الحركات الباطنية.. غلاة الشيعة (4)
بقلم فاتن فاروق عبد المنعم
التقية:
توقفنا في المقال السابق، عند ثبوت كيف أن عبد الله بن سبأ استدعى معتقدات السابقين من الوثنيات والشرائع التي حرفت
ولووا عنق النص القرآني ليوافق تلك الشركيات السابقة على الإسلام،
وهذا الاستعراض المبسط السابق كي نصل إلى مفهوم التقية الذي ابتدعوه،
فالتقية عقيدة واجبة على كل من دخل في مذهبهم،
وهم من حاولوا جاهدين أن يظهروا لأئمتهم علم باطني أوحاه جبريل عليه السلام للنبي صلى الله عليه وسلم
وأسره لعلي بن أبي طالب وتناقلته الأئمة من بعده إلى بعضهم البعض
وحسب زعمهم هذا العلم الباطني يشتمل على حقائق الدين وكافة حوادث العالم،
فعلي لم يعرف المعنى الحقيقي الخفي للقرآن عن الفهم العادي فحسب ولكنه ألم بكل ما سيحدث إلى يوم القيامة،
وعرف كل فتنة ستحدث حتى ذلك الوقت،
من أجل هذا فإن الإيمان بهذا العلم الخفي قد أتاح للشيعة أن يصنفوا طائفة من المؤلفات الدينية الغريبة زاعمين أنها تحتوي على هذا الوحي الخفي،
وقد تناقل الأئمة علم علي برواية خفية،
فهم يتلقون الوحي ولا يستطيعون أن يعلنوا غير الحق وهم أيضا السلطة العليا المفردة التي بيدها التعليم والهداية ونشر الفرائض والأحكام الإلهية والنبوية وتأويلها،
ورغم هذا الإفك والزور فإن بعض مفكريهم قد أعلنوا أن أسيادهم الروحيين في علومهم الباطنية هم أرسطو، وأفلاطون، وفيثاغورث،
وهذا ما يدحض زعمهم بوجود علم باطني تلقاه علي عن النبي صلى الله عليه وسلم وتناقلتهم أئمتهم فيما بعد.
الباطنية.. مذهب خفي
يقول عبد الله النجار (كاتب درزي معاصر)
الباطنية مذهب خفي اتخذه أصحابه وقاء من نقمة الحانقين والغوغاء وطوروه على معان خصت بها فئة مختارة من العارفين،
شرعه اليونانيون القدماء، وحصروا أسراره من المطلعين النبهاء، فهو منسوب إلى أرسطو وأفلاطون وفيثاغورث،
من هذه المصادر الثلاثة انحدر المذهب إلى الدروز، الذين يعتبرون هؤلاء الفلاسفة أسيادهم الروحيين،
فطبقوه على التعاليم الإسلامية، ثم أحاطوه بالحذر والكتمان إلى اليوم،
كما أنه استهوى سواهم من الفرق الباطنية في الإسلام المتفتحة للتيارات الفلسفية،
إنه في الأصل اجتهاد فلسفي لإدراك الحقيقة الإلهية، وتجريد للروح من سطحية المعتقد الديني،
وشوق صوفي للدنو من معرفة الله،
استعمل أتباعه ألفاظا واصطلاحات خاصة لا يفهم مؤداها إلا المؤتمنون على الأسرار،
حفاظا على سلامتهم من أهل السنة فيما يذهبون إليه، وتسهيلا لبثه دون استثارة من يخالفهم فيه.
كشف الكذب والبهتان:
لما اختلف أئمتهم في الفتاوى الحديثة عن القديمة نظرا لكثرة عبثهم وإفكهم واستنكر البعض قالوا:
إنما أجبنا هذا للتقية، ولنا أن نجيب كيف شئنا، لأن ذلك إلينا، ونحن أعلم بما يصلحكم وما فيه بقاؤنا وبقاؤكم، وكف عدونا وعدوكم عنا وعنكم.
فمتى يعرف الحق من الباطل بين أيديهم وهم من وضعوا أنفسهم في مكانة تفوق مكانة الأنبياء، فهم يشرعون ويحرمون ويحللون، فهم الذين ينطقون عن الهوى، وكان ذلك سببا في خروج بعض تابعيهم عليهم.
يقول جولد تسيهر (مستشرق يهودي مجري):
“أي مدرسة للمخاتلة والغدر تنطوي عليها تعاليم مبدأ التقية، فقد أوجدت في بيئة التشيع نظرية خلقية أفردتهم بصفة بارزة هي المكر والمراوغة”
تأسيس الدولة باليمن والمغرب:
قام الحسن بن فرج الملقب بالمنصور باستمالة عددا من قبائل اليمن وفتح بعض القلاع والحصون بها
واستطاع بذلك أن يؤسس أول دولة إسماعيلية بالتاريخ باسم الإمام الإسماعيلي المنتظر.
أما علي بن الفضل فقد أكمل ما ابتدأه الحسن،
فقد أظهر الزهد والتقشف وكثرة الصوم والصلاة والتعبد ليلا ونهارا في بطون الأودية
حتى تمكن من استجلاب قلوب الرعاع من أهل يافع وكان عندما يأتونه بالطعام لا يأكل إلا النذر اليسير
كما رفض السكنى معهم في رؤوس الجبال بادئ الأمر ثم أجابهم طلبهم على ألا يخالفوا له أمرا،
وأبدى في سيرته معهم مزيدا من الصلاح والعدل مما جعل الأهالي يقدسونه أعظم تقديس،
ويجمعون إليه الزكاوات من كل الجهات المجاورة، ثم بدأ بعد ذلك التوسع في المدن حتى قوي وصلب عوده فأظهر عقيدته الإلحادية،
فقد أعلن الكفر وأحل جميع المحرمات، وخرب الكثير من المساجد، ثم ادعى النبوة، وأحل لأصحابه شرب الخمر ونكاح البنات والأخوات،
وعندما احتل صنعاء حصل المطر فأمر بسد الميازيب التي ينزل فيها الماء من سطوح الجامع،
ثم اطلع النساء اللاتي سبين من صنعاء وغيرها، وصعد المنارة وأمر بإلقائهن في الماء،
ومن أعجبته اجتذبها إلى المنارة وافتضها، حتى افتض عددا من العذارى.
واستمر في تحليل المحرمات، وعمر دارا واسعة يجمع فيها غالب من تبعه نساء ورجالا متزينين متطيبين،
ثم توقد الشموع بينهم ساعة ثم تطفأ، ويضع كل رجل من الرجال يده على أي امرأة ويقع عليها ولو كانت من محارمه،
وظل ابن الفضل يعيث فسادا حتى مات مسموما 303ه وهاجمت القبائل الهندية أتباعه وهزمتهم.
وبدأ ظهور نجم أبي عبد الله الشيعي بالمغرب والذي قام بنشر الباطنية الإسماعيلية هناك وبايعته شيوخ قبائل كتامة
وبذلك أستطاع أن يؤسس الدولة العبيدية المسماة زورا بالفاطمية بالمغرب بعد أن أرسل في طلب عبيد الله المهدي،
في تلك الأثناء جدد الباطنية نفسهم باليمن وامتدت إلى الكوفة والبحرين
وهم من عرفوا بـ«القرامطة»عندما توطدت أركان دولتهم وثبتت أرجائها.
سبب التسمية بـ«القرامطة»
وسبب التسمية أن إلى ناشر الإسماعيلية بالكوفة كان اسمه «حمدان قرمط» عام 278هـ
ولما علم بأمره حاكم الكوفة أمر بسجنه ولكن إحدى جاريات الحاكم قامت بمساعدته على الهروب من السجن فازداد أتباعه فتنة،
حيث قالوا بأنه رفع إلى السماء ثم ظهر في بقعة أخرى بالكوفة فازداد أتباعه وكثر أنصاره،
في الوقت الذي انتشروا بالبحرين وكانت عاصمتها في ذلك الوقت تسمى هجر،
وهؤلاء هم القرامطة الذين دخلوا مكة أثناء موسم الحج وذبحوا الألوف من حجاج البيت وانتزعوا الحجر الأسود
وحملوه معهم إلى عاصمتهم هجر ولكن حدث أن انفصل القرامطة عن الإسماعيلية لشكهم في نسب عبيد الله المهدي لآل البيت وحدثت مواجهة بالسلاح معا
مما اضطر عبيد الله المهدي الفرار إلى مصر أقام بها عدة أسابيع ثم استدعاه أبو عبد الله الشيعي للذهاب إليه بالمغرب فذهب وأعلن إمامته للإسماعيلية ودعوته
وأسس الدولة العبيدية عام 297هـ وغالى أتباعه في إطرائه حتى قالوا أنه المهدي المنتظر وأكثر من ذلك ادعوا أنه الله الرزاق الكريم تعالى الله وتنزه عما يصفون،
فمن يقول عن هؤلاء بأنهم مسلمون؟!
وامتدت الإسماعيلية على يد الحسن بن الصباح إلى إيران.
ولم يكتفي بدعوة الناس إلى إفكه بل أجبرهم على اتباع دعوته،
منهم من استجاب خوفا من بطشه ومنهم من قتل على يدي أتباعه،
وظلت دعوة الإفك في الاستمرار حتى تولى المعز لدين الله الفاطمي والذي استطاع وأتباعه اقتحام مصر وجعلها عاصمة مملكته
(ومازال الشيعة يحلمون بتشيع مصر ويعملون على ذلك بجذب الفقراء والجهلاء والمأزومين في الخفاء وكذلك التنصير، فلنحذر فإنها مصيبة المصائب)
حدثت انشقاقات كثيرة في الإسماعيلية فأفرزت النزارية الأغاخانية، والمستعلية المعروفة بالبهرة بالهند وهذه انقسمت إلى فرقتين، والطيبة باليمن،
والمستعلية كان لها اتباع بمصر واليمن وبعض بلاد الشام، ونظف الله مصر من أدرانهم على يد صلاح الدين الأيوبي والشام
ولكن مع استضعاف السنة عاد الكفار والمشركين من كل مسمى ليبروزا مرة أخرى ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وللحديث بقية إن شاء الله
المصدر: صحيفة الأمة الالكترونية