مؤلف الكتاب : عارف بن مسفر المالكي
1437 هـ
من إصدارات مركز التأصيل للدراسات والبحوث
الاهتمام بعلم المقاصد لم يعد بحثا أصوليا لفهم النص الشرعي واستنباط الأحكام الفقهية منه، بل تجاوز ذلك ليصبح منهجا فكريا للتعامل مع مسائل الدين ودلائله فهما وتأويلا وترجيحا واحتكاما. وتشكل المقاصد في الفكر الإسلامي المعاصر رؤية جديدة في الفقه الإسلامي وأصوله بنمط الفكر والتصور ومنهج النظر والتفكير.
وسواء جعلناها ركنا أساسيا من أركان علم أصول الفقه أو اعتبرناها نظرية فلسفة التشريع الإسلامي فإن الدعوة إلى استقلالية علم المقاصد أضحت توجها بارزا في ساحة الفكر الإسلامي المعاصر، ولم يعد البحث في المقاصد مقصورا على أحكام الشريعة، بل تحولت إلى جزء من نظام منطقي إسلامي يضبط حركة الفكر الإسلامي كله، لا الفقه الإسلامي وحده؛ ويعصمها من الوقوع في الخطأ والانحراف.
والساحة الفكرية الإسلامية اليوم تعيش صحوة مقاصدية تجاوزت بها أن تكون مجرد نظرة مدققة لما وراء الألفاظ الشرعية بغية الوصول إلى الأهداف المتوخاة من التشريع، حتى يكون قصد المكلف موافقا لقصد التشريع، لتصبح جزءا من المحددات المنهجية المعرفية، وتؤدي دورهما في معالجة الأزمة الفكرية؛ جامعة بين قراءة الوحي وقراءة الكون وفق نمط فكري نمائي تعليلي ومنهج استقرائي برهاني.
وفي هذا البحث محاولة لقراءة الفكر المقاصدي قراءة تأصيلية وفق منهج أهل السنة والجماعة، ووضع لبنة في بناء الفكر الإسلامي المتزن تحقيقا لوسطية هذه الأمة وخيريتها، وتتبع لمدى قرب الرؤية المعاصرة للمقاصد من ذلك التأصيل أو بعدها عنه، وعرضها على ميزان الكتاب والسنة تمحيصا ونقدا.
(المصدر: مركز التأصيل للدراسات والبحوث)