“الحجاب في الشرع والفطرة بين الدليل والقول الدخيل” .. كتاب صدر حديثاً واشتهر سريعاً
اسم الكتاب: الحجاب في الشرع والفطرة بين الدليل والقول الدخيل.
اسم المؤلف: عبدالعزيز بن مرزوق الطريفي.
عدد الصفحات: 176 صفحة.
الناشر: دار المنهاج.
تقديمة الكتاب
“مسألة الحجاب ولباس المرأة لا تحتاج إلى توسع في التأليف، ولا إلى جمع كلام الفقهاء وحشده، وإنما تحتاج إلى إعادة نصوص الوحيين إلى مواضعها، وإرجاع أقوال الفقهاء إلى سياقاتها التي قيلت فيها، وإلحاق متشابه النصوص بمحكمها، مع بيان التبديل الذي طرأ عليها، وردم عقود التبديل، ليتصل الفقه الصحيح بأهله، ولا يُقوَلَ أئمة المذاهب ما لم يقولوه، فإن المتشابه والعام إذا كانا في كلام الله، فإنهما في كلام الفقهاء أظهر وأكثر. وتلك الحاجة من التصنيف هي المقصودة في هذه الرسالة”.
بهذه الكلمات يعبر فضيلة الشيخ الدكتور: عبد العزيز مرزوق الطريفي عن منهجه في كتاب “الحجاب في الشرع والفطرة بين الدليل والقول الدخيل”، وهو الكتاب الذي لاقى رواجاً كبيراً، واهتماماً واسعاً من المتخصصين، قد احتوى الكتاب على فوائد جمة، مع استعراض أقوال الصحابة والمذاهب الفقهية وحقيقة خلافهم في قضية الحجاب والموقف الصحيح من هذا الخلاف.
الشريعة جاءت بأصلين عظيمين
يبدأ المؤلف كتابه ببيان أصلين عظيمين جاءت بهما الشريعة، الأول: ضرورة امتثال الأوامر الشرعية وحفظها. والثاني: التحذير من تغيير الطبع الفطري الصحيح وتبديله. موضحاً أنه نتيجة لتوافق الفطرة والشريعة وامتزاجهما فقد يسمي الله دينه فطرة، ويسمي فطرته دينا.
غير أن الشريعة أسرع في التغيير من الفطرة وأسهل، فتجد أن الانحراف عن الفطرة لا يكون في جيل واحد، بل في أجيال وربما قرون، وأما الشريعة فيمكن أن تتغير في عقد أو عقدين.. فالتعري لا يمكن أن يتوغل في بلد نشأ على الفطرة والعفاف، إلا بعقود أو قرن أو أكثر؛ لأن الإنسان مخلوق عليها، وممزوج فطرة بها، لهذا سمى الله فطرته الصحيحة صبغة، كما في قوله تعالى: {صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة}[البقرة :138]. وإذا تغيرت الفطرة وانحرفت فرجوعها إلى أصلها أسهل من خروجها منه.
وأكد المؤلف أن فطرة العفاف، من أعظم أصول الفطرة، وإن غُيَّرَت يتغير معها شرائع كثيرة، كغض البصر وخفض صوت المرأة، وعدم خضوعها بالقول والحجاب، وعدم الاستهانة بالخلوة، والفصل بين الجنسين؛ لهذا نجد أن جميع الأنبياء يدعون إلى حفظ أصول الفطرة مع التوحيد؛ لأن التوحيد أصل العبادات والفطرة أصل المروءات.
والسنة الكونية أن العفاف إن نُزِعَ أولُه، تتابع وتساقط، ومنه حجاب المرأة، إن سقطَ أوله تداعَى إلى آخره، وهذا مشاهد في كل المجتمعات والشعوب.
الحكمة من مشروعية الحجاب
لا يوجد محرم ولا كبيرة، إلا وحاطها الله تعالى وحماها من جميع جهتها؛ حتى لا يتوصل الناس إليها.. وكلما كان الشيء شديد التحريم شدد الله في وسائله، ولو كثرت واحتاط له من وقوع الإنسان فيه، ولو من وسائل بعيدة، بخلاف تحريم الصغائر، فتحريم وسائلها ضعيف.
والزنا من أكبر الكبائر، وإذا انتشر فلأن وسائله الموصلة إليه يسيرة، ومن وسائل الزنا المحرمة لأجله: النظر والسفور والخضوع بالقول، والاختلاط والخلوة وهذه خطوات واحدة تلي الأخرى، أولها النظر، ثم يسير حتى يتكلم بالفحش، ثم يختلط، فيخلو، فيمس، فيزني.
ولما كان افتتان الرجل بالمرأة أقوى؛ ولأنه أجسر في الإقدام على الزنى، شدد عليه في تحريم وسيلة النظر أكثر من المرأة وأمره بغض البصر، وشدد على المرأة في الحجاب، حتى يقل ما بينهما من تجاذب وميل.
وتبرج المرأة وسفورها وتركها للحجاب، من تلك الوسائل الموصلة إلى الفاحشة، سواء للمرأة بذاتها، أو لكَونِها وقوداً لغيرها، ولو لم تشعر به في نفسها.
تاريخ تشريع الحجاب
ثم يشرع الكاتب بعد ذلك في بيان تاريخ تشريع الحجاب، وبيان أنه تم في البداية تحريم الغايات، قبل تحريم الوسائل؛ لأن المقصود في العبودية يظهر في الغايات أكثر من الوسائل؛ لذلك جاء تحريم الوسائل تباعا، وقد كانت أكثر الوسائل مباحة، ثم حرمت بعد رسوخ تحريم غاياتها في النفوس. ولما كانت الوسائل الموصلة إلى الزنى كثيرة، كان تحريمها جملة شاقا على النفوس لزمن، ثم كان التدرج في تحريم الوسائل، فبدأ بتحريم الغايات، ولما رسخ تحريم الزنى، أخذ في تحريم الوسائل، ومنها السفور وأمر بالحجاب.
عدم فهم ومعرفة تاريخ فرض الحجاب والمراحل التي مر بها، جعل البعض يضطرب في التعامل مع الأدلة، خاصة إذا كان في نفسه هوى. وهناك من يستدل بأحاديث قبل فرض الحجاب على التهوين من الحجاب.
نظرة عامة
بعد ذلك يعرف المؤلف مصطلحات الستر واللباس في الشريعة، ولغة الفقهاء وضرورة التفريق بينهما، كما يعرف الحجاب والخمار والفرق بينهما، وأثر معرفة هذه المعاني في فهم الأدلة وكلام الفقهاء.
ثم يشرع المؤلف في الرد على بعض الشبهات التي تثار في قضية الحجاب، والتحذير من استغلال بعض قضايا الخلاف وتوظيفها لهدم الأصول وخرق الإجماع، مع بيان أن وجود خلاف في مسألة ليس حجة أو مبررا لترك الأدلة، مشيرا إلى أن تتبع الرخص يمرض الأبدان والأديان.
ويؤكد بالبراهين والأدلة أن ما ينسبه بعض المتأخيرين إلى الأئمة في مسألة الحجاب، ينقصه الدقة، وأن ومَن لم يعرف مقاصد الأئمة، وسياقات كلامهم ومواضِعه، يحمِل أقوالهم على غير مرادهم. موضحا أن ما يُنسَبُ للشافعي ومالك وأبي حنيفة: أنهم يُجيزون كشف وجه المرأة عند الرجال الذين لا يجوز لهم النظرُ إليها، ولايغُضُّون أبصارهم عنها، خطأٌ شاعَ عند المتأخرين، ولا يستطيعون إثباتَه عنهم صريحاً. وسببُه عدم تتبُّعِ أقوالِهم في عورة السترِ، وعورة النظرِ والتفريق بينهما.
والكتاب في مجمله غني بأقوال الصحابة والأئمة، موضحا لسياقاتها ومدلولها، وقد نجح المؤلف في إعادةُ ما زُحزِحَ من الأدلة والأقوال إلى مواضعها، وبيان مُحْكَمِها مِن مُتشابهها. لذلك نرى لجميع من يهتم بالتعرف على مذاهب الأئمة وأقوالهم في قضية الحجاب، بضرورة الرجوع إلى هذا المؤلف الهام في بابه.
المصدر: موقع “لها أون لاين”.