مقالاتمقالات المنتدى

التحرش المحرم!

التحرش المحرم!

بقلم أ. أنور بن قاسم الخضري (خاص بالمنتدى)

سأفرغ سهام كنانتي في الدفاع عن إخواننا الذين شرفوا أمتهم بالتصدي للكيان المحتل، وضحوا بأرواحهم وأنفسهم وأهليهم نصرة لله ولدينه ودفاعا عن مقدسات المسلمين وسعيا في تحرير فلسطين الأرض الإسلامية التي وصى الله تعالى بها أنبياءه.
هذا أقل جهد نقوم به في ظل عجزنا وتقصيرنا الذي لا منجى لنا من عواقبه إذا لم نقم بالذب عنهم.
سمعت مقطعا لأحد المنتسبين للدعوة والعلم يقول: إن المقاومين الفلسطينيين تحرشوا بالأعداء وهم في حالة ضعف. وأنهم لم يؤمروا بهذا شرعا. وأن الله تعالى يأمر عيسى -عليه السلام- ومن معه بعدم مواجهة يأجوج ومأجوج كونه لا يقدر على مواجهتهم. وأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان يرى أصحابه -رضي الله عنهم- يقتلون في مكة ولا يدافع عنهم ولا يأمر أصحابه بالقتال. (انتهى كلامه).
أولا: هذا الدعي وأمثاله لن يحدثوك عن فلسطين وأنها أرض إسلامية يحتلها اليهود منذ عام ١٩٤٨م بخيانات عربية، وأن تحريرها واجب شرعا على أهلها فإن عجزوا فعلى من يليهم، فإن عجزوا فعلى من يليهم، حتى يكون واجبا على الأمة جميعا. وهذا الدعي لن يحدثك عن أن الأنظمة العربية لم تقم بواجبها في نصرة الفلسطينيين ولم تقم بواجباتها حين عجز الفلسطينيون عن تحرير فلسطين، بل تخلت عن فلسطين ونجحت في الدخول بحروب بينية أو ضد شعوبها، كما فعل القذافي والأسد وغيرهم. وهذا الدعي لن يحدثك عن حرمة التطبيع مع العدو المحتل وشرعنة دولته واحتلاله ومده بالمال والسلاح والمعلومات وفتح البلدان الإسلامية أمامه وهو عدو محارب، ليفتح سفاراته ويقيم مشاريعه الاستثمارية ويبعث السواح ويفتتح المعابد. وهذا الدعي لن يحدثك عما قامت به بعض الأنظمة العربية من فتن لتدمير الشعوب العربية وبعث السلاح للمجرمين فيها كما في اليمن وليبيا والسودان. وهذا الدعي لن يحدثك عن دور الأنظمة العربية في غلق المعابر وردم الأنفاق وفرض الحصار على المقاومين الفلسطينيين ليظلوا ضعفاء أمام عدوهم. هذا الدعي الخبيث لا يملك الجرأة أن يقول الحقيقة كاملة لكنه يتحدث بما يملي عليه ولي نعمته أو مالك زمام عبوديته.
ثانيا: الفلسطينيون يقومون بما وجب عليهم من الدفاع عن أنفسهم ضد ممارسات الاحتلال التي يعتدي بموجبها على ممتلكاتهم ومصالحهم ووجودهم بحيث بات ينتزع منهم أراضيهم الزراعية وبيوتهم ومصانعهم ومتاجرهم لصالح المستوطنين، فقتال الفلسطينيين دفعا عن حقوقهم مشروع دون إذن، بل إن الشريعة رسخت في وعي المؤمنين أن من مات دون ماله فهو شهيد، وأن من مات دون عرضه فهو شهيد، كي لا يستطال عليه بغير حق وينظر للمؤمنين كائنات سهلة الاستباحة والإذلال. والشهادة كما هو معلوم أعلى منازل الوفاة. بل أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من سأله عن من أراد أن يأخذ عليه ماله وقاتله على ذلك أن يقاتله، هذا حتى وإن كان مسلما، فكيف وهو كافر محتل.
ثالثا: اتهام الفلسطينيين بأنهم المتحرشين بالعدو المحتل هو تشويه لنضالهم وكفاحهم لأجل وجودهم وكرامتهم وحريتهم وحقوقهم ومصالحهم، وهو من تسمية الأمور بغير اسمها تزهيدا للناس فيها، وقلبا للحقائق، وهو ما يقوم به المنافقون في كل زمان ومكان عبر التاريخ.
رابعا: إن ما استشهد به الدعي من مواطن لا تتناسب ومحل التنزيل، بل في بعضها رد على المتكلم ذاته. فرسول الله لم يأمر أصحابه بالقتال في مكة حين كانوا قلة مستضعفين، لكنه قاتل بهم في بدر وكانوا قلة وبهم قوة، بعد أن أخذوا عدتهم، وكان استئصالهم محتملا، حتى أن رسول الله دعا ربه: (اللهم إن تهلك هذه العصبة لا تعبد في الأرض)!
وأما أمر الله لعيسى ومن معه بعدم مواجهة يأجوج ومأجوج فهو وحي، ولولا هذا الوحي لكان التكليف باق على عيسى ومن معه، حتى أن هذا لا يكون إلا بعد الملاحم التي يفنى فيها عدد كبير من المسلمين حتى يتعاد بنو الأب كانوا مائة فلا يجدونه بقي منهم إلا الرجل الواحد، فلا يقسم ميراث ولا يفرح بغنيمة. فلو كان فناء الناس معتبر لكانت الملاحم أولى.
ولو شاء لاستشهد بأمر الله موسى -عليه السلام- ومن معه بالخروج من مصر وعدم قتال فرعون وجنوده. ولو استشهد لكان ذلك خارج محل النزاع، فإن بنو إسرائيل كانوا دخلاء على مصر نسبا ودينا وموطنا فلو أحدثوا قتالا على أهل مصر بعد استضافتهم لقرون يعيشون بينهم بأمن وسلام ويتقاسمون معهم المساكن والمعاش لكان ذلك مسبة للدين الذي آمنوا به، لهذا الاعتبار نهى رسول الله أمته أن يقاتلوا الحبش لأن الحبشة كانت مهاجر أصحابه حيث استضيفوا فيها ووجدوا فيها الأمان والترحيب والعيش الكريم. فإن التاريخ يحرف والسرديات يكتبها الأعداء فيزيدوا فيها وينقصوا ويغيروا. فلو حصد فرعون وجنوده بني إسرائيل لحرف تاريخهم ولصورهم شرذمة مفسدة استحلت دماء المصريين وكفرت نعمهم فجرى حصادهم.
ختاما…
أمثال هؤلاء الأدعياء الذين لا يفتؤون بالطعن بكل وسيلة في جهاادد ومقااوومة الفلسطينيين ليسوا إلا أبواق أنظمة خائنة عميلة تريد استكمال مؤامر الأعداء على ما تبقى في الأمة من إباء وشجاعة، لخلق شعوب مخصية ذليلة لا رجولة فيها ولا بطولة. فإياكم وتصديقهم وإذا رأيتموهم حثوا في وجوههم النعال.
والله غالب وأولياءه منصورون لا ريب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى