بقلم الشيخ د. نادر العمراني
عضو المجلس الإستشاري في منتدى العلماء
كتبت منشوراً عن مؤتمر توحيد التقويم الهجري الدولي في استنبول واختياره (التقويم الأحادي) لتحديد بداية الأشهر القمرية، فسألني غير واحد من الأحبة عن رأيي في ذلك، فأقول -وبالله التوفيق-:
لا يقتصر استخدام الناس للحساب الفلكي اليوم على تحديد العبادات من صيام وعِدَد (وفاة أو طلاق)، بل يستخدمونه أيضاً في ضبط أمورهم العادية ومواعيدهم، فلا يمكن لدولة (كالسعودية مثلاً) أو مؤسسة تعتمد الشهور الهجرية أن تنتظر حتى رؤية الهلال لتضبط مواعيدها، بل هي في حاجة لوضع تقويم مبدئي تنسق على أساسه مواعيدها وجدول أعمالها.
ولا خلاف في جواز وضع هذا التقويم المبني على الحساب لضبط الأمور العادية، وإنما الخلاف في اعتماده في العبادات، والصحيح عدم اعتماده، وربطها بالرؤية؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته”.
وإذا كان الأمر كذلك، فإنَّ للفلكيين نظامين في طريقة إعداد التقاويم الهجرية؛
الأول: التقويم الأحادي، وتقوم فكرته على اعتبار العالم دولة واحدة، بحيث يبدأ الشهر الهجري في جميع العالم في اليوم نفسه.
الثاني: التقويم الثنائي، القائم على تقسيم العالم إلى منطقتين؛ شرقية من أستراليا إلى أفريقيا -لاشتراكها في جزء من الليل، ولضمها الدول الإسلامية كلها- وغربية تضم الأمريكتين -لاشتراكهما أيضاً في جزء من الليل.
ولا يبدأ الشهر في كل منطقة إلا إذا أمكنت رؤيته فيها.
والذي أختاره، هو التقويم الثنائي؛ لموافقته للواقع المشاهد من رؤية الهلال في البلدان الغربية قبل رؤيته في الشرقية منها، كما يحصل عكسه في التقويم الشمسي (الميلادي)، حيث يدخل الشهر في الشرق قبل الغرب، بحيث يكون النهار قد انتصف في ماليزيا مثلاً، ومازال الحال ليلاً في تشيلي وما جاورها، ولم يكن ذلك سبباً في الخلاف والنزاع، أو محاولة جمع الكل في بداية الشهر الشمسي.
فليكن التقويم الهجري كذلك والله اعلم.
الخلاصة: لا مانع من اعتماد الحساب الفلكي في الأمور العادية لا العبادات، والأصح عندي اعتماد التقويم الثنائي لموافقته الواقع المحسوس.