التعريف برسالة جهود الدكتور أحمد حسن فرحات في الدراسات القرآنية
عرض أيمن حسن خير الله
لقد بدأتْ فكرةُ هذه الدراسةِ منذُ أيامِ المساقاتِ التي درستُها مع فضيلة الدكتور فرحات، فقد وجدتُه عالماً مختلفا، صاحبَ رأي واجتهاد، ونظرٍ وتحقيق، وقد كنا في كل محاضرة نتنقل بين كتب الدكتور وأبحاثه الكثيرة متتبعين مسألةً ما حققها وأدلى فيها بدلوه، وربما خالف السابقين باجتهادٍ تفرّد به، أو رجّح قولاً على قول، وكلُّ ذلك بالدليل والحجة…
لقد لفت نظري كلُّ هذا الجهد العلمي الكبيرِ للدكتور، حيث تنوّعتْ أبحاثُه وشملتْ جوانبَ شتى في التفسير وعلوم القرآن، خاصةً في مجال المصطلح القرآني، ومُشكل القرآن، بالإضافة لتحقيقه عدداً من كتب التراث ذات العلاقة.. وقد زادتْ جهودُ الدكتور فرحات عن الخمسينَ عملاً علمياً بين كتاب وبحث.. وقد أثار كلُّ ذلك فضولي العلمي فرغبتُ بدراسة أعمال الدكتور فرحات، للوقوف على جميع آرائه فيها، والكشفِ عن منهجه في التفسير وعلوم القرآن.. فكانت هذه الدراسة..
وقد هدفتْ الدراسة للوصول إلى أربعة أمور:
1- التعريفُ بالدكتور أحمد حسن فرحات كأحد علماء التفسير وعلوم القرآن المعاصرين، والتعريفُ بجهوده المتنوعة في الدراسات القرآنية، تأليفاً وتحقيقا.
2- التعريفُ بأهم آراء الدكتور فرحات وترجيحاتِه واختياراته في التفسير، وعلوم القرآن.
3- بيانُ منهج الدكتور فرحات في التفسير وعلوم القرآن، ومنهجِه في تحقيق المخطوطات.
4- الكشفُ عن الجانب النقدي لدى الدكتور فرحات، من خلال دراساته النقدية لكتب التراث.
وقد اعتمدتُ في دراستي المنهجَ الوصفي التحليلي، وذلك بعرضِ جهود الدكتور فرحات، ومن ثم دراستِها واستخراجِ منهجِه فيها.
هذا وقد تكونتْ الرسالةُ من تمهيدٍ وثلاثةِ فصول وخاتِمة:
فالفصلُ الأول: في السيرة الذاتية والعلمية للدكتور أحمد فرحات:
وقد بينت في المبحث الأول سيرته الذاتية في أربعة مطالب.
وبينت في المبحث الثاني سيرته العلمية والوظيفية، في خمسة مطالب.
أما الفصلُ الثاني: فكان عن آثار الدكتور فرحات في الدراسات القرآنية:
وقد عرَّفتُ في المبحث الأول بمؤلفاته في الدراسات القرآنية، وذلك في أربعة مطالبَ تناولَتْ مؤلفاتِه في التفسير وعلوم القرآن. ومؤلفاتِه في الموضوع والمصطلح القرآني. ومؤلفاته في مُشْكل القرآن. وباقي مؤلفاته الأخرى.
وفي المبحث الثاني عرّفتُ بتحقيقاته في الدراسات القرآنية، وذلك ببيان قصة اكتشافه لمكي بن أبي طالب، ثم التعريفِ بالكتب التي حققها، وبأعماله الملحقة بالتحقيق، وذلك في ثلاثة مطالب.
أما الفصلُ الثالث وهو الأطولُ والأهمُّ في هذه الدراسة: فخصصته لبيان منهج الدكتور فرحات في الدراسات القرآنية:
فبينتُ في المبحث الأول منه منهجَ الدكتور في التفسير، وذلك من خلال ثمانية مطالب.
وفي المبحث الثاني بينتُ منهجَه في علوم القرآن، وذلك في أربعة مطالب.
اما المبحثُ الثالث فبينتُ فيه منهجَه في تحقيق المخطوطات، وذلك من خلال أربعة مطالب.
وفي المبحث الرابع والأخير سلّطتُ الضوء على أهم نظراته النقدية في الدراسات القرآنية، فبينتُ ذلك في ثلاثة مطالب.
أما النتائجُ التي توصلتُ إليها من خلال هذه الدراسة: فسأكتفي بالإشارة إليها وأُحيلُ إلى تفصيلاتها المُبَينة في نهاية الدراسة:
ففي منهج الدكتور فرحات في التفسير: بينتُ منهجَه من خلال بيانِ موقفِه من النقاط التالية:
1- موقفُه من التفسير بالمأثور.
2- موقفُه من التفسير بالرأي.
3- أهميةُ اللغة العربية في التفسير عند الدكتور فرحات.
4- موقفُه من التفسير الموضوعي.
5- موقفُه من علم المناسبات، ونظريةِ “نظام القرآن” للفراهي.
6- مراعاتُه لدلالة السياق في التفسير.
7- دعوتُه لمنهجية رائدة في تفسير القرآن، تجمع المسلمين ولا تفرّقهم.
8- مصادرُه في التفسير، وأهمّ الذين تأثّر بهم.
أما منهجُه وأهمُّ آرائِه في علوم القرآن: فقد بينتُ ذلك من خلال بيان موقفه من الجوانب التالية:
1- موقفُه من المحكم والمتشابه.
2- موقفُه من النسخ في القرآن.
3- تفريقُه بين التفسير والتأويل.
4- موقفُه من الإعجاز العددي في القرآن.
أما منهجُه في التحقيق: فقد بينتُه من خلال العناوين التالية:
1- المراحلُ العامة التي يسير فيها في تحقيقه للمخطوطات.
2- بيانُ طريقتِه في تحقيق ألفاظ ومعاني الكتاب المُحَقَّق.
3- بيانُ طريقتِه في التعليق على الكتاب المُحقَّق.
4- بيانُ الإجراءاتِ الأخرى المتمِّمة لعملية التحقيق.
أما منهجُه في النقد: فقد بينتُ أهمَّ نظراتِه النقدية في دراساته القرآنية، وذلك من خلال ما يلي:
1- بيانُ انتقاداتِه لبعض الكتب المُحَقَّقَة، وكشفِه عن الكثير من الأخطاء التي وقعَ فيها المحققون.
2- نفيهُ نسبةَ بعض الكتب لمؤلفيها، وردُّه في ذلك على بعض المحققين.
3- عقدُهُ للمقارنات والموازنات بين بعض الكتب، لبيان أوجه الشبه والاختلاف فيما بينها.
- وأخيراً يمكنُ توصيفُ أستاذي الدكتور أحمد فرحات –
- بعد أن تعرّفتُ عليه وعلى كتبِه عن قُربٍ؛ وتتلمذتُ عليه على مدار أكثرَ من عامين؛ جالسْتُه فيها ونهلتُ من علمه وأدبه- بأنه عالمٌ كبير؛ ذو طبيعةٍ متميزة يحبُّ الاجتهادَ والمجتهدين، وينفرُ من الجمود والتقليد والتعصّب. وقد تميزَ ونبَغَ في علوم القرآن والعربية، وله في ذلك منهجٌ في النظرِ أقربُ ما يكونُ لمدرسةِ الرأي المحمود؛ الذي يعتمد فيه على تفسير القرآن بالقرآن مراعياً سياقَ الكلام ونظْمه؛ مُسْتصحباً قواعدَ اللغة العربية… وهو في ذلك يتمتعُ بالعمق العلمي، والاطلاعِ الواسع، والنظرِ الثاقب، والقدرةِ على النقد والإبداع، والاستقلاليةِ وعدم التعصب، والشجاعةِ العلمية، والبحثِ عن الحق، والتسليمِ للدليل، والاغترافِ من القرآن مباشرةً بدونِ مُقرَّراتٍ سابقة… يضاف لذلك ما تميز به أستاذُنا من أخلاقياتِ القرآن الكريم في الأدب، والتسامح، والهدوء، والرّزانة، والنفسية المرحة، وغيرها.. إنه باختصار: شخصيةٌ قرآنية.
وأختم كلامي بذكْرِ التوصياتِ التي أوصَتْ بها الدراسة، وهي عبارةٌ عن مجموعة من الدعوات:
1- دعوةٌ للباحثينَ في القرآن وعلومِه لمواصلة الجهود العلمية التي بذلَها الدكتور
فرحات؛ في مجالات هامة كمشكل القرآن والمصطلح القرآني والتفسير الموضوعي..
2- دعوةٌ لأستاذنِا الدكتور فرحات لمواصلة إخراجِ ما عندَه من تراثٍ علمي لمكي بن أبي طالب، أو غيرِه من العلماء، لا سيما وأنّ غالبيةَ ما حقّقه من كتبٍ قد مضى عليها أكثرُ من أربعين عاماً.
3- دعوةٌ للجامعات والمراكزِ البحثية لاحتضان جهودِ الدكتور فرحات وتبنِّيها،
وتوفيرِ ما يلزَمُ من أدواتٍ -للبحث العلمي- بما في ذلك فريقُ دعمٍ مساندٍ للدكتور؛ يقومُ بالأعمال التي تأخذُ وقتاً وجهداً؛ كالبحث والتوثيق والتخريج والفهرسة ونحوها، كي يتفرّغَ الدكتور لِصُلب العمل القرآني؛ من التدبر والتأمل بآيات القرآن الكريم، للخروج منها بكنوزٍ علمية تنفعُ المسلمين في واقعهم ومستقبلهم.
4- دعوةٌ للعلماء والمشتغلين بكتاب الله تعالى للسعي الجادِّ في إنضاج نظريةٍ علمية
متكاملة في التفسير والتعامل مع القرآن الكريم؛ مُنطلقةً ممَّا بدأه أستاذُنا الدكتور فرحات في منهجيته المقترحة، ومستفيدةً مما سطّره أهلُ القرآن الكبار كالفراهي وسيد قطب.. حتى تستوي على ساقها كأصولٍ حاكِمةٍ لعلمِ التفسير؛ فتكونُ مرجعيةً علميةً للدارسينَ والباحثينَ في كتاب الله تعالى.
5- دعوةٌ لطلاب العلم أنْ يسلُكوا نفسَ الطريقِ في دراسةِ جهودِ مشايخهِم وكبارِ أساتذتهم؛ أثناءَ حياتِهم، لِما في ذلك من فوائدَ تعودُ على البحث والباحث والأساتذة أيضاً، وكم كان يسعدُني تواصلي مع أستاذي الدكتور فرحات -أطال الله عُمُرَه في الصالحات- للاستفسار عن نقطة أشكلتْ علي في أحد كتبه فأجدُ عنده الجوابَ الشافي. وقد يكونُ في ذلك -أيضاً- فرصةٌ ثمينةٌ لِحِرَاكٍ علمي ومعرفي؛ قد يدفعُ الشيخَ لإعادة النظر ببعض آرائِه التي كتبها قبلَ زمنٍ طويل.
تمت مناقشة الرسالة يوم 21/ 1 / 2021
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
والحمد لله رب العالمين.
(المصدر: رابطة العلماء السوريين)