التكوير على التحرير والتنوير (20)
الشيخ محمد خير رمضان يوسف
(خاص بمنتدى العلماء)
الجزء العشرون
(تابع لسورة النمل)
56- {فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آَلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ}.
فما كان جوابَ القومِ المجرمين إلاّ قولَهم: أخرِجوا لوطًا وأهلَهُ مِن بين أظهُرِكم، فإنَّهم يتنزَّهون عن اللِّواطِ ويستقذرونه. (الواضح).
57- {فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ}.
{فَأَنجَيْنَـٰهُ وَأَهْلَهُ} أي: بعد إهلاكِ القوم. فالفاءُ فصيحة، {إِلاَّ ٱمْرَأَتَهُ قَدَّرْنَـٰهَا} أي: قدَّرنا كونها {مِنَ ٱلْغَـٰبِرِينَ} أي: الباقين في العذاب. (روح المعاني).
58- {وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ}.
{وأمْطَرْنا عَلَـيْهِمْ مَطَراً}: وهو إمطارُ الله عليهم من السماءِ حجارةً من سجِّيل، {فَساءَ مَطَرُ الـمُنْذَرِينَ} يقول: فساءَ ذلكَ المطر، مطرُ القومِ الذين أنذرَهم اللهُ عقابَهُ على معصيتِهم إيّاه, وخوَّفَهم بأسَهُ بإرسالِ الرسولِ إليهم بذلك. (الطبري).
68- {لَقَدْ وُعِدْنَا هَذَا نَحْنُ وَآَبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ}.
قالَ في نظيرها، في الآيةِ (83) من سورةِ المؤمنون: جعلوا مستندَ تكذيبهم بالبعث، أنه تكررَ الوعدُ به في أزمانٍ متعددةٍ فلم يقع، ولم يُبعَثْ واحدٌ من آبائهم. ووجهُ ذكرِ الآباءِ دفعُ ما عسى أن يقولَ لهم قائل: إنكم تُبعَثون قبل أن تصيروا تراباً وعظاماً، فأعَدُّوا الجوابَ بأن الوعدَ بالبعثِ لم يكنْ مقتصراً عليهم فيقعوا في شكٍّ باحتمالِ وقوعهِ بهم بعد موتهم وقبلَ فناءِ أجسامهم، بل ذلك وعدٌ قديمٌ وُعِدَ به آباؤهم الأولون، وقد مضتْ أزمانٌ وشوهدتْ رفاتهم في أجداثهم وما بُعِثَ أحدٌ منهم.
69- {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ}.
ذكرَ أنه تقدَّمَ نظيرهُ في سورةِ الأنعام (الآية 11)، قالَ هناك: النظرُ في عاقبةِ المكذِّبين هو المقصدُ من السير، فهو ممّا يُرتقَى إليه بعد الأمرِ بالسير، ولأن هذا النظرَ محتاجٌ إلى تأمُّل وترسُّمٍ فهو أهمُّ من السير…
70- {وَلَا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ}.
ذكرَ أن (المكرَ) تقدَّمَ في سورةِ آلِ عمران (الآية 54)، وقد قالَ عندها: المكرُ فعلٌ يُقصَدُ به ضُرُّ أحدٍ في هيئةٍ تخفَى عليه، أو تلبيسُ فعلِ الإضرارِ بصورةِ النفع.
77- {وَإِنَّهُ لَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ}.
ذكرَ أنه راجعٌ إلى قولهِ في طالعِ السورة: {هُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ} (الآية 2)، قال: “المعنى أن الهدَى للمؤمنين والبشرى حاصلان منه ومستمران من آياته”. ثم قال: “… لأن المؤمنين هم الذين انتفعوا بهديه”.
83- {وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآَيَاتِنَا}.
بأدلَّتِنا وحُجَجِنا. (الطبري).
84- {قَالَ أَكَذَّبْتُمْ بِآَيَاتِي}.
بحُجَجي وأدلَّتي. (الطبري).
85- {وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ بِمَا ظَلَمُوا}.
ذكرَ أنه القولُ الأول. وقصدَ ورودَ اللفظِ في الآيةِ (82) من السورة، قال: {الْقَوْلُ} أُريدَ به أخبارُ الوعيدِ التي كذَّبوها متهكمين باستبطاءِ وقوعها.
87- {وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ}.
ذكرَ أن النفخَ في الصورِ تقدَّمَ في قوله: {وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ} [سورة الأنعام: 73]، وفيه أن الصورَ هو البوق، وأن يومَ النَّفخِ في الصُّورِ هو {وَيَوْمَ يَقُولُ كُن فَيَكُونُ} (في الآيةِ نفسها).
89- {وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آَمِنُونَ}.
… ويؤمِّنهُ مِن فَزعِ الصيحةِ الكبرَى، وهي النفخُ في الصُّور. (الطبري).
90- {هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}.
يقالُ لهم: هل تُجزَون أيها المشركون إلا ما كنتم تعملون، إذ كبَّكم الله لوجوهِكم في النار، وإلا جزاءَ ما كنتم تعملون في الدنيا بما يسخطُ ربَّكم. (الطبري).
سورة القصص
5- {وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ}.
ذكرَ في الآيةِ السابقةِ أن الطائفةَ المستضعفةَ هي طائفةُ بني إسرائيل، وأن المقصودَ بالأرضِ أرضُ مصر.
8- {إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ}.
قالَ في الآيةِ (6) من السورة: فرعونُ الذي أُرِيَ ذلك هو ملكُ مصرَ منفتاح الثالث، وهو الذي حكمَ مصرَ بعد رعمسيس الثاني، الذي كانت ولادةُ موسى في زمانه، وهو الذي كان يحذرُ ظهورَ رجلٍ من إسرائيلَ يكونُ له شأن. و{هَامَانَ} قالَ المفسِّرون: هو وزيرُ فرعون. وظاهرُ آياتِ هذه السورةِ يقتضي أنه وزيرُ فرعون، وأحسبُ أن هامانَ ليس باسمِ علم، ولكنه لقبُ خطة، مثلُ فرعونَ وكسرى وقيصر ونجاشيّ.
ثم قال: والجندُ اسمُ جمعٍ لا واحدَ له من لفظه، هو الجماعةُ من الناسِ التي تجتمعُ على أمرٍ تتبعه، فلذلك يطلقُ على العسكر؛ لأن عملَهم واحد، وهو خدمةُ أميرهم وطاعته.
13- {فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلاَ تَحْزَنَ}.
ذكرَ أنه تقدَّمَ في سورةِ طه { فَرَجَعْنَاكَ إِلَىٰ أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها وَلاَ تَحْزَنَ وَقَتَلْتَ نَفْساً} (الآية 40). قال: هذه منَّةٌ عليه لإكمالِ نمائه، وعلى أمِّهِ بنجاته، فلم تفارقْ ابنها إلّا ساعاتٍ قلائل، أكرمها الله بسببِ ابنها. وعطفُ نفي الحزنِ على قرَّةِ العينِ لتوزيعِ المنَّة، لأن قرَّةَ عينها برجوعهِ إليها، وانتفاءَ حزنها بتحققِ سلامتهِ من الهلاكِ ومن الغرق، وبوصولهِ إلى أحسنِ مأوى. اهـ.
وذكرَ في الآيةِ التاسعةِ من هذه السورة، أن قرةَ العينِ كنايةٌ عن السرور.
14- {وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ}.
كما جزينا موسى على طاعتهِ إيّانا، وإحسانهِ بصبرهِ على أمرنا, كذلكَ نَجزي كلَّ مَن أحسنَ مِن رسلِنا وعبـادِنا, فصبرَ علـى أمرِنا وأطاعنا, وانتهَى عمّا نهيناهُ عنه. (الطبري).
29- {فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِن جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُون}.
ذكرَ أن بقيةَ القصةِ تقدَّمتْ في سورةِ النمل {إِذْ قَالَ مُوسَى لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ نَارًا سَآتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ} (الآية 7). وملخصُ قولهِ هناك: الأهلُ مرادٌ به زوجه، ولم يكنْ معه إلا زوجهُ وابنانِ صغيران. والإيناس: الإحساسُ والشعورُ بأمرٍ خفيّ. والمرادُ بالخبرِ خبرُ المكانِ الذي تلوحُ منه النار. ولعلهُ ظنَّ أن هنالك بيتاً يرجو استضافتهم إيّاهُ وأهلهُ تلك الليلة، وإن لم يكنْ أهلُ النارِ أهلَ بيتٍ يستضيفون، بأن كانوا رجالاً مقوين، يأتِ منهم بجمرةِ نارٍ ليوقدَ أهلَهُ ناراً من حطبِ الطريقِ للتدفُّؤ بها… والاصطلاء: الشيُّ بالنار. ودلَّتْ صيغةُ الافتعالِ أنه محاولةُ الصلي، فصارَ بمعنى التدفُّؤ بوهجِ النار.
31- {يَامُوسَى أَقْبِلْ وَلاَ تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الآمِنِين}.
فنُوديَ موسى: يا موسى أقبِلْ إليَّ ولا تخفْ مِنَ الذي تهربُ منه، إنَّكَ مِن الآمِنـينَ مِن أنْ يضرَّك, إنما هو عصاك. (الطبري).
32- {فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ}.
إلى فرعونَ وقومهِ مِن الكُبراءِ والأتْباع. (الواضح).
37- {إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ}.
أي: الكافرون. (البغوي). لا يفوزون بالهُدَى في الدنيا وحسنِ العاقبةِ في العُقبَى. (البيضاوي).
43- {وَهُدًى وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ}.
{وَهُدًى} إلى الحقّ، {وَرَحْمَةً} أي: إرشاداً إلى العملِ الصالح، {لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} أي: لعلَّ الناسَ يتذكرون به، ويهتدون بسببه. (ابن كثير).
49- {إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}.
{إِنْ كُنْتُـمْ صَادِقِـينَ} في زعمِكم أنَّ هذين الكتابين سحران, وأنَّ الحقَّ في غيرهما. (الطبري).
67- {فَعَسَى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ}.
من السعداءِ الناجين. (البغوي).
74- {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ}.
قالَ في مثلها، في الآيةِ (62) من السورة: الاستفهامُ بكلمةِ {أَيْنَ} ظاهرهُ استفهامٌ عن المكانِ الذي يوجدُ فيه الشركاء، ولكنهُ مستعملٌ كنايةً عن انتفاءِ وجودِ الشركاءِ المزعومين يومئذ، فالاستفهامُ مستعملٌ في الانتفاء. والذين تصدَّوا للجوابِ هم بعضُ المنادين بـ {أَيْنَ شُرَكَائِيَ ٱلَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ}} علموا أنهم الأحرياءُ بالجواب. وهؤلاء هم أئمةُ أهلِ الشركِ من أهلِ مكة، مثلُ أبي جهل، وأميةَ بنِ خلف، وسدنةِ أصنامهم، كسادنِ العُزَّى.
77- {وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ}.
قالَ أثناءَ تفسيرِ الآيةِ (205) من سورةِ البقرة: الفسادُ ضدُّ الصلاح، ومعنى الفساد: إتلافُ ما هو نافعٌ للناسِ نفعًا محققَا أو راجحًا.
80- {وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ}.
قالَ ابنُ عباس رضيَ الله عنهما: يعني الأحبارَ من بني إسرائيل. وقالَ مقاتل: أوتوا العلمَ بما وعدَ الله في الآخرة. (البغوي).
83- {وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}.
وهم الذين اتَّقَوا معاصيَ الله، وأدَّوا فرائضه. (الطبري).
سورة العنكبوت
7- {وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ}.
والذين آمنوا بالله ورسوله، فصحَّ إيمانهم عند ابتلاءِ الله إيّاهم وفتنتهِ لهم، ولـم يرتدُّوا عن أديانهم بأذى المشركين إيّاهم. (الطبري)، {وعَمِلُوا الصَّالِحاتِ}: مع الأعمالِ الصالحاتِ واجتنابِ الكبائر. (فتح القدير).
9- {وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ}.
{والَّذِينَ آمَنُوا} بالله ورسوله، {وعَمِلُوا الصَّالِـحاتِ} من الأعمال، وذلك أن يؤَدُّوا فرائضَ الله، ويجتنبوا مَحارمه، {لَندْخِـلَنَّهمْ في الصَّالِحِينَ}: في مَدْخَـلِ الصالحين، وذلك الجنة. (الطبري).
16- {وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ}.
واتقوا سخطَهُ بأداءِ فرائضهِ واجتنابِ معاصيه. (الطبري).
25- {وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ}.
أي: يلعنُ الأتباعُ المتبوعين، والمتبوعون الأتباع. (ابن كثير). واللعن: طردٌ وإبعادٌ على سبيلِ السخط، وهو من الإنسان دعاءٌ على غيره. (روح البيان). {وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ} أي: ومصيرُكم ومرجعُكم بعدَ عرَصاتِ القيامةِ إلى النار. (ابن كثير).
27- {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ}.
ذكرَ أنه تقدَّمَ في سورةِ الأنعام {وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ ۚ كُلًّا هَدَيْنَا} ومما قالَهُ هناك: الوَهْبُ والهِبة: إعطاءُ شيءٍ بلا عوض، وهو هنا مجازٌ في التفضُّلِ والتيسير. ومعنى هبةِ يعقوبَ لإبراهيم، أنه وُلدَ لابنهِ إسحاقَ في حياةِ إبراهيم، وكبرَ وتزوَّجَ في حياته، فكان قرَّةَ عينٍ لإبراهيم. اهـ.
{وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ}: هذه خلعةٌ سَنيَّةٌ عظيمة، مع اتخاذِ اللهِ إيّاهُ خليلاً، وجعلهِ للناس إماماً، أن جعلَ في ذريتهِ النبوةَ والكتاب، فلم يوجدْ نبيٌّ بعد إبراهيمَ عليه السلامُ إلا وهو من سلالته، فجميعُ أنبياءِ بني إسرائيلَ من سلالةِ يعقوبَ بنِ إسحاقَ بنِ إبراهيم، حتى كان آخرهم عيسى ابنُ مريم، فقامَ في ملَئهم مبشِّراً بالنبيِّ العربيِّ القرشيِّ الهاشميّ، خاتمِ الرسلِ على الإطلاق، وسيدِ ولدِ آدمَ في الدنيا والآخرة، الذي اصطفاهُ الله من صميمِ العربِ العرباء، من سلالةِ إسماعيل بنِ إبراهيم عليهما السلام، ولم يوجدْ نبيٌّ من سلالةِ إسماعيلَ سواه، عليه أفضلُ الصلاةِ والسلام. (ابن كثير).
29- {قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِين}.
{إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِين} أن العذابَ نازلٌ بنا، فعند ذلك. (البغوي).
32- {لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ}.
أي: من الهالكين؛ لأنها كانت تمالؤهم على كفرهم وبغيهم ودبرهم. (ابن كثير).
33- {إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ}.
… إلاّ امرأتَكَ العجوزَ التي لم تؤمِنْ مِن بين أهلِك، فإنَّها مِن الباقين في العذاب. (الواضح).
34- {إِنَّا مُنْزِلُونَ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ}.
{عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ}: سَدُوم.
{بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ}: بما كانوا يأتون مِن معصيةِ الله, ويركبون مِن الفاحشة. (الطبري).
36- {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا فَقَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الآخِرَ وَلاَ تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِين}.
{أَخَاهُمْ}: أخاهم في النسب.
{وَلاَ تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِين}: ذكرَ أنه مرَّ في سورةِ البقرة (الآية 60). ومما قالَهُ هناك: هو أشدُّ الفساد (يعني العثيّ). وقيل: هو الفسادُ مطلقاً. وعلى الوجهين يكونُ {مُفْسِدِين} حالاً مؤكدةً لعاملها. اهـ.
وقالَ في نظيرتها أثناءَ تفسيرهِ الآيةَ (85) من سورةِ هود (ملخصًا): العَثْيُ هو الفساد. وقوله: {مُفْسِدِين} حالٌ مؤكدةٌ لعاملها، مبالغةً في النهي عن الفساد. والمراد: النهيُ عن الفسادِ كلِّه، كما يدلُّ عليه قوله: {فِي الأَرْضِ}، المقصودُ منه تعميمُ أماكنِ الفساد…
37- {فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ}.
قالَ في تفسيرِ الجملةِ الأخيرةِ من الآيةِ (78) مِن سورةِ الأعراف: {فَأَصْبَحُوا} هنا بمعنى صاروا. والجاثم: المكِبُّ على صدرهِ في الأرضِ مع قبضِ ساقيهِ كما يجثو الأرْنب. ولما كان ذلك أشدَّ سكوناً وانقطاعاً عن اضطرابِ الأعضاء، استعملَ في الآيةِ كنايةً عن همودِ الجثَّةِ بالموت. ويجوزُ أن يكونَ المرادُ تشبيهَ حالةِ وقوعهم على وجوههم حين صُعِقوا بحالةِ الجاثم، تفظيعاً لهيئةِ مِيتتهم، والمعنى: أنهم أصبحوا جثثًا هامدةً ميِّتةً على أبشعِ منظرٍ لميِّت. اهـ.
{فَكَذَّبُوهُ}: فكذَّبَ أهلُ مَدينَ شعيبـاً فـيـما أتاهم به عن الله من الرسالة. (الطبري).
39- {وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ}.
قالَ عند تفسيرِ الآيةِ (6) من سورةِ القصص: {هَامَانَ}: قالَ المفسِّرون: هو وزيرُ فرعون. وظاهرُ آياتِ هذه السورةِ يقتضي أنه وزيرُ فرعون، وأحسبُ أن هامانَ ليس باسمِ علم، ولكنه لقبُ خطة، مثلُ فرعونَ وكسرى وقيصر ونجاشيّ.
وذكرَ في الآيةِ (76) من السورةِ نفسها، أن (قارون) كان ابنَ عمِّ موسى بنِ عمران النبـيِّ صلى الله عليه وسلم.
44- {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ}.
لدلالة. (البغوي).