،
فالباب يعود بابا والحجة يعود حجة وداعي البلاغ يعود داعي بلاغ…….
ولا يزالون كذلك كلما صفت نفس وصعدت إلى عالم الصفا، انبعث في جسمها المتخلف نفس أخرى بتدبير المتدبرات ونظر من العناية الإلهية.
أما الضرب الثاني هم أهل الولاء المتعلقون بشيء من العلوم الدينية والحكم الإلهية…..
وأجسام هؤلاء لا بلوغ لها إلى مبالغ أجسام أهل الضرب الأول، بل تبقى مرتهنة بتلك الأفعال القبيحة التي تعدت إليها،
وأقدمت عليها من غير حلها، فيقتص منها بجميع ما أسلفته وفعلته من قليل وكثير،
ويسلك بها في شيء صراط العذاب، ومطامير العقاب الأدنى،
وتعرف بالنار المصفية، إلى أن يكمل ما عليها من المظالم،
واستؤنف بها العمل والترقي إلى أن تظهر في القامة الألفية، ثم تدعى فتجيب،
وتتصل إلى حدها الذي بلغته أولا كما سبق به القول.. ولما انتهى بنا القول إلى ما انتهى،
نريد أن نتبع ذلك الكلام على الأضداد وما ينتهون إليه من الكون والفساد، وما يصيرون إليه من العذاب وسوء العقاب……..،
وأما أجسام هؤلاء الأضداد ونفوسهم،
فإن نفس الواحد منهم عند موته تشيع في جسمه ويصيران شيئا واحدا، ويستحيلان إلى التراب،
ثم يصعدان بخارا ويعودان مطرا، ويحدث من ذلك المطر البرقات المهلكات، والسيول المخربات…….
وينصبان إلى الأرض ويصيران نباتا وحيوانا، فيغتذيه من يصلح له الاغتذاء، ويستقبل بهما العذاب، وهي الأدراك السبعة،
فأولها درك الرجس
وهي قمص البشر، فيصير ذلك المغتذي به نطفة يرتقي إلى أن يخرج من بطن أمه جنينا في قميص من قمص الزنج والزنجات،
والبربر والترك وغيرهم من الذين لا يصلحون لمخاطبة الحق،
ولا يزال ينتقل من قميص إلى قميص (جسد) إلى أن يسكتمل في كل نوع من أنواع هذا الدرس سبعين قميصا،
ثم خرج بالمزاج والممتزج إلى قمص الوكس وهو الدرك الثاني المماثل للتركيب البشري وهم القرود والدب والنسناس والغول وأمثال ذلك،
فيسلك به في كل نوع من هذه الأنواع سبعين قميصا، إلى أن يستوفيها جميعا وهو في جميع هذه القمص الوكسة، يتحقق أنه في حال العذاب……….
ثم يسلك به في قمص العكس، وهو الدرك الثالث،
وهم سباع البر والبحر، كالأسود والذئاب وأمثالهم، إلى أن يستكمل في كل نوع من هذه الأنواع سبعين قميصا،
ثمَّ سلك به في قمص الحرس،
وهو الدرك الرابع من هوام البر والبحر كالأفاعي والعقارب، فينقمص في كل نوع من هذه الأنواع سبعين قميصا…….
ثم سلك به في الدرك الخامس ويسمى النجس وهم طير البر والبحر، إلى أن يستوفي في كل نوع سبعين قميصا،
فإذا استوفى جميع هذه القمص سلك به بما هو في الدرك السادس ويسمى النكس، وهو النبات المحظور القاتل المهلك للحيوان،
إلى أن يستوفي في كل نوع من هذه الأنواع سبعين قميصا،
وسلك به في الدرك السابع الذي يسمى الركس وهو المعدن والحجر،
وأن يستوفي في كل نوع من هذه الأنواع سبعين قميصا، ثم إنه يعمد بعد ذلك بأضداد المقامات الإلهية والرسل والأنبياء،
فتنفى في أرباع الأرض الخارجة عن حد الاعتدال، التي هي غير مسكونة»
الحقيقة على طول هذا الاستعراض الذي عمدت إلى عدم التدخل فيه..
فهو وحده كفيل دون غيره بنقض هذه العقيدة الباطلة والتي لا تمت للإسلام بصلة إلا في المسميات والأحكام والتي يؤولونها على غير حقيقتها ونقائها.
فهل هذا يوافق العقل والمنطق فضلا عن كونه عقيدة يؤمن بها فئة من البشر؟!
النار والجنة:
يقول علي بن محمد الوليد:
«أن النفس تستحق الجنة حين تصير خالصة من شوائب المادة، معراة من الجسمانية مناسبة لذوات الملائكة وصورها،
بحيث تصير إلى حال تستمد فيها قبول فيض العقل على الدوام، وتخلص من آثار الحس،
فيترادف الفيض في ذاتها، ودار الثواب لا تغير فيها، فلا يمكن أن تكون لذاتها حسية، لأن ماهو حسي متغير فاسد»
أما العقاب فيصفه الحامدي بقوله:
«إن للنفس في عالم الكون والفساد كائنة في الأجساد، وهي الأرواح الهابطة للذلة التي كانت منها، والخطيئة التي جنتها،
فأهبطت وأبعدت من دار الكرامة، فبقيت معذبة مربوطة بالطبيعة الحسية
والتكليفات اللازمة لها في الشرائع الناموسية، جزاء لها بما أسلفت،
وما ذكره الحكماء من الهيولي (الأصل التي انحدرت منه الروح حسب اعتقادهم لتنتقل من جسد إلى جسد)
والصورة، إلا تنبيها للنفس اللاهية، والأرواح الساهية الغافلة عن آيات الله وتذكارا لهم،
وأن الهيولي والصورة أعرف عليها واقفون وبرازخ لهم إلى يوم يبعثون،
كلما بليت صورة بالفساد كونت أخرى بالكون، فهم بين البلاء والنشوء مترددون، ما بين الهيولي الجسمانية، والصورة التركيبية»
وبذلك فهم لا يؤمنون بالحساب والجنة والنار التي نعتقدها،
وتلك الدوامات اللفظية والحركات البهلوانية (كما يدعون تجوال الروح في الأجساد)
التي يسوقونها ليست إلا لتلبيث صحيح الدين على العوام الذين يشعرون أنهم بحاجة إلى دعاة يفسرون لهم هذا الخرف،
الحقيقة أنهم بالفعل أخطر أنواع الكفار لأنهم يدعون أنهم مسلمون بينما هم لا يمتون للإسلام بصلة.
وللحديث بقية إن شاء الله
المصدر: صحيفة الأمة الالكترونية