نورالدين البيار – الإسلام اليوم
كشف تقرير الحالة الدينية في المغرب أن التنصير والتشيع والغلو، أهم التحديات التي تواجه المملكة المغربية إلى جانب إشكالات وتحديات قيمية وأخلاقية أخرى مرتبطة بالمجتمع وبعض المظاهر السلبية لدى الشباب خصوصا .
وحسب المعطيات المتوفرة فإن انتشار الإنترنت قد تجاوز عتبة 13 مليون مشترك و11 مليون حساب على موقع الفيسبوك وما يقارب 100 ألف حساب على موقع تويتر، يضاف إلى ذلك الانتشار المرتبط بالفضائيات والتي تستثمر الإمكانات الرقمية والانتشار المرتبط بالمواقع الإلكترونية وما لذلك من تداعيات على تحول القيم.
التقرير الذي أصدره أمس، المركز المغربي للدراسات والأبحاث المعاصرة، شمل عمليات الرصد والتتبع للشأن الديني بالمغرب، خلال فترة 2013-2015، حيث برز من خلال المعطيات الرقمية تراجع التنصير نسبيا، ولئن كانت بعض المنظمات التنصيرية وصفت المغرب بأنه من أكثر الشعوب تسامحا مع المسيحيين، فإن التقرير نقل عن مركز بيو للأبحاث أنه أدرج المغرب ضمن قائمة الدول التي فشلت فيها الحركة التنصيرية.
ولفت التقرير- الذي حصل “الإسلام اليوم” على نسخة من ملخصه التنفيذي- أن من الإجراءات التي باتت معتمدة عند التيار التنصيري، الرهان على المتنصرين المغاربة كإستراتيجية جديدة لتجاوز عقبات التنصير، خاصة عبر الفضاء الالكتروني والكنائس المنزلية والتنصير في مخيمات الصحراء المغربية.
كما سجل التقرير غياب أي إطار رسمي أو مدني أو أكاديمي مهتم بالظاهرة، وغياب أي قاعدة معطيات عن جغرافية الامتداد التنصيري، ترصد خريطته وطريقة اشتغاله وكيفية التعامل مع ضحاياه والمواكبة العلمية لهم.
وعن التحدي الطائفي، أوضح التقرير أن هذا التحدي تعزز بتأسيس جمعية تحت اسم “الرساليون التقدميون” ثم “مؤسسة الخط الرسالي” وفي سنة 2015 تم إعلان “المرصد الرسالي لحقوق الإنسان”. كما تميزت المرحلة بميل نشطاء “الخط الرسالي” إلى تبني خطابات الدفاع عن الحقوق والحريات، للضغط على الدولة للاعتراف بـ”كيان شيعي” بالمغرب، تحت ذريعة”حرية المعتقد”؛ وقد شكلت بلاد المهجر وخاصة في أوروبا وبعض البلدان الأفريقية إلى جانب توافد المهاجرين من سوريا وإفريقيا جنوب الصحراء أبرز منافذ الاختراق الطائفي.
وعن التطرف والغلو فإن المغرب -وفق ذات المصدر- ظل محل استهداف مباشر من قبل الشبكات الإرهابية، رغم استمرار اليقظة وتعزيزه لمنظومته الأمنية ومواصلة التعاون الدولي والإقليمي عبر سياسات مشتركة لمكافحة الإرهاب. حيث أعلن المغرب عن تفكيك عدد كبير من المجموعات والخلايا الإرهابية المتصلة مع شبكات دولية نشيطة في مجال استقطاب وتجنيد المغاربة للقتال في بؤر التوتر خاصة سوريا وليبيا والعراق.
واستنادا إلى معطيات وزارة العدل والحريات المغربية خلال سنتي 2014 و2015 فقد تم تسجيل حوالي 418 ملفا يتعلق بقضايا الإرهاب حيث تمت فيه متابعة حوالي 567 متهما، كما قدرت وزارة الداخلية أن ما بين 1000 و1500 مغربي يقاتلون في سوريا ومن بينهم مسؤولين في مواقع متقدمة في هذه المجموعات المقاتلة.
وبين المصدر ذاته أن التحدي الصهيوني المتمثل في التطبيع تنامى من خلال الإعلان والإشهار للتطبيع ارتباطا بحساسية اللحظة السياسية التي يدبر فيها الإسلاميون الشأن العام، حيث يتم إظهار المغرب وكأنه أكثر تطبيعا مع الكيان الصهيوني، بغرض الإحراج السياسي للحزب الذي يقود الحكومة باعتباره الحزب الذي عرف دوما بمقاومته لكل مظاهر التطبيع مع الاحتلال الصهيوني، إذ تشير آخر إحصاءات المكتب المركزي للكيان الصهيوني للإحصاء أن قيمة المبادلات التجارية بين الكيان الصهيوني والمغرب بلغت سنة 2015 ما يناهز 31.7 مليون دولار، مقابل 13.2 مليون دولار سنة 2014.
مشيرا إلى أن كميات كبيرة من صادرات الكيان الصهيوني غير مباشرة وتتم عبر شركات وسيطة ببلدان أوروبية وفرنسا على وجه الخصوص.
وخلص التقرير، إلى أن “التدين مكون أصيل في المغرب”، رغم التحديات التي تواجهه، كما اعتبر أن الشباب المغربي يعبر عن تعاطيه الإيجابي مع الدين، ومع حضوره في الفضاء العمومي من خلال الدستور أو القوانين الأخرى، ومن خلال العمل الحكومي والتشريعي وفي تأطير الحياة الأسرية، وذلك في ظل الاستقرار السياسي.
وتعليقا على هذه التحديات قال المحجوب داسع، الباحث في الشأن الديني، إن “تقرير هذه السنة يعكس التحولات العميقة التي يعرفها تدبير الحقل الديني بالمغرب، واستمرار هيمنة الخطاب الرسمي للدولة. إضافة إلى بروز فاعلين دينيين آخرين، كخطباء المساجد، الذين أصبحوا أكثر تفاعلا مع القضايا الدينية والفكرية التي تعيشها الأمة الإسلامية، والتحديات الكبرى التي تواجهها، ومنها ظهور تنظيم الدولة والمخاض الذي تعيشه العديد من البلدان العربية بعد موجة الربيع العربي”.
واعتبر داسع في تصريح خاص لـ”الإسلام اليوم” أن “تحدي التطرف يظل التحدي الأبرز الذي يتعين على الدولة مواجهته خصوصا مع توالي ورود أسماء شباب مغاربة في الاعتداءات الإرهابية التي عرفتها مجموعة من البلدان الأوربية، مؤخرا، الأمر الذي يستدعي اجتثاث التطرف ونهج مقاربات أخرى لمعالجة الظاهرة”.
من جهته، قال الداعية المغربي المعروف محمد الفيزازي إن “استهداف المغرب كبلد إسلامي كاستهداف أي بلد آخر لكنه استعصى على معاول الهدم هذه كلها معاول الهدم”.
واعتبر الفيزازي في حديث لـ”الإسلام اليوم” أن “العقائد والأفكار لا سبيل إلى إغلاق المنافذ أمامها، لأن العالم أصبح قرية صغيرة ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يضبط الإنسان الأفكار أو يرغم الناس على التفكير بنمط معين إضافة إلى الفضائيات والانترنت فكل فئة مما ذكرت إلا ولها أسبابها وقنواتها ومشاربها الفكرية وولاء ديني وسياسي”.
وبين المتحدث ذاته أن “الفتنة الطائفية بدأت تتغلغل في المجتمع المغربي على احتشام خاصة في مدينة طنجة التي اعتبرها وكرا خبيثا لهذه النِحلة”.
ولفت في السياق نفسه، إلى أن “المنفذ الأساس لهذا المذهب هو الجالية خاصة بروكسيل هناك يتم الاستقطاب وهؤلاء يأتون لزيارة الأقارب فيأتون بقناعات منحرفة عن عقيدة أهل السنة والجماعة، حيث أصبح لهم ولاء للشيعة والتشيع، وبذور الفتنة بدأت تزرع بعد تأسيس جمعية في تطوان تحت مسمى حرية المعتقد وحقوق الإنسان”.
وزاد الفيزازي أن “الدولة لها موقف من التشيع وإن كان غير صارم وهو موقف قديم منذ مجيء الخميني إلى الحكم في إيران”.
وبالنسبة للتنصير، فهو يرى أنه بدرجة أقل تغذيه إحدى القنوات التلفزيونية التي يقودها أحد المرتدين المغاربة لكنها لا تشكل خطرا.
وعن تحدي الغلو والتطرف يرى الفيزازي أنه “آفة العالم وليس حكرا على المغرب الذي يوجد في منطقة تشهد وجود خلايا إرهابية كليبيا وتونس”.
واعتبر الداعية أن “الإرهاب فكر ولا يمكن أن يحاصر أمنيا فقط”، مشيرا إلى أن “المقاربة الأمنية وتشديد العقوبات ليس كافيا، فالعلاج الأكبر والأوفر حظا – وفق الفيزازي- هو علاج فكري وعقدي من خلال المناظرات والندوات وغيرها”.