مقالاتمقالات مختارة

التراث كنز مشفر!!

بقلم الحسن شهبار

 

لا يشك عاقل في أن التراث كنز كبير تمتلكه الأمة، ولكن هذا الكنز لا يؤتي أكله ولا ينتفع به إلا إذا تعاملنا معه بمنهج منضبط، ورفضنا الانسياق وراء الدعوات المغرضة حوله… ولنعلم علم اليقين أن أزمة الأمة اليوم ليست أزمة فقه وتراث؛ بل هي أزمة معرفة وقراءة.. أزمة تقصير في الاطلاع على التراث واستيعابه.. أزمة إخلال بشروط النظر والاجتهاد في هذا الكنز العظيم..

صحيح أن كثيرا مما بسطه فقهاؤنا وأئمتنا وعلماؤنا رحمهم الله قد يساء فهمه وتوظيفه.. وفي هذه الحالة لا توجه الانتقادات والطعون للفقهاء ولا للتراث؛ بل يجب أن توجه لمن يسيء لهذا التراث.. ألا ترون أنه وجد ويوجد من يسيء فهم القرآن الكريم ويوظف نصوصه توظيفا خاطئاً.. فهل نطعن في القرآن ونطالب بتنقيحه وتصحيحه أم نضرب بيد من حديد كل من سولت له نفسه العبث بآياته وأحكامه؟!

إن ما نحتاجه اليوم وقبل اليوم وبعده هو إزالة الالتباس ورفع الإشكال في مجال التعامل مع التراث.. فتراث الأمة غني متكامل، والفقه الإسلامي لا يحتوي فقها واحداً جامدا.. بل هو فقه مرن يتناسب مع ظروف النازلة وأحوالها؛ ولذلك نجد في تراثنا فقه المدينة وفقه البادية، وفقه الحضر وفقه السفر، وفقه الممكن وفقه التمكين.. وهكذا.. ولكن المشكلة في المنهج الذي يجب تتبعه حتى لا نقع في الحيرة والاضطراب.. وحتى لا نسيء لتراثنا وأئمتنا.. والطريقة الصحيحة لتجنب هذه الإساءة هي الحجر على كل سفيه ومغفل من التكلم باسم الدين.. وأن لا يفتح باب الغوص في التراث واستخراج كنوزه وفك شفراته إلا للعلماء المتمكنين الصادقين..

وإني والله لأعجب لحال أشخاص أصبح كل همهم إسقاط تراث الأمة الإسلامية والطعن فيه بالباطل حتى يظهروا أمام أسيادهم أنهم متنورون ومتفتحون ومسايرون للواقع.. فتفتح أمامهم كل وسائل الإعلام.. ويقدمون للناس على أساس أنهم باحثون كبار ومفكرون عظام، وما هم في حقيقة الأمر إلا مهرجون يبحثون عن موطئ قدم لهم ويتحينون الفرصة لنيل نصيبهم من الكعكة.

 

 

(المصدر: هوية بريس)

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى