التطبيع وحرب الإسلام
بقلم د. محمد بن عبد الكريم الشيخ
حينما زار وزير الاستخبارات الإسرائيلي؛ “إيلي كوهين” العاصمة السودانية الخرطوم، والتقى بالحكومة لترتيب تطبيع العلاقات؛ صرّحَ : ” بأنهم بصدد إزالة البنية التحتية للإسلام الراديكالي في السودان ” .
وهذا التصريحُ يلخص الهدف الأساس الذي يصبون إليه باسم : التطبيع؛ ألا وهو محاربة الإسلام؛ باسم “الراديكالية الإسلامية ” .
إن “الراديكالية “Radicalism كانت في أصلها لدى الغربيين تعني حالة فكرية سياسية، تنشد التغيير الجذري والإصلاح الشامل للواقع؛ القائم في شتى المجالات، الفكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية.
ثم أصبحت تُطلق عندهم على التغيير عموما بشكل جذري؛ “فالجذريون” أو “الراديكاليون” هم الذين يريدون تغيير النظام الاجتماعي والسياسي من جذوره .
ومع انحسار استخدام الكلمة في العالم الغربي تدريجياً بدأت الصحف الغربية ومراكز الدراسات تضفي على مصطلح “الراديكالية” معنىً آخرَ هو ( التطرف )، وأضافة (العنف) و(الإرهاب)، وإلصاقه بالإسلام والمسلمين، يقول المستشرق البريطاني “هومي بابا ” : “الراديكالية كلمة ذات دلالات سلبية تلصق بالعالم الإسلامي ..”
من هنا فإنَّ “الإسلام الراديكالي، عندهم هو “الإسلام المتطرف” ، أو “الإسلام الإرهابي” .
إن مصطلح “الراديكالية” مطيةٌ قد اتخذها أعداءُ الإسلام، من الصهاينة ومن على شاكلتهم لإعلان الحرب على الإسلام، والمسلمين. حتى إنَّ “دونالد ترامب” كان قد دعا الرئيس “باراك أوباما” إلى التنحي بسبب “عدم استخدام عبارة الإسلام الراديكالي في خطابه إلى الأمة “وهذا السناتور الجمهوري “ماركو روبيو”يقول : “نحن في حالة حرب مع الإسلام الراديكالي،”؛ وفي مقابل ذلك فهم يريدون ” الإسلام العصري المتحرر المعتدل بمفهومهم”
كما يقول :”جيمس ولسي” رئيس وكالة الاستخبارات الأمريكية سابقاً : «نحن نصنع الإسلام الذي يناسبنا» .
وحسب توصيات مركز راند والكونغرس؛ فإن “الإسلام المعتدل” لا يمكن تحقيقه في وجود مناهج التعليم المستندة إلى القرآن والسنة؛ لأنهما يؤصلان للمفاهيم الإسلامية المتطرفة والتي منها مفهومُ الجهاد؛ واعتبارُ عداوةِ اليهودِ عقيدةً .
فلا بد – حسب تخطيطهم – من تغيير مضامين (الإسلام) بطرق شتى منها :
–أن يقتصر التوجيه على العبادات والشعائر دون المعاملات والشرائع؛ التي تجعل من المسلم متميزاً بعقيدته وأخلاقه .
– استبدال مادة التربية الدينية بمادة الثقافة الدينية؛ التي تركز على فضائل الديانات اليهودية والمسيحية والإسلام؛ والتأكيد على دور كل الأديان في بناء الحضارة الإنسانية .
في نهاية المطاف هم يريدون إبعاد الإسلام عن المعركة بيننا وبينهم ، كما جاء في صحيفة يهودية :” نجحنا في إبعاد الاسلام عن معركتنا مع العرب طوال ثلاثين عاما، ويجب أن يبقى الاسلام بعيدا عن المعركة إلى الأبد،…يجب أن نمنع استيقاظ الروح الاسلامية ..في المنطقة المحيطة بنا.. بأي شكل و بأي أسلوب، و لو اقتضى الأمر الاستعانة بأصدقائنا باستعمال العنف و البطش” (صحيفة بديعوت أحرونوت بتاريخ 18.03.1978) .
إنَّ معتركَ (التطبيع) مع الصهاينة يتطلب من المسلمين جميعاً في مواجهته أموراً منها :
١- تجلية حقيقة التطبيع مع الكيان الصهيوني؛ وأنه ليس مجرد علاقة سياسية أو اقتصادية عابرة .
٢- تعميق مفهوم شمولية الإسلام؛ وتربية الناشئة عليه.
٣- بيان فشل الصهاينة في القضاء على (الإسلام) في غزة وسائر فلسطين؛ وفشلهم كذلك في شعوب الدول العربية والإسلامية التي سبقت حكوماتها بالتطبيع .
٤- التصدي لهم في ميدانين مهمين :
الأول : مناهج التعليم ؛ وإفشال مخططاتهم التي يريدونها بواسطة عملاءهم.
الثاني : التشريعات والقوانين التي يحاولون تغييرها لصالح العلمانية والإلحاد.
أخيراً سيزول ما يمكرون؛ ويبقى الإسلام؛ أبيّاً شامخاً؛ كما قال الخطيب الإدريسي: ” إذا حاربوه اشتدّ، وإذا تركوه امتدّ، والله بالمرصاد لمن يصدّ، وهو غنيّ عمّن يرتدّ، وبأسه عن المجرمين لا يُردّ، وإن كان العدو قد أعدّ فإنّ الله لا يعجزه أحد “.
(يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ)
(المصدر: رابطة علماء المسلمين)