مقالاتمقالات مختارة

الجهر والإعلان في فضح الحكام اللئام

الجهر والإعلان في فضح الحكام اللئام

بقلم حمدي شفيق

زعم البعض أنه لا يجوز انتقاد السلاطين علانية! وهذا رأى باطل مُخالف للنصوص وما كان عليه عمل الصحابة والتابعين المُجاهدين بالكلمة، رضي الله عنهم ورضوا عنه.. فقد أكّد صلى الله عليه وسلم أن أفضل الجهاد: (كلمة حق -وفي رواية “كلمة عدل”- عند سلطان جائر) رواه الترمذي والنسائي والبيهقي والحاكم وأحمد وأبو داود وابن ماجه.. وهناك حديث آخر.. قال صلى الله عليه وسلم: (سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب، ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله) رواه الحاكم وغيره، وصحّحه الألباني.

تأمل قوله عليه السلام (قام) إلى سلطان جائر، فهو دليل على العلانية، وقد جهر الصحابة بالحق علانية، مثل الصحابي الجليل الذي سأل الفاروق -وهو على المنبر في المسجد علانية-: من أين لك هذا الثوب الطويل الجديد؟ فاستدعى ابنه عبد الله، ليُخبر الناس أنه تطوع بثوبه لأبيه، ليضيفه إلى ثوبه،لأن عمر كان أطول من ابنه قامة، فرضي السائل وقال: “الآن نسمع ونُطيع”.

وهناك قصة الصحابية الشُجاعة التي ردّت على الفاروق -علانية في المسجد أيضًا- في مسألة غلاء المهر، فلم يقتلها ولم يعتقلها، وردّ بتواضع العظماء: “أصابت امرأة وأخطأ عمر” ومن هذا الباب، مُجاهرة أبى ذر الغفاري -رضي الله عنه- بإنكار البذخ والإسراف على معاوية في الشام، وغيرها من الوقائع الكثيرة الثابتة.

وكذلك أنكر التابعون -وكبار العلماء في العصور التالية- على الظلمة علانية، وما أمر السادات أمثال الحسن البصري وسعيد بن المسيب وسفيان الثوري وسعيد ابن جبير الشهيد عنكم ببعيد.

كما أن حديث النصح للحاكم سرًا قد ضَعّف العلماء إسناده فلا يُعمل به.. وهل يستطيع أحد من الرعايا الوصول إلى قصور الحكام في هذا الزمان، فضلًا عن دخولها؛ لتقديم النصيحة؟! وهل يقبل الحكام العلمانيون نصحًا من الشيوخ أو غيرهم؟! ومن يضمن للناصح أن يخرج من مجلسهم على قدميه، وليس إلى القبر أو السجن؟! ثم إنهم يقتلون الناس جهرًا، ووسائل إعلامهم تهاجم الإسلام جهرا، فلا بد من الإنكار جهرًا كذلك، حتى لا يُفتتن العوام، ويفشو الظلم والكُفر والإجرام.

وأحسب أن التظاهر السلمي، ونقد الطغاة عبر الانترنت، ووسائل الإعلام الأخرى المُتاحة،هو من أعظم أنواع الجهاد بالكلمة في زماننا، إذا كانت النيّة خالصة لله، وليست لمصالح شخصية أو منافع دنيوية.. وهو من باب الإنكار باللسان الذي نَصّ عليه حديث صحيح رواه الإمام مسلم:” ((من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان))

والله تعالى أعلى وأعلم

(المصدر: صحيفة الأمة الالكترونية)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى