الجانب الإيماني في تلقي النص الشرعي.. مقوماته وأحكامه
اسم البحث: البحث: الجانب الإيماني في تلقي النص الشرعي.. (مقوماته ..أحكامه).
اسم الكاتب: عصر محمد النصر.
عدد الصفحات: 26 صفحة.
من أسباب حفظ الله تعالى لدينه وشرعه أن يقيم له على مرّ الزمان من يقوم به ويذب عنه؛ ليبقى صافيا نقيًا خاليًا من كل شائبة، ولما كان النص الشرعي الذي يمثل جوهر هذا الدين وأساسه قد تعرض للاعتداء من قبل المنحرفين عن المنهج السليم عبر تاريخ الأمة، حيث ابتدعوا كثيرًا من المحدثات؛ كالتأويل، والمجاز، والقول بظنية النص من حيث دلالته، وغير ذلك، مما دعا أهل العلم على مرّ العصور للرد على هذه المقولات.
وفي هذا الزمان ظهرت كثير من المحدثات تتعلق بالنص الشرعي؛ كالقول بتاريخية النص أو مرحليته، أو الدعوة إلى إعادة قراءة النص ليواكب العصر الحديث وغير ذلك.
ويأتي البحث- الذي بين أيدينا- ليعالج جانبًا مهمًا، ألا وهو الجانب الإيماني في تلقي النص الشرعي، حيث عرض الباحث فيه لأهم المقومات التي يقوم عليها الجانب الإيماني في تلقي النص الشرعي، كما تعرض في القسم الثاني منه لأهم الأحكام المترتبة عليها.
فقد جاء هذا البحث في مقدمة ومبحثين وخاتمة، على النحو التالي:
فأما المقدمة فتكلم فيها الباحث عن ضرورة العناية بالجانب الإيماني في تلقي النص، ثم تكلم عن أهمية البحث وأسباب الكتابة في هذا الجانب، مرجعاً ذلك إلى عدة أسباب منها:
– قلة الكتابة والعناية بهذا الموضوع.
– ما يظنه كثير من الناس من أن مسألة الإيمان بالنص فقيرة من جهة الأدلة الشرعية النقلية والعقلية.
- أن معرفة هذا الأمر يعد من الأسس المهمة في حماية النص الشرعي من التحريف أو التغير.
– يعد الرد العام الذي يتناول الأصول والقواعد العامة من الوسائل المؤثرة في رد الشبهات.
المبحث الأول: مقومات الجانب الإيماني:
وفيه أوضح المؤلف أن جوهر الكلام عن النص الشرعي يتمثل بشكل جلي في الكلام عن دين الله تعالى بكل خصائصه وميزاته؛ من الكمال والشمول والبقاء والحفظ وغير ذلك، ومن هنا فإن بيان مقومات الجانب الإيماني في تلقي النص الشرعي يعتمد على معرفة دين الله بخصائصه، وما له من أثر بالغ في نفوس متلقيه، ومعرفة مصدره وخصائص متلقيه.
وعليه أوضح الباحث أن الحق سبحانه وتعالى قد أودع في الفطر السليمة والعقول المستقيمة قابلية لما جاء به الوحي، وكان لهذه القابلية الأثر البالغ في التكامل العلمي والعملي عند كل مؤمن بالوحي الإلهي.
كما أوضح أن مصدرية النص الشرعي المتمثلة بكلام الله سبحانه، ونبيه صلى الله عليه وسلم، تمتاز بخصائص لا تكون لغيره، فمن الخصائص المصدرية لكلام الله عز وجل صدوره عن علم وحكمة، وصدقه، ثم بيانه وفصاحته.
أما الخصائص المصدرية لكلام النبي صلى الله عليه وسلم فتتمثل في: صدقه، وتميزه بالنور والجلال والمهابة، ثم فصاحته وبلاغته وبيانه، هذا فضلاً عما تتسم به شخصية النبي صلى الله عليه وسلم من صفات تميزه عن غيره من سائر البشر.
ثم تحدث الباحث عن خصائص النص الشرعي باعتباره وحي، مبينًا أنه المصدر الأول للعلم ومبدأه، وأن العقول قد جبلت على قبول ما يرد بهذا النص، ثم أخذ الباحث في تفصيل الكلام في هذا الأمر.
المبحث الثاني: أحكام الجانب الإيماني:
ما تقدم من مقومات للجانب الإيماني التي تعد أسس تعزز هذا الجانب، يترتب عليه ولابد أحكام، عمل الباحث في هذا المبحث على ترتيبها بما يتوافق مع ما تقدم من مقومات.
فتحدث أول ما تحدث عن التسليم للنص الشرعي وعدم معارضته، فالعقل أمام الوحي –النص– يكون شاهدًا ومصدقًا لما هو مدرك له، ومنقادًا ومسلمًا لما لا يدركه مما جاء به الوحي نظرًا لعجزه وحدود إدراكه، ولأنه جاء من عند من آمن به وسلم لحكمه.
ثم تحدث الباحث عن وجوب تقديم النص والتحاكم إليه وعدم التقدم بين يديه، حيث جاءت كثير من النصوص في الكتاب والسنة تحث على هذا الأمر، كما جاءت نصوص أخرى تذم المنافقين الذين يزعمون الإيمان، ثم يتركون مقتضى ذلك الإيمان من التحاكم إلى شرع الله تعالى في كل أمر من الأمور.
كما نبه الباحث إلى أن من مقتضيات الإيمان بالنصوص والتسليم لها والعمل بها إجراؤها على ظاهرها -وهو الأصل- دون تعرض لها بتحريف أو تعطيل ونحوهما، واعتقاد أن ظاهرها يطابق مراد المتكلم.
وأوضح أن المراد بالظاهر: هو ما يتبادر إلى الذهن من المعاني وأنه ليس لها معنى باطن يخالف ظاهرها، وهو يختلف بحسب السياق وما يضاف إليه الكلام.
ومن الأحكام التي تعرض إليها الباحث حديثه عن سهولة فهم النص وتيسره، ثم حديثه عن صلاح النص الشرعي لكل زمان ومكان، بمعنى أن التمسك به لا ينافي مصالح الأمة في أي زمان أو مكان، بل هو صلاحها.
ثم ختم الباحث بحثه بخاتمة ضمنها أهم ما توصل إليه من نتائج، ومنها:
1- أن الجانب الإيماني يقوم على أسس رصينة، فليس هو مجرد وجدان، كما يترتب عليه أحكام واجبة الأخذ والتسليم.
2- الأصل في النص الشرعي وضوحه وبيانه بناءً على ماله من مقومات، وما يعرض له من الإشكال والتشابه أمر عارض له أسبابه الخارجة عن ذات النص.
3- الأحكام المترتبة على الجانب الإيماني فضلاً عن كونها مبنية على مقومات رصينة وأسس سليمة فقد عمل بها علماء الأمة من الصحابة والتابعين وأتباعهم إلى يومنا هذا مما اكسبها قوة ونفاذاً.
4- إن القول بتاريخية النص أو مرحليته قول دخيل على الثقافة الإسلامية، وليس له مستند صحيح لا من الأدلة النقلية أو العقلية بل هو مأخوذ من الثقافة الغربية اللادينية.
ثم أوصي الباحث بتعزيز الدراسة حول هذا الموضوع “الجانب الإيماني” لما له من أهمية بالغة يعود أثرها على المسلمين، فينبغي أن تعد مناهج متخصصة في الجامعات والمعاهد الشرعية لنشر أساسيات هذا الموضوع.
فجزا الله الباحث خيرًا على هذا الجهد، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم..
والبحث موجود على موقع “مركز التأصيل للدراسات والبحوث”.