الحركات الإسلامية من الفهم المغلق إلى أفق التجديد
اسم الكتاب: الحركات الإسلامية من الفهم المغلق إلى أفق التجديد.
اسم المؤلف: الدكتور بومدين بوزيد.
عدد الصفحات: 208 صفحة.
الناشر: دار قرطبة – الجزائر.
نبذة عن الكتاب – عرض: محمد بركة.
يعد كتاب: الحركات الإسلامية من الفهم المغلق إلى أفق التجديد، للدكتور بومدين بوزيد والذي صدر في الجزائر.. حصيلة لمجموعة من البحوث والدراسات التي نشرها الكاتب في مجلات وكتب مشتركة حول الظاهرة الدينية الإسلامية السياسية في السنوات الأخيرة، وهو الكتاب الذي كشف صاحبه أنه تردد في نشره، ربما بسبب واجب التحفظ الذي يوجبه عليه منصبه، باعتباره المسئول الأول عن أهم ملف في وزارة الشؤون الدينية والأوقاف، وهو ملف الثقافة الإسلامية.
إلا أن إصرار بوزيد على الانتماء إلى الجامعة والبحث العلمي كان وراء زوال التردد في نشر الكتاب، الذي يضاف إليه صعود عدد من الحركات الإسلامية إلى سدة الحكم في أهم الدول العربية، زيادة على اعتراف منه كباحث عندما يقول: “كما أن هذا التردد في إعادة نشر بعض الذي كتبت يعود إلى كوني انخرطت في حمى الصراع السياسي والثقافي، في مرحلة التسعينات من القرن الماضي، وبعد طول النظر عن بعد وتأمل وجدتني غير موضوعي في بعض الأحكام، وهي طبيعة الدراسات التي تتناول ما هو معايش وذاتي وترتبط به بحكم العملية السياسية التي ألقت بظلالها على الجزائريين جميعًا إبان الحقبة الدموية”.
وينتقد بوزيد ما سماه ظاهرة التكسب التي يمارسها من يسمون أنفسهم بالخبراء أو الذين يقدمون التقارير المعدة سلفًا، وفق رؤية دولية تتحكم في لعبتها هيئات دولية ومراكز قرار. وهي الظاهرة التي فرضها منطق الانفجار الإعلامي، وتسابق الفضائيات إلى الاستعانة بالخبراء في تفسير الظاهرة الدينية، زيادة على الوتيرة السريعة التي تسير عليها المؤسسات البحثية، ومراكز الدراسات والتفكير الغربية، في وضع العالم الإسلامي تحت المجهر، مستعينين بكل الوسائل للوصول إلى فهم أدق، وتفسير مقنع، لما يدور في الساحة العربية والإسلامية.
وقال بوزيد: إن جوهر كتابه مستوحى مما كتب عن الحركات الإسلامية في الجزائر وفرنسا إلى حد بعيد، والتي يطغى عليها جانبان أساسيان، جانب تحليلي مباشر يرتكز على المادة الإعلامية والمعلومات الإخبارية، وآخر إيديولوجي يرتبط بهؤلاء الذين كتبوا من داخل أو خارج الحركات الإسلامية. وذكر بوزيد أن مؤلفه يوضح البنيات الأساس المتحكمة في مفاصل الحركات الإسلامية، عبر عدة نقاط محورية: التماثل، الجهاد، تقسيم العالم والمهدوية.
الهوية والحركات الإسلامية في الجزائر
يبدأ الكاتب تحليله بقاعدة مفادها أن الغرب بعد أحداث 11 من سبتمبر أنشأ عددًا كبيرًا من مخابر البحث في الحركات الإسلامية، غير أنها تشتغل بدافع العداء، فلا يمكنها رفع الغطاء عن حقيقتها بموضوعية خالصة، ثم ينتقل إلى ما أسماه: الشرعية والشعائر الدموية.. الهوية والحركات الإسلامية في الجزائر، وفيه يتحدث عن ميلاد الحركات الإسلامية في الجزائر، والتي يعيدها إلى سنة 1952 عندما أرسلت جمعية العلماء المسلمين بعض طلبتها إلى مصر، الذين احتكوا هناك بالإخوان بتشجيع من البشير الإبراهيمي الذي سيدفع ثمن ميولاته على يد بن بلة الذي عزله وفرض عليه الإقامة الجبرية، هذا التأثير أنتج كما يرى بوزيد أول تنظيم إسلامي بعد الاستقلال، وهو جمعية القيم التي تأسست سنة 1963 وتم حلها سنة 1966 على يد عمر العرباوي وأحمد سحنون، وكما سيكون عباسي مدني أحد قادتها فيما بعد.
في هذه الفترة، أي بداية السبعينيات من القرن الميلادي الماضي، تمكن الرئيس “هواري بومدين” من فرض سيطرته على المسجد من خلال توحيد خطبة الجمعة، مما شكل التصادم الأول مع السلطة.. وكان لتأسيس أول مسجد بالجامعة المركزية باقتراح من طرف المفكر مالك بن نبي (1905 -1973 م) طريقًا جديدًا للصدام مع الدولة التي كانت في أوج ثورتها الزراعية وميثاقها لسنة 1976، وكذا المصادقة على قانون الأسرة، حيث قوبلت كل هذه المحطات بالرفض المطلق من طرف المنتمين لهذه الحركة الإسلامية، مما جعل السلطة تقوم بحملة اعتقالات واسعة مست آنذاك محفوظ نحناح.
ثم يتوقف الكاتب عند تاريخ آخر فاصل في الحركة السلامية الجزائرية، وهو التجمع الذي كان في تاريخ 12/ 11/ 1982 بالجامعة المركزية، وانتهى بمقتل الطالب كمال أمزال بعد تصادم مع الإسلاميين واليساريين وكذا الحركة الأمازيغية، وبظهور علني لهذه الحركة الإسلامية التي انبثقت عنها جماعة بويعلي المسلحة، وفككت فيما بعد السلطة جذوره وقتلت زعيمه، ولكن في المقابل كانت هناك معارض الكتاب الإسلامي التي كانت تقام بالجامعات وكذا ملتقيات الفكر الإسلامي، وهي كما يذكر الكاتب: مرحلة خصبة في حياة الإسلاميين بالجزائر، وتعد قاعدة أساسية في قوتها الآن، وهي المرحلة التي عرفت فيها السلطة الجزائرية تفسخًا في الحياة السياسية وتدهورًا اقتصاديًا وانتشار الفساد السياسي والرشوة، وانتهت إلى الأحداث الدامية يوم 2/ 10/ 1989 التي وجهها الإسلاميون في الجزائر العاصمة بالخصوص، مستغلين في ذلك حالة التذمر والاستنكار الشديدين لدى الأوساط الشعبية..
التأثير المصري.. ومالك بن نبي
يبين الكاتب أن حال الحركات الإسلامية في الجزائر بعد يوم 2/ 10/ 1989، بات موزعًا بين تنظيمات سياسية حُلت وبين أخرى شاركت في السلطة ضمن تحالفات معينة وأخرى شكلت تصدعات داخلية واكتفت لمدة طويلة بالترقب فقط.. وعليه أهم ما يميز هذه الحركة، حسب الباحثين، أنها امتداد تاريخي لجمعية المسلمين، وأنها متأثرة كثيرًا بالحركة الإسلامية في مصر.
كما أن مالك بن نبي ساهم في تكوين بعض أعمدتها من خلال الندوات التي كانت تعقد في بيته، وكذا إشرافه على الجامعة المركزية.. مع إقرار من طرف الكاتب أن تأثير مالك بن نبي فكريًا وبشكل مباشر لم يكن بالشكل الصحيح، لأن كتبه لم تترجم في تلك الفترة، ولم تلق الرواج المطلوب، كما أنها بعيدة في طرحها العام مع طرح الإسلاميين في الجزائر، لأنها فيما بعد ستنقسم إلى اتجاهات، منها حركة التكفير والهجرة على لسان علي بلحاج الذي قال: “لا يمكن قيام دولة إسلامية إلا باستخدام القوة والعنف”. وعليه نحن أمام جبهة الإنقاذ والسلفية الجهادية، واجتماعيًا بين تقسيم لجدلية الكافر والمؤمن.
ويطرح الكاتب هنا السياق التاريخي لهذه الظاهرة منذ عهد الخوارج كفهم عقيم أدى إلى الغلق والتزمت، وفي هذا المقام يقوم الكاتب بمسح الأحزاب السياسية الثلاث: الإنقاذ والنهضة وحمس، محللًا كذلك خطاب عباسي مدني من خلال قراءة سريعة في كتابه: أزمة الفكر الحديث ومبررات الحل الإسلامي، الذي يبدأه بالبند العريض بـ: نحن إنقاذ الإنسان والإنسانية..، ليخرج في النهاية بخلاصة مفادها أن الحركة الإسلامية الجزائرية الآن تغيرت بكل أطيافها بعد العشرية السوداء، وهذا لعدد من المعطيات، أهمها طبيعة المؤسسة العسكرية الجزائرية، والتدخل الأجنبي، وطبيعة التركيبة الاجتماعية، والتطور التاريخي للسلطة في الجزائر.
الكاتب بومدين بوزيد
ومما يذكر أن الكاتب بومدين بوزيد أستاذ بقسم الفلسفة كلية العلوم الاجتماعية، جامعة وهران بالجزائر. وهو من مواليد مدينة سعيدة ـ الجزائر ـ في 7يولية 1962. حفظ القرآن الكريم والتحق في البدء بالدراسات الإسلامية، ثم تابع تعليمه في مجال الأدب والفلسفة بجامعة وهران التي أصبح بها أستاذًا، ثم نال منحة دراسية إلى ستراسبورغ بفرنسا لإتمام شهادة دكتوراه دولة في الفلسفة التأويلية المعاصرة.
وهو عضو المجلس العلمي لمراكز بحث، منها: مركز الدراسات التاريخية بالجزائر العاصمة، وعضو المجلس العلمي للكلية – العمل في المجال الإعلامي بالخصوص في جريدة الشروق العربي، ثم المساهمة مع كتّاب وشعراء آخرين في تأسيس أسبوعية ثقافية لم تعمر أكثر من سنة الشروق الثقافي، ثم التعاقد مع الخبر اليومية الأكثر انتشارًا في الجزائر على كتابة عمود أسبوعي المعنى لمدة ثلاث سنوات، كان يتناول القضايا التراثية والفكرية في الوطن العربي وبالخصوص الجزائر، وما زال الركن يكتبه فيه كل يوم أحد أسبوعيًا، كما تم التعاون مع جريدة المستقبل اللبنانية، وآخر عمل إعلامي تأسيس جريدة صوت الغرب، أي الغرب الجزائري، كمدير تحرير لها سنة2003، ما زالت تصدر بانتظام.
ومن أهم كتبه: التراث ومجتمعات المعرفة، وكتاب فلسفة العدالة وعصر العولمة، وكتاب دساتير إلهية.. رسائل الشيخ محمد بن سليمان، وكتاب النص والفهم: دراسة في المنهج التأويلي، كما صدر له كتاب مع آخرين عنوانه: الفكر العربي المعاصر، وأيضا صدر له مع آخرين كتاب عنوانه: الحضارة الإسلامية في الأندلس، وكتاب الديمقراطية في الوطن العربي.. وعوائق الانتقال، وهي بحوث “ندوة أكسفورد لعام 2002. وكتاب: الإسلاميون والمسألة السياسية، وكتاب: الوجه الباطني للاستبداد والتسلط في البلدان العربية.
يشارك بصفة دائمة في ملتقيات الجمعية الفلسفية العربية بالقاهرة، ومع المركز الثقافي السويدي بالإسكندرية.
كما شارك في ملتقيات فكرية وطنية ودولية عديدة، منها: الهوية والتراث ببيروت عام 1998 من تنظيم اتحاد الكتاب والأدباء العرب، وكذا ملتقى الديمقراطية السنوي بأكسفورد، إلى جانب الإشراف على بعض الملتقيات والندوات التي أقيمت بوهران، سواء باسم الجامعة أو اتحاد الكتاب الجزائريين، كما ترأس فرع اتحاد الكتّاب الجزائريين بوهران من 1998- 2004..
المصدر: موقع الاسلام اليوم.