عرض منذر الأسعد
صدرت طبعة ثانية من كتاب: الغَيْرة ومذابح الأعراض للداعية المعروف الأستاذ عبد الله بن محمد الداوود في 280 صفحة من القطع المتوسط (14 * 21 سم)، وذلك بعد نفاد طبعته الأولى في فترة قياسية.
تقنين البغاء في ديار الإسلام
قضية المؤلف في كتابه القيم هي التصدي لجريمة إضفاء صفة رسمية على ظاهرة البغاء، التي تكون متوارية وشديدة التخفي في أي مجتمع نظيف،وخاصة في المجتمعات المسلمة، والعربية منها بصفة أكثر تحديداً لما امتاز به العرب من غيرة شديدة على الأعراض حتى قبل أن يكرمهم الله برسالة النبي الخاتم صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم. وهو ما يسميه المؤلف : البغاء الحكومي!
بدأت الجريمة النكراء مع حملة نابليون السوداء على مصر سنة 1798 م ثم انتشرت في بلاد عربية أخرى في ظل حراب الاحتلال الفرنسي ( سوريا 1922- المغرب 1924- تونس 1942…).
واستمرت هذه الجناية القبيحة برعاية النظم العلمانية التغريبية، التي أوكل إليها الغزاة متابعة منهجهم التخريبي بعد اضطرارهم إلى الجلاء عن البلدان المسلمة.
مكافحة ضعيفة .. ومساندة قوية
يروي الكتاب بمنهج توثيقي رائع قصة الصراع بين يقظة المجتمعات التي رفضت تقنين البغاء، وبين الدعم الخفي من جهات معروفة للإبقاء عليه أو التحايل على الضمير الجمعي العام وتمريره بطرق ماكرة مواربة. وكانت الحكومات في أكثر الأحيان تمسك العصا من منتصفها، لكن أكثر الحكومات كانت تخضع للضغوط التي يسلطها عليها أعضاء النخبة الفاسدة من حملة أقلام متغربين، وأصحاب مصالح شائنة؛ واستكانة كثير من أهل العلم والدعوة!! فتأتي العقوبات على المخالفين شكلية وباهتة، ويسهل الالتفاف عليها.
وأما المؤازرة الأكثر فاعلية لنشر هذا الإفساد الرهيب، فجاءت من خلال الإعلام التضليلي والأدب التائه الماجن حيث يجري تعهير العفيفة واختلاق سجايا إنسانية للعاهرة .. كذلك السعي إلى تدييث المجتمعات والحرب على القوامة من خلال قلب المفاهيم والقيم.
ولا يفوت المؤلف الفاضل أن يرصد العلاقة بين البغاء الحكومي وعملية الإفقار المتعمد للمجتمعات لكي تتمهد سبل الانحلال الأخلاقي !
شبهات واهية
عرض الكتاب أهمية الغيرة على العرض مؤصلة تأصيلاً شرعياً وافياً،معززاً بالآيات القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة،مع تمييزه الدقيق بين الغيرة المحمودة والأخرى المذمومة،مع بيان أسباب ضعف الغيرة وأتبعها بأسباب الوقوع في الفواحش .
كما ركز الكتاب على شبهات الداعين إلى تقنين البغاء مع تفنيدها وبيان تهافتها. ولم ينسَ المؤلف أن يكشف المواقف المخزية لبعض رموز العصر المشهورين تجاه البغاء .
ويختم الداوود كتابه بالإلحاح على تنمية العفاف لأنه العلاج الفاعل لهذا الداء الوبيل، ويضع المعركة في سياق المواجهة الشاملة مع دعاة التغريب .
بقي أن نشير إلى ملاحظات يسيرة لا تغض من قيمة الكتاب، فترتيب الموضوعات يحتاج –كما أرى- إلى مراجعة لكي يكون التناسق بين فروعه أفضل والتسلسل بينها أقوى.
وهناك كلمة تكرر استخدام المؤلف لها هي كلمة : مستأصلة ومراده: متأصلة .. وشتان بين المعنيين. وتتضاعف أهمية تصويب الكلمة لأنها وردت في عنوان فرعي بارز.
(المصدر: موقع المسلم)