الحالة الدينية في السعودية! (١)
بقلم د. علي حليتيم
تختفي خلف مظاهر الحج العظيم في السعودية حقيقة أخرى طالما جاهد المثقفون لكشفها وبيانها للرأي العام الإسلامي لكن هذا الأخير كان يتمنع ويتردد ويأبى أن يقرّ بها: النظام السعودي عدو الإسلام ويحاربه!
قال لي أحد الأجانب المقيمين في المملكة: لم أنفقنا ملايين الدولارات واشتغلنا سنوات ضوئية لما كشفنا هذه الحقيقة كما كشفها ولي العهد الجديد في سنوات قليلة!
الشعب السعودي مثله مثل باقي الشعوب العربية فيه أفاضل وأراذل وطيبون ومجرمون. لا شك في زيغ في تلك الصورة النمطية المرسومة في أذهان باقي الشعوب العربية عن السعوديين أنهم متكبرون متعجرفون. العمل الخيري التطوعي الذي يقوم به السعوديون أفرادا وهيئات مدنية في خدمة الحجيج عمل جبار مشهود مشكور وهو في عمومه منظم جدا و المؤسسات الوقفية قويه جدا ومنظمة وفعالة في أداء مهمتها.
لكن رياح التغيير هبّت قوية جدا مع قدوم ولي العهد الجديد.
لقد كان النظام السعودي طوال عقود طويلة – بل منذ نشأته – عميلا للغرب شانئا للإسلام كنظام حكم لكنه لم يكن يعارض التدين المفرد ولم يكن يحاصر العمل الإسلامي الخيري الاجتماعي، ورعى – لأجل ذلك – الحركة السلفية الوهابية التي كانت تلبسه لباس الشرعية الدينية ورضيت لنفسها أن تقسم ( ويجوز أن تبدل السين صاداً ) الدين إلى ما هو من شأن العلماء لا ينافسهم فيه غيرهم وإلى ما هو من شأن الملوك لا يتدخل في غيرهم.
لكنني ولي العهد الجديد غير المعادلة جذرياً وبسرعة البرق. لقد توقف العمل الإغاثي السعودي في إفريقيا وآسيا وهو الجهد الكبير الذي كان يسد حاجة ملايين المسلمين الجياع ويدخل آلاف الضائعين في الدين القويم. كما توقفت بالوقت نفسه مساهمة المواطنين السعوديين في سد حاجة الفلسطينيين والسوريين وغيرهم من المسلمين وغدا كل مواطن سعودي يخشى على نفسه إن هو أقدم على تقديم العون لهؤلاء المحتاجين وغدت كلمة القدس في السعودية من المحرمات. كان يكفي فيما مضى أن تقوم شخصية فلسطينية معروفة بجولة في الديوانيات المنتشرة في الخليج كله حتى تنهال عليها التبرعات بكل سخاء ؛ لكن كل هذا توقف واعتقلت الشخصيات الفلسطينية الناشطة المقيمة في السعودية بكل قسوة وغدر دون مراعاة للأصول والأعراف ولم يطلب منها بدل الاعتقال مغادرة البلاد كما جرى العرف مع الأجانب في مثل هذه الحالات. إن هذا التوقف هو بداية لتخلي السعودية عن دورها الكلاسيكي كقائدة للعالم الإسلامي وناشطة في حماية الإسلام وإغاثة المسلمين إلى دور جديد معاكس تماما: إخراج المسلمين من الإسلام!
قد يبدو هذا الكلام غلواً وتطرفاً لكنه ليس – والله – كذلك وهو لم يعد الحقيقة المرة الكبيرة التي يراها من ينظر خلف صورة الحج المشرقة. لقد غدا النظام السعودي مثل مشركين قريش يعظم الحج سقاية ورفادة وحجابة ويدعي ملة إبراهيم لكنه ينحرف بدين الله إلى الكفر البواح الذي لا شك فيه والذي لا يعمى عنه إلا من عيي قصر عقله عن النظر والبصر أو صاحب هوى عمي قلبه قبل البصر، وإليك البيان!
…/… يتبع
(المصدر: صحيفة الأمة الالكترونية)