التطبيع جسر الصفقات وبوابة الخراب
بقلم عزيز هناوي
بينما تودع الأمة العربية والإسلامية قرنا وتلج قرنا جديدا في عشريته الثانية.. فإنها تجد نفسها وكأنها تدخل من بوابة دوارة تعيدها للدخول من نفس بوابة القرن الآفل الذي انطلق على سمفونية التقسيم والتآمر وصناعة الكيان الصهيوني في خاصرة جسم الأمة في أرض فلسطين عبر تنزيل مقررات حملت عناوين مؤتمرات و مواثيق صهيو_إمبريالية بأسماء مختلفة لكنها متطابقة في المرجعية والهدف: بانيرمان ..و سايكس_بيكو.. و بلفور .. إلخ.
اليوم .. وكأن التاريخ يعيد نفسه.. تتم محاولة إخضاع الأمة لنفس السيناريو التخريبي بعناوين لا جديد فيها سوى أسماء مهندسيها و أدواتهم العميلة..
عناوين كثيرة تزدحم اليوم في مشهد المنطقة العربية الاسلامية لكنها تتخذ من فلسطين مجددا مركزا لها تماما مثل بدايات القرن الماضي.. عناوين تركزت أخيرا في عنوان “صفقة القرن” .. صفقة يقود ركبها رئيس أمريكا دونالد ترمب ورديفه نتنياهو ..على خطى آرثر بلفور و اللورد روتشيلد.. وبنفس الإخراج المسرحي على أنغام حالة من التشظي الطاحنة لمكونات ودول وشعوب الأمة بعنوان “الفوضى الخلاقة” .. وهو عنوان يعيد نفس المشاهد قبل مائة عام حيث تشتغل أدوات القص واللصق لخرائط و حدود و مقدرات الشعوب و ثرواتها و مصائرها خدمة لبقاء و ريادة الكيان الصهيوني بالمنطقة.
“صفقة القرن” كما يسميها سدنتها تأتي اليوم بعد سنوات و عقود عجاف من مسلسل ما سمي السلام .. لتحط الرحال في عنوان “التطبيع مقابل الكراسي” الذي يرفعه حكام عواصم “عربية” من سلالة أنظمة و عشائر سايكس بيكو.. بعد جولة مسرحية لما سمي مسلسل سلام على عناوين “الارض مقابل السلام” و “التطبيع مقابل السلام”..
اليوم على جسر التطبيع يتم ترويج موسيقى صفقة قرن أريد له أن يكون قرن خراب مجددا طالما أن زراعة ونشأة وبقاء كيان صهيون لا يمكن أن يكون إلا في حاضنة مخربة تمنع أي نهضة وحدوية لشعوب الأمة..
إنه التطبيع مع الهزيمة برعاية من حكامها وأنظمتها التي لم يعد لها من أسهم لتبيعها في قضية فلسطين مقابل بقاء كراسيها سوى سهم الخيانة المكشوفة بلا قناع.
يبقى أن هذه المنطقة العربية الإسلامية يحكمها قانون حضاري عابر للقرون.. إنه قانون “تنفس الصبح بعدما يعسعس الليل” .. فكلما بلغ الأمر الدرك الأسفل من العبث والخيانة والتآمر ..كلما انطلق مارد الأمة من قمقمه ليجرف في طريقه كل طحالب وشباك أجندات الاستعمار والتدخل الأجنبي ومعهما طحالب العمالة الخيانية ومنظوماتها..
فكلما انكشفت وجوه الخيانة التطبيعية .. كلما كانت ثمار المقاومة أقرب للنضج و اقترب وعد الحق .. و لاح موعد خلاص الأمة من براثن خُدام الصهيونية تحت شمس فجر تحرير “يرونه بعيدا ونراه قريبا”..
(المصدر: هوية بريس)