الثورة الجزائرية والانقلاب على عدنان مندريس والملك إدريس!!
بقلم أ. سيف الهاجري
في درنة مدينة الجهاد وفي أوج الثورة الجزائرية على الاستعمار الفرنسي أوائل عام 1957م التقى رئيس وزراء تركيا عدنان مندريس رحمه الله برئيس الوزراء الليبي مصطفى بن حليم وطلب بن حليم من مندريس مساعدة الثورة في الجزائر بالمال والسلاح فوافق مندريس على تزويد الثورة الجزائرية بالسلاح تحت غطاء المساعدات العسكرية للجيش الليبي تحوطا من انكشاف الأمر للغرب خاصة وأن تركيا عضو في حلف الناتو وما يترتب على ذلك من أزمة لا تتحملها تركيا آنذاك قد تؤثر على مسيرة برنامجه الإصلاحي لإرجاع تركيا لهويتها الإسلامية، وبعد تلك السنة ومع هذه المساعدات التركية الليبية تطور أداء الثورة الجزائرية لتحرر الجزائر عام 1962م لكن مندريس رحمه الله أطاح به انقلاب عسكري وبدعم أمريكي عام 1960م وأعدم رحمه الله في عام 1961م قبل أن يرى ثمرة دعمه للشعب الجزائري وهو الذي قال لرئيس الوزراء الليبي بن حليم بعد موافقته على دعم تركيا للثورة الجزائرية (أرجو الله أن يوفقكم في إيصالها لاؤلئك الذين يحتاجونها في دفاعهم عن دينهم) “صفحات مطوية من تاريخ ليبيا السياسي- مذكرات رئيس وزراء ليبيا الأسبق مصطفى أحمد بن حليم ص363-365”.
لقد غُيب دور تركيا في دعم الثورة في الجزائر ونسب الفضل كاملا لجمال عبدالناصر وهذا من السياسة التي اتبعها النظام الدولي والعربي منذ سقوط الخلافة العثمانية لعزل العرب والترك عن بعضهم لتستمر الهيمنة الصليبية على الأمة وهذا ما أدركه عدنان مندريس وحاول كسر هذا الجدار العازل فدفع حياته ثمنا لذلك ليصطفيه الله شهيدا ليمهد الطريق لحرية الشعب التركي من الهيمنة الغربية بعد أربعة عقود.
فكما عزلت الانقلابات العسكرية تركيا عن الأمة وأخضعتها للهيمنة الغربية فكذلك ليبيا دفعت ثمن وقوفها مع قضايا الأمة فدبرت القوى الاستعمارية انقلاب الطاغية القذافي لتدخل ليبيا في نفق الظلم والاستبداد وتخضع تماما للهيمنة الأجنبية أرضا ونفطا حتى أسقط الشعب الليبي الطاغية ليدخل في صراع مباشر مع القوى الاستعمارية الحامية والراعية للطاغية القذافي وأصبح الملف الليبي على مائدة لئام النظام الدولي برعاية المؤسسات الدولية ورجالها كغسان سلامة رجل أمريكا في العراق.
فهل تسير تركيا اليوم على خطى الشهيد مندريس لتدعم الشعب الليبي في مواجهة القوى الاستعمارية والثورة المضادة ليس دفاعا عن حرية الشعب الليبي ودينه فقط وإنما أيضا دفاعا عن أسوار اسطنبول مدينة الإسلام والذي يبدأ من ساحات الثورة العربية.
﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ﴾
(المصدر: موقع أ. سيف الهاجري)