التكوير على التحرير والتنوير (22)
الشيخ محمد خير رمضان يوسف
(خاص بمنتدى العلماء)
الجزء الثاني والعشرون
(تابع لسورة الأحزاب)
31- {وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا}.
وتعملْ بما أمرَ اللهُ به. (الطبري).
32- {يَانِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنّ}.
{إنِ اتَّقَـيْتُنَّ} الله، فأطعتنَّهُ فيما أمركنَّ ونهاكنّ. (الطبري).
33- {وَأَقِمْنَ الصَّلاَةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ}.
{وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} في سائرِ الأوامرِ والنواهي. وقالَ بعضهم: أطعنَ الله في الفرائض، ورسولَهُ في السنن. (روح البيان).
36- {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا}.
أي: بيِّنَ الانحرافِ عن سننِ الصواب. (روح البيان).
38- {مَّا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ}.
ضِيق. (روح البيان).
39- {وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا}.
محاسِبًا لعبادهِ على أعمالهم. فينبغي أن يحاسِبَ العبدُ نفسَهُ قبلَ محاسبةِ الله إيّاه، ولا يخافَ غيرَ الله، لا في أمرِ النكاحِ ولا في غيره، إذا علمَ أن رضَى الله وحكمَهُ فيه. (روح البيان).
50- {قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ}.
فإن جميعهنَّ إذا كنَّ مؤمناتٍ أو كتابيات، لهم حلالٌ بالسباءِ والتسرِّي، وغيرِ ذلك من أسبـابِ الملك. (الطبري).
51- {وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكَ}.
لا إثمَ عليك. (البغوي).
55- {لاَّ جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلاَ أَبْنَائِهِنَّ وَلاَ إِخْوَانِهِنَّ وَلاَ أَبْنَاء إِخْوَانِهِنَّ وَلاَ أَبْنَاء أَخَوَاتِهِنَّ وَلاَ نِسَائِهِنَّ وَلاَ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ وَاتَّقِينَ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا}.
{لاَّ جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ}: لا إثمَ عليهنّ. (روح المعاني).
{وَاتَّقِينَ اللَّهَ}: أي: واخشينَهُ في الخلوةِ والعلانية. (ابن كثير)، {وَٱتَّقِينَ ٱللَّهَ} في كلِّ ما تأتُنَّ وتذرُنَّ، لا سيَّما فيما أُمِرتُنَّ به وما نُهيتُنَّ عنه. وفي “البحر”: في الكلامِ حذف، والتقدير: اقتصرنَ على هذا واتقينَ الله تعالى فيه أن تتعدَّينَهُ إلى غيره. وفي نقلِ الكلامِ من الغيبةِ إلى الخطابِ فضلُ تشديدٍ في طلبِ التقوى منهنّ. {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا}: لا تخفَى عليه خافية، ولا تتفاوتُ في علمهِ الأحوال، فيجازي سبحانهُ على الأعمالِ بحسبها. (روح المعاني).
56- {إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ}.
ذكرَ أن الصلاةَ من الله وملائكتهِ تقدَّمَ الكلامُ عليها عند قولهِ تعالى: {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ} (الآية 43 من السورة). قالَ هناك: الصلاة: الدعاءُ والذكرُ بخير، وهي من الله: الثناء، وأمرهُ بتوجيهِ رحمتهِ في الدنيا والآخرة، أي: اذكروهُ ليذكركم، كقوله: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} [سورة البقرة: 152]، وقولهِ في الحديثِ القدسي: “فإنْ ذكرَني في نفسهِ ذكرتُه في نفسي، وإنْ ذكرَنِي في ملأٍ ذكرتُهُ في ملأٍ خيرٍ منهم”. وصلاةُ الملائكة: دعاؤهم للمؤمنين. فيكون دعاؤهم مستجاباً عند الله، فيزيدُ الذاكرين على ما أعطاهم بصلاتهِ تعالى عليهم.
58- {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا}.
أي: بغيرِ جنايةٍ يستحقُّون بها الأذيَّة. (روح البيان).
62- {سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا}.
أي: سنَّ الله ذلك في الأممِ الماضيةِ سنَّة، وجعلَهُ طريقةً مسلوكةً من جهةِ الحكمة. (روح البيان).
63- {يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ}.
{عَنِ السَّاعَةِ}: عن وقتِ قيامها. والساعةُ جزءٌ من أجزاءِ الزمان، ويعبَّرُ بها عن القيامةِ تشبيهًا بذلك لسرعةِ حسابها. (روح البيان).
وقالَ مؤلِّفُ الأصلِ عند تفسيرهِ الآيةَ الثالثةَ من سورةِ سبأ: الساعةُ علَمٌ بالغلَبةِ في القرآنِ على يومِ القيامةِ وساعةِ الحشر.
{قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ}: قلْ لهم: إنما علمُ الساعةِ عندَ الله، لا يعلمُ وقتَ قيامِها غيره. (الطبري).
64- {إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا}.
أي: طردَهم وأبعدَهم من رحمتهِ العاجلةِ والآجلة. (روح البيان).
68- {رَبَّنَا آَتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا}
واخزِهم خزيًا كبـيرًا. (الطبري).
وأبعِدْهم مِن رحمتِكَ بُعدًا كثيرَا. (الواضح).
71- {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}.
فقد ظفرَ بـالكرامةِ العظمَى من الله…. (الطبري).
سورة سبأ
3- {لاَ يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ وَلاَ أَصْغَرُ مِن ذَلِكَ وَلاَ أَكْبَرُ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِين}.
{مِثْقَالُ ذَرَّةٍ}: ذكرَ أن معناهُ تقدَّمَ في سورةِ يونس (الآية 61). قالَ هناك: المِثقال اسمُ آلةٍ لما يُعرَفُ به مقدارُ ثِقَلِ الشيء، فهو وزنُ مِفعال، من ثَقُل، وهو اسمٌ لصنجٍ مقدَّرِ بقدرٍ معيَّنٍ يوزَنُ به الثقل. والذرَّة: النملةُ الصغيرة، ويطلقُ على الهباءةِ التي تُرَى في ضوءِ الشمسِ كغبارٍ دقيقٍ جدًّا. والظاهرُ أن المرادَ في الآيةِ الأولُ. وذُكرتِ الذرَّةُ مبالغةً في الصغرِ والدقَّة، للكنايةِ بذلك عن إحاطةِ العلمِ بكلِّ شيء، فإن ما هو أعظمُ من الذرَّةِ يكونُ أولَى بالحكم. اهـ.
{فِي كِتَابٍ مُّبِين}: هو اللوحُ المحفوظ، المظهِرُ لكلِّ شيء. وإنما كُتِبَ جريًا على عادةِ المخاطبين، لا مخافةَ نسيان، وليُعلَمَ انه لم يقعْ خللٌ وإن أتى عليه الدهر. (روح البيان).
12- {وَمِنَ الْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ}.
أي: بقدرهِ وتسخيرهِ لهم بمشيئتهِ ما يشاءُ من البناياتِ وغيرِ ذلك. (ابن كثير).
14- {فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ}.
القضاء: الحكمُ والفصل. والموت: زوالُ القوةِ الحسّاسة، أي: لما حكمنا على سليمانَ بالموت، وفصَلناهُ به عن الدنيا. (روح البيان).
23- {وَلاَ تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ}.
الشفاعةُ هي طلبُ العفوِ أو الفضلِ للغيرِ من الغير، يعني أن الشافعَ شفيعٌ للمشفوعِ له في طلبِ نجاتهِ أو زيادةِ ثوابه، ولذا لا تطلقُ الشفاعةُ على دعاءِ الرجلِ لنفسه… (روح البيان).
25- {قُلْ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا}.
الجرمُ – بالضمِّ – الذنبُ، وأصلهُ القطع، واستُعيرَ لكلِّ اكتسابٍ مكروه، كما في المفردات، أي: فعلنا واكتسبنا من الصغائرِ والزلّاتِ التي لا يخلو منها مؤمن. (روح البيان).
28- {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا}.
ذكرَ أن البشيرَ والنذيرَ تقدَّمَ تفسيرهما في الآية: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا} من سورةِ البقرة (الآية 119). قال: حالان، وهما بزنةِ (فعيل) بمعنى فاعل، مأخوذان من (بشَّرَ) المضاعف، و (وأنذرَ) المزيد. اهـ.
قالَ ابنُ كثير رحمَهُ الله: أي: تبشِّرُ من أطاعكَ بالجنة، وتُنذِرُ من عصاك بالنار.
32- {قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا}.
قالَ المؤلفُ في الآيةِ السابقة: {ٱسْتُضْعِفُواْ} أي: الذين يعدُّهم الناسُ ضعفاءَ لا يؤبَهُ بهم، وإنما يعدُّهم الناسُ كذلك لأنهم كذلك، ويُعلَمُ أنهم يَستضعِفون أنفسهم بالأولى؛ لأنهم أعلمُ بما في أنفسهم. والضعفُ هنا: الضعفُ المجازي، وهو حالةُ الاحتياجِ في المهماتِ إلى من يضطلعُ بشؤونهم ويَذبُّ عنهم ويصرِّفُهم كيف يشاء. ومن مشمولاتهِ الضعةُ والضراعة، ولذلك قوبل بـ (الذين استَكبروا)، أي: عدُّوا أنفسهم كبراءَ، وهم ما عدُّوا أنفسهم كبراءَ إلا لما يقتضي استكبارهم؛ لأنهم لو لم يكونوا كذلك لوُصِفوا بالغرورِ والإِعجابِ الكاذب.
33- {وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا}.
قالَ المؤلفُ في الآيةِ (31) من السورة: {قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا}: {ٱسْتُضْعِفُواْ} أي: الذين يعدُّهم الناسُ ضعفاءَ لا يؤبَهُ بهم، وإنما يعدُّهم الناسُ كذلك لأنهم كذلك، ويُعلَمُ أنهم يَستضعِفون أنفسهم بالأولى؛ لأنهم أعلمُ بما في أنفسهم. والضعفُ هنا: الضعفُ المجازي، وهو حالةُ الاحتياجِ في المهماتِ إلى من يضطلعُ بشؤونهم ويَذبُّ عنهم ويصرِّفُهم كيف يشاء. ومن مشمولاتهِ الضعةُ والضراعة، ولذلك قوبل بـ (الذين استَكبروا)، أي: عدُّوا أنفسهم كبراءَ، وهم ما عدُّوا أنفسهم كبراءَ إلا لما يقتضي استكبارهم؛ لأنهم لو لم يكونوا كذلك لوُصِفوا بالغرورِ والإِعجابِ الكاذب.
37- {وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا}.
أي: وما الأموال والأولادُ تقرِّبُ أحدًا إلا المؤمنَ الصالح، الذي أنفقَ أموالَهُ في سبيلِ الله، وعلَّمَ أولادَهُ الخير، وربّاهم على الصلاحِ والطاعة. (روح البيان).
38- {وَالَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِي آَيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ}.
{آَيَاتِنَا} القرآنية، بالردِّ والطعنِ فيها، ويجتهدون في إبطالها. (روح البيان).
42- {فَالْيَوْمَ لَا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا}.
أي: يومَ الحشر. (روح البيان).
43- {قَالُوا مَا هَذَا إِلَّا رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آَبَاؤُكُمْ}.
أي: يمنعَكم ويصرفَكم. (روح البيان).
44- {وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِن نَّذِير}.
{وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مّن نَّذِيرٍ} يدعوهم إلى الحقّ، ويُنذرهم بالعذاب، فليس لتكذيبهم بالقرآنِ وبالرسولِ وجه، ولا شبهةٌ يتشبَّثون بها. قالَ قتادة: ما أنزلَ الله على العربِ كتاباً قبلَ القرآن، ولا بعثَ إليهم نبيًّا قبلَ محمدٍ صلى الله عليه وسلم. (فتح القدير)، وقد كانوا يودُّون ذلك، يقولون: لو جاءنا نذير، أو أُنزِلَ علينا كتاب، لكنّا أهدَى من غيرنا، فلمّا منَّ الله عليهم بذلك، كذَّبوهُ وجحدوهُ وعاندوه. (ابن كثير).
45- {وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا آتَيْنَاهُمْ}.
ما آتينا أولئك من قوةِ الأجسام، وكثرةِ الأموالِ والأولاد، وطولِ الأعمار. (روح البيان).
سورة فاطر
1- {الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلاَئِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاء إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير}.
{الْحَمْدُ لِلَّهِ}: ذكرَ أنه تقدَّمَ في أولِ سورةِ الفاتحة، قالَ هناك ما مختصره: يخبرُ أن المستحقَّ للحمدِ هو الله عزَّ وجلّ، وفيه تعليمُ الخلق، تقديره: قولوا: الحمدُ لله. والحمدُ يكونُ بمعنى الشكرِ على النعمة، ويكونُ بمعنى الثناءِ عليه بما فيه من الخصالِ الحميدة. اهـ.
{إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير}: إنَّ اللهَ تعالَى ذكرهُ قديرٌ على زيادةِ ما شاءَ مِن ذلكَ فيما شاء, ونقصانِ ما شاءَ منه ممَّن شاء, وغيرِ ذلكَ مِن الأشياءِ كلِّها, لا يمتنعُ عليهِ فعلُ شيءٍ أرادَهُ سبحانهُ وتعالَى. (الطبري).
7- {وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ}.
والذين صدَّقوا الله ورسوله، وعملوا بما أمرهم الله، وانتهَوا عمّا نهاهم عنه. (الطبري).
9- {وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا}.
اللهُ سبحانَهُ هو الذي بعثَ الرِّياحَ لتحرِّكَ السَّحابَ وتنشرَهُ… (الواضح).
10- {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ}.
{الطَّيِّبُ}: إلى الله يصعدُ ذكرُ العبدِ إيّاه، وثناؤهُ علـيه.
{الصَّالِحُ}: وهو العملُ بطاعته، وأداءُ فرائضه، والانتهاءُ إلى ما أمرَ به. (الطبري).
{لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ} أي: لهم بسببِ مكرِهم عذابٌ شديدٌ لا يُقادَرُ قَدره، ولا يُعبَأُ بالنسبةِ إليهِ بما يمكرون. (روح المعاني).
12- {وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُون}.
تفسيرُ الآية: {وَتَرَى ٱلْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ} أي: تمخرهُ وتشقُّهُ بحيزومها، وهو مقدمها المسنم، الذي يشبهُ جؤجؤَ الطير، وهو صدره. {لِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ} أي: بأسفاركم بالتجارةِ من قطرٍ إلى قطر، وإقليمٍ إلى إقليم. {وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} أي: تشكرون ربَّكم على تسخيرهِ لكم هذا الخَلق العظيم، وهو البحر، تتصرَّفون فيه كيف شئتم، تذهبون أين أردتم، ولا يمتنع عليكم شيءٌ منه، بل بقدرتهِ قد سخرَ لكم ما في السماواتِ وما في الأرض، الجميعُ من فضلهِ ورحمته. (ابن كثير، باختصار).
13- {يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ}.
ذكرَ أنه تقدَّمَ في سورةِ لقمان (الآية 29)، قالَ ما ملخصه: الإيلاج: الإدخال. وهو هنا تمثيلٌ لتعاقبِ الظُّلمةِ والضياء، بولوجِ أحدهما في الآخر. والابتداءُ بالليلِ لأن أمرَهُ أعجب، كيف تغشَى ظُلمتهُ تلك الأنوارَ النهارية. والجمعُ بين إيلاجِ الليلِ وإيلاجِ النهارِ لتشخيصِ تمامِ القدرة، بحيثُ لا تُلازمُ عملاً متماثلاً. والكلامُ على تسخيرِ الشمسِ والقمرِ مضى في سورةِ الأعراف. اهـ.
ويعني في الآيةِ (54) منها {وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ}. ومما قالَهُ هناك: … وهي من أعظمِ المخلوقاتِ التي اشتملت عليها السّماوات… وأُطلِقَ التسخيرُ فيه مجازاً على جعلِها خاضعةً للنّظامِ الذي خلقها الله عليه بدونِ تغيير، مع أن شأنَ عظمِها أن لا يستطيعَ غيرهُ تعالى وضعَها على نظامٍ محدودٍ منضبط. ولفظُ الأمرِ في قوله: {بِأَمْرِهِ} مستعملٌ مجازاً في التصريفِ بحسبِ القدرةِ الجاريةِ على وفقِ الإرادة.
18- {وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ}.
تطهَّرَ من أوضارِ الأوزارِ والمعاصي بالتأثرِ من هذه الإنذارات، وأصلحَ حالَهُ بفعلِ الطاعات. (روح البيان).
27- {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً}.
{أَنْزَلَ} بقدرتهِ وحكمتهِ {مِنَ السَّمَاءِ} أي: من الجهةِ العلوية: سماءً أو سحابًا (روح البيان)، {مَاءً}: غيثًا. (الطبري).
28- {وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ}.
{وَالدَّوَابِّ}: جمعُ دابَّة، وهي ما يدبُّ على الأرضِ من الحيوان، وغلبَ على ما يُركَبُ من الخيلِ والبغالِ والحمير، ويقعُ على المذكر. {وَالْأَنْعَامِ}: جمعُ نَعَم، محرَّكة، وقد يُسكَنُ عينه: الإبلُ والبقرُ والضأنُ والمعز، دونَ غيرها، فالخيلُ والبغالُ والحميرُ خارجةٌ عن الأنعام. (روح البيان).
33- {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِير}.
اقتصرَ على بيانِ معنى {يَدْخُلُونَهَا}، وذكرَ أن تفسيرَ الآيةِ تقدَّمَ في سورةِ الحج. وقصدهُ الآيةُ (23) منها: {إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِير}. ومختصرُ قولهِ هناك: التحليةُ وضعُ الحَلْي على أعضاءِ الجسم. والأساورُ جمعُ أَسوِرة، الذي هو جمعُ سِوار. أُشيرَ بجمعِ الجمعِ إلى التكثير. ولما لم يُعهَدْ تحليةُ الرجالِ بالأساور، كان الخبرُ عنهم بأنهم يُحلَّون أساور، فجيءَ بالمؤكدِ لإفادةِ المعنى الحقيقي. {وَلُؤْلُؤًا} معطوفٌ على {أَسَاوِرَ}، أي: يحلَّون لؤلؤاً، أي: عقوداً ونحوها. والمعنى: أساورَ من ذهب، وأساورَ من لؤلؤ، وهو الدرّ، ويقالُ له: الجمانُ والجوهر. وهو حبوبٌ بيضاءُ وصفراءُ ذاتُ بريقٍ رقراق، تُستخرَجُ من أجوافِ حيوانٍ مائي حَلزوني مستقرٍّ في غلافٍ ذي دفَّتين مغلقتين عليه. والحريرُ يطلقُ على ما نُسِجَ من خيوطِ الحرير. ومن أصنافِ ثيابِ الحرير: السندسُ والإستبرق… اهـ.
ومعنى {جَنَّاتُ عَدْنٍ}: بساتـينُ إقامة. (الطبري).
39- {فَمَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ}.
أي: فإنما يعودُ وبالُ ذلك على نفسهِ دونَ غيره. (ابن كثير).
40- {بَلْ إِن يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُم بَعْضًا إِلاَّ غُرُورًا}.
ذكرَ أن معناهُ تقدَّمَ عند قولهِ تعالى: {لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ} [سورة آل عمران: 196]. قالَ هناك: الغرُّ والغرور: الإطماعُ في أمرٍ محبوبٍ على نيَّةِ عدمِ وقوعه، أو إظهارُ الأمرِ المضرِّ في صورةِ النافع، وهو مشتقٌّ من الغِرَّة، وهي الغفلة. وهو هنا مستعارٌ لظهورِ الشيءِ في مظهرٍ محبوب، وهو في العاقبةِ مكروه. (باختصار).
42- {فَلَمَّا جَاءهُمْ نَذِيرٌ مَّا زَادَهُمْ إِلاَّ نُفُورًا}.
تباعدًا عن الحقِّ والهدى. (روح البيان).
44- {وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً}.
وأطولَ أعماراً، وأكثرَ أموالاً، وأقوى أبداناً. (فتح القدير)، يخبركم أنه أعطَى القومَ ما لم يعطكم. (الطبري).
سورة يس
10- {وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ}.
الإنذار: إخبارٌ فيه تخويف، كما أن التبشيرَ إخبارٌ فيه سرور. (مفردات الراغب).
11- {إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ}.
الإنذار: إخبارٌ فيه تخويف.. (مفردات الراغب).
15- {قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَمَا أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ}
{إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ تَكْذِبُونَ} في قيلِكم إنكم إلينا مرسَلون. (الطبري). {إِنْ أَنْتُـمْ} أي: ما أنتم، {إِلاَّ تَكْذِبُونَ} في دعوَى رسالته. (روح البيان).
16- {قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ}.
أي: أجابتهم رسلُهم الثلاثةُ قائلين: اللهُ يعلمُ أنّا رُسلهُ إليكم، ولو كنّا كذَبةً عليه لانتقمَ منّا أشدَّ الانتقام، ولكنَّهُ سيُعزُّنا وينصرُنا عليكم، وستعلمون لمن تكونُ عاقبةُ الدار.. (ابن كثير).
18- {قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ}.
{لَنَرْجُمَنَّكُمْ}: لنقتلنَّكم، وقال قتادة: بالحجارة. (البغوي).
{وَلَيَمَسَّنَّكُمْ}: ولـينالنَّكم. (الطبري).
22- {وَمَا لِي لاَ أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُون}.
أي: يومَ المعاد، فيجازيكم على أعمالكم: إنْ خيراً فخير، وإنْ شرًّا فشرّ. (ابن كثير).
23- {إِن يُرِدْنِ الرَّحْمَن بِضُرٍّ لاَّ تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا}.
قال: وجاءَ بوصفِ {الرَّحْمن} دونَ اسمِ الجلالة، للوجهِ المتقدِّمِ آنفاً، عند قولهِ تعالى: {قَالُوا مَا أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَمَا أَنزَلَ الرَّحْمن مِن شَيْءٍ}. وقد قالَ هناك: اختيارُ وصفِ {الرَّحْمن} في حكايةِ قولِ الكفرة: {وَمَا أَنزَلَ الرَّحْمن مِن شَيْءٍ}؛ لكونهِ صالحاً لعقيدةِ الفريقين؛ لأن اليونانَ لا يعرفون اسمَ الله، وربُّ الأربابِ عندهم هو زفس وهو مصدرُ الرحمةِ في اعتقادهم، واليهودُ كانوا يتجنَّبون النطقَ باسمِ الله، الذي هو في لغتهم (يَهْوَه)، فيعوِّضونَهُ بالصفات.
24- {إِنِّي إِذًا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}.
… فإن إشراكَ ما يُصنَعُ وليس من شأنهِ النفعُ ولا دفعُ الضرِّ بالخالقِ المقتدرِ الذي لا قادرَ غيرهُ ولا خيرَ إلا خيره، ضلالٌ وخطأ بيِّنٌ، لا يخفَى على من له أدنَى تمييز. (روح المعاني).