التصوف الذي نريد
بقلم أ. أنور الخضري (خاص بالمنتدى)
نحن مع التصوف الذي يزهد الإنسان في متع الدنيا وملذاتها، لا التصوف البطال الذي يظهر الزهد ويدير الملايين بعيدا عن أعين الناس ويتخذ من الأوقاف مصدرا لتكسبه وبناء ثرواته وحياته!
نحن مع التصوف الذي يتواضع صاحبه ويزهد في ثناء الناس والوجاهة عليهم، لا التصوف الذي يتخذ التواضع المصطنع إلى وجاهة تنحني لها الأعناق والظهور لتقبيل الأيادي والركب تذلالا وتبركا!
نحن مع التصوف الذي يبتعد عن أبواب السلاطين إنكارا لما هم فيه من فساد ومتع وشهوات، لا مع التصوف الذي يتجنب السياسة ويأتيها من الأبواب الخلفية ويصرف الناس عن السياسة ليأخذ الحكام راحتهم في الفساد والمتع والشهوات والظلم!
نحن مع التصوف الذي ينقي القلب والروح من التعلق بالخلق والتوجه للخالق، لكننا ضد التصوف الذي يغيب الخالق ويعلق الناس بالخلق تحت ذريعة التوسل والتبرك تحايلا وخداعا!
نحن مع التصوف الذي يذكر الناس بأصلهم الطيني ومبدأهم المشترك (كلكم لآدم وآدم من تراب)، لا التصوف الذي يفرز الناس بأنسابهم فيحيلهم إلى أشراف وسادة وحبايب وآخرين إلى رعية وأتباع!
نحن مع التصوف الذي يهذب الأخلاق والألفاظ والسلوك، لا مع التصوف الذي يدجن المجتمعات حد غياب الشخصية الحرة والمستقلة والمنطلقة فيستحيلون إلى مريدين بلا إرادة وأتباع بلا وعي!
نحن مع التصوف الذي يحيل الفقه إلى ضمير وتقوى وخشية، لا مع التصوف الذي يجعل الفقه تقليدا يكبل السالك ويضيق المسالك ويؤصل للبدع التي تخدم أجندات اجتماعية واقتصادية وسلطوية!
نحن مع التصوف الذي لا يصادم العقل ولا يناقض العلم ولا يخلق شخصية مزدوجة كالهندوس الذي يكون أحدهم في أعلى الرتب الأكاديمية والعلمية وهو يعتقد بألوهية الحيوانات ويتمسح ويتبرك بنجاساتها!
نحن مع التصوف الذي لا يكون مطية للتشيع ومركبا للحكام ومفتاحا للمحتلين وتابوتا يدفننا في الماضي ويعلق مستقبلنا بالأموات!.
…
ولو قارنا تصوف المتأخرين بتصوف المتقدمين لظهرت النقائض والمخالفات والتحولات فليس متصوفة اليوم كمتصوفة الأمس.
اقرأ أيضا: بحث للتحميل: (التصوف بين التوظيف السياسي والثابت التاريخي)