بقلم منذر الأسعد
الحق في ” الزنى” !!
لو كان هذا الشعار القميء في بلد غربي لا يرجو لله وقاراً لكان الأمر مفهوماً، لأن الغرب الحديث قام على أنقاض السيطرة الكنسية، وجرف في طريقه بقايا القيم الأخلاقية النصرانية التي لم تمسها يد التحريف من قبل. بل إن النهضة العلمية والصناعية في الغرب، دمَّرت مفهوم الغيب ثأراً من طغيان الكنيسة وتعنتها مع العلماء .. وأقصى ما بقي في تلك المجتمعات من آثار الدين : مفهوم سلبي بائس عن الخالق –عند من يقرون به!!- على طريقة أرسطو العقيم فلا شأن له –عندهم- في أي مجال عام.
أما أن يصبح مضمون هذا الشعار الفاجر ممارسة شبه يومية، لوسائل إعلام عربية، تبث وتنشر في مجتمعات يدين 90 % من أهلها بالإسلام، فأمرٌ يثير الدهشة، ويفترض الغوص بحثاً عما وراء هذا التحريض الوقح على فاحشة تأنف منها الفطرة السوية – وخاصة لدى العرب حتى في جاهليتهم فكلمة: عِرْض كلمة عربية محض ليس لها مقابل بالدلالة ذاتها في أي لغة أخرى!!-.
التطبيع مع الرذيلة
فقد ظهر بعض الإعلاميات على شاشات التليفزيون خلال الآونة الأخيرة، يدافعن عن “الزنى”، بالترويج له من خلال المصطلح الغربي : “السنجل مام” زاعمات أن ذلك من باب التحضر والحرية الشخصية.
والقصد جلي هو أن يألف الناس الفكرة بالرغم من الرفض القوي الذي يواجهها في البداية .. فذلكم ما راهن عليه التغريب دائماً: دعهم يرفعوا صوتهم في البداية لأنه سرعان ما يخرسون .. وتمضي الخطة الخبيثة بهدوء.
أحدث نماذج التمهيد لإشاعة الفاحشة في المجتمعات المسلمة، جاءت على يد دعاء صلاح المذيعة بقناة النهار المصرية الخاصة، التي ظهرت ، في برنامجها “دودي شو”، وهي في هيئة امرأة حامل، لتقول: “أنا حامل من غير جواز علشان عاوزه أبقى سنجل مام والغرب بيعملوا كده ولو عاوزاها بالجواز بس مش عايزه راجل يعكنن عليكي، تبقي تشتري راجل يعني تتفقي معاه تتجوزوا علشان تحملي وبعد كده كل واحد يروح لحاله”.
وبعد ارتفاع الاحتجاج الشعبي ادعت أنها كانت تمثِّل لتسليط الضوء على قضايا اجتماعية …. وكانت تفاهة العقوبة التي قررتها الهيئة الوطنية للإعلام في حق المذيعة تأكيداً لشكوك الناس.
وكانت استضافت المذيعة ريهام سعيد استضافت امرأة صفيقة مع عشيقها، ولم تجد الضيفة المجرمة أي غضاضة في الاعتراف بخيانتها لزوجها على الهواء وأنها حامل من شريكها الزاني. وهكذا أصبح الزناة ضيوفاً على برامج تلفزيونية يشاهدها ملايين البشر، بمن فيهم من فتيات قاصرات وأطفال !! والذريعة التي أخفت المذيعة جريمتها وراءها هي السعي إلى مصالحة الزوجة الزانية الخائنة مع والدها!!
العملاء يمهدون والغرب يؤيد
المفارقة أن هذه المسائل تختلف بين ما يجري من تطبيع مع الفاحشة في ديار إسلامية وبين نظائرها في الغرب، في نقطتين جوهريتين،أولاهما: انسجام هذه الانحرافات الخطيرة في الغرب اللا ديني مع طبيعة المجتمع ومفاهيمه .. والآخر أنها تقع في بلدان لا تحجر على الناس في السياسة ولا تفرض عليهم رؤية السلطة.
والأمران غائبان في المجتمعات التي يراد فرض الانحلال التغريبي عليها.
والغرب بنفاقه التاريخي يعي ذلك لكنه من دواعي سروره .. فالمهم عنده سلخ هذه الأمة عن دينها بأي ثمن..
ولعل كثيراً من القراء الأكارم لا يعلمون أن أول انقلاب عسكري صنعته المخابرات المركزية الأمريكية ( CIA ) في العالم العربي، كان انقلاب حسني الزعيم في سوريا سنة 1949 الذي حَكَمَ ستة أشهر فحسب، وكانت مهمته الكبرى فرض قانون “مدني” مترجَم عن الفرنسية، وفيه أنه يحق للمرأة أن تزني برضاها ما دام عمرها فوق الثامنة عشرة !! مع أن أكثر النساء السوريات في المدن في تلك المرحلة، كُنَّ يغطين وجوههن!
والذي لا يبصر من الغربال أعمى!
(المصدر: موقع المسلم)