التجديد فهم الكتاب والسنة وإعادته بمفاهيم روح العصر
الريسوني: نحارب أي دعوة تجديدية خارج منظومتنا وإرادتنا الإسلامية
الشمّري: التجديد ليس أمراً منكرا كما يعترض عليه بعض المعترضين، الذين يريدون أن ينحوا شريعة الله عن الحياة.
الندوي: العالم يُعرف من انطلاقاته العلمية والفكرية داخل الكتاب والسنة وجمع كلمة الأمة
قسوم: التجديد يواجه تحدياً كبيراً من المتطفلين عليه الذين يفتون بدون علم
الخادمي: يجب أن يكون مشروع التجديد من الداخل الإسلامي بعيداً عن التدخلات الخارجية
ضمن جلسات البرنامج الرمضاني(وآمنهم من خوف) الذي يشارك فيه نخبة من علماء الاتحاد، فقد انطلق مساء الجمعة5رمضان 1440ه، أولى المحاور بعنوان “تجديد الخطاب الديني شروطه، متطلباته، مجالاته”، وشارك في تأطيره فضيلة الشيخ الدكتور أحمد الريسوني رئيس الاتحاد، وفضيلة الشيخ الدكتور ثقيل الشمري نائب رئيس محكمة التمييز ورئيس اللجنة الشرعية بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بدولة قطر، وفضيلة الشيخ يوسف الحسيني الندوي عضو الاتحاد والمفكر والداعية الإسلامي بدولة الهند، وفضيلة الشيخ الدكتور عبدالرزاق قسوم عضو مجلس الأمناء ورئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، وفضيلة الشيخ الدكتور نورالدين الخادمي عضو مجلس الأمناء ووزير الشؤون الدينية سابقاً بدولة تونس، كما شارك فضيلة الشيخ الدكتور نجاد غاربوس، وفضيلة الشيخ الدكتور عبدالعزيز ميغا، وفضيلة الشيخ الدكتور إحسان قهوجي.
وجاء موضوع تجديد الخطاب الديني في وقتٍ عرفت فيه بعض مجتمعات العالم الإسلامي خلال العشرية الأخيرة حراك شعبي تعددت أسبابه واختلفت وسائله وتوحدت شعاراته وهي تشمل العدالة والحرية والكرامة الاجتماعية.
وانخرطت كثير من المرجعيات والمؤسسات الدينية في العالم الإسلامي في سياقات تدافُعٍ لتوسيع خرائط نفوذها المذهبي، وسياقات صراع مفاهيمي نشأت عنه أحلاف وكيانات دينية. مع تباين تلك التجارب واختلاف مناهجها وبواعثها تكشف(من بعض الوجوه) عن صراع مُحتدم بين المؤسسات الدينية حول المرجعية، وتُبرز الخلل الحاصل في تمثل ثُنائية الدين والسياسة، والإخفاق الواقع في تصور تجديدٍ فعلي وفعال للخطاب الديني، تجديد يعتبرُ المُجدِدَ والمُجَدّدَ لَهُ والمُجَدَّد.
فضيلة الشيخ الدكتور أحمد الريسوني أفصح أن فكرة التجديد ليست دخيلة أو وافدة، مؤكداً أن العلماء ظلوا يتحدثون عنها منذ عصور مضت، وأن التجديد مفخرة وتاج يوضعُ على رؤوس العلماء والمُصلحين.
وحدّد الريسوني شروطاً للمُجدِد “يجب أن يكون عالماً يُميز بين الثابت والمتغير في الدين وتراثنا الإسلامي (أي ما يقبل التغير ومالا يقبله). ويجب أن يكون واعياً ومتبصراً بالدين وما يقبلُ منه التجديد والمواكبة (كالنوازل وقضايا العصر)- وما هو ثابت كالمعتقدات والأحكام التعبدية والعبادات والمقاصد العامة للشريعة والأخلاق الأساسية. ويجب أن يكون على علم بالزمان ومتطلباته ومستجداته ومتغيراته وتحدياته ونظرياته واشكالاته.
وأكد الريسوني أن التجديد لا يكون بإيحاء أو بضغوط، وإنما بتروي وموضوعية ونزاهة واستقلالية فكرية، وشدّد في قوله ” نحارب أي دعوة تجديدية خارج ديننا ومنظومتنا وإراداتنا الإسلامية”.
أما فضيلة الشيخ الدكتور ثقيل الشمّري عرف حدِ التجديد شرعاً وقال “أن التجديد له أصل من حيث المعنى ومن حيث المطلب الشرعي مستدلاً بحديث النبي صلى الله عليه وسلم (إن الله يبعث على رأس كل مئة عام من يجدد لهذه الأمة دينها) الحديث.
وأضاف الشمّري “إن تجديد الخطاب الديني هو إعادة الأمة الى كتاب الله وسنة نبيه وما كان عليه سلف الأمة، مُهاجماً بعض الذين يسمون أنفسهم المجددون (حسب تعبير الشيخ) المدعومين من أعداء الأمة -الليبراليون والعلمانيون- بأنهم يريدون أن يجددوا في الخطاب الديني عن طريق تحريفِ آية وإنكاِر حديث وتعطيل حكم وغيره. مؤكداً أن التجديد ليس أمراً منكرا كما يعترض عليه بعض المعترضين، والذين يريدون أن ينحوا شريعة الله عن الحياة.
وقد تحدث فضيلة الشيخ يوسف الحسيني الندوي عن ” العالم المُجَدِد وصفاته”، والتي من بينها دارس العلوم الشرعية، ويحظى بالتزكية بإجماع العلماء، والرسوخ في العلم، والصلاح والتُقى.
ويضيف الندوي أن المُجدِد يُعرف من انطلاقاته العلمية والفكرية بالكتاب والسنة، وسعيه إلى إصلاح الأمة وجمعها على كلمة سواء، بالإضافة إلى مشاركته العلمية بعيدا عن دخوله في القطعيات والمُسلّمات والأصول الثابتة للدين.
وقد أفضى الشيخ الدكتور عبد الرزاق قسوم في حديثه عن الخصائص التي يتميز بها التجديد في الخطاب الإسلامي للأمة وهي: “الأداء – والمنهج – والمقاصد”. ورأى القسوم أن التطفل والتطاول من الذين لا يملكون التبحّر في العلوم والثقافة الإسلامية والفقه الإسلامي هو أحد التحديات التي يواجه مشروع التجديد والخطاب الإسلامي.
وأكد القسوم أن التجديد لا يعني التبديل وانما السداد والتسديد، وأن المُجدِدَ الحقيقي الذي يقف عند حدود الله ولكنه يتطلع في قضايا المجتمع وقضايا الانسان والإنسانية ليعمل على تغير المشاكل السلبية بعلم ومنهجية وبمقصد نبيل.
فضيلة الشيخ الدكتور نورالدين الخادمي تحدث عن “تجديد الخطاب الديني .. وقضية تجديد المعارف الإسلامية”، حيث بيّن الخادمي أن مسألة التجديد وتعلقها بالجانب السياسي تكمنُ من خلال سياقين هما: سياقات وطنية وهي ما تُعرفُ بالثورات في بعض البلدان والإصلاحات في بعض البلدان الأخرى أملت على المُجدِدِين الخوض في مسائل تتعلق بمفردات التنمية والهُوية والسياسة والديمقراطية والمشاركة بناءاً على المرجعية الإسلامية في اطار ارتباطها بمرجعيات أخرى (كالمرجعية الدستورية والمرجعية والدولية)، والسياق الثاني(العالمي) يتعلق ببعض القضايا والتي منها الوجود الإسلامي في الغرب، والتيارات الأخرى التي تدعوا إلى التجديد خارج إطار المعرفة الإسلامية وخارج إطار الداخل الإسلامي وخارج إطار مقتضيات التجديد(منهج، ونظر، وعلم، وفقه، وسياق، وتاريخ، ونحوها).
مؤكداً أن التجديد يتأسس على معرفة صحيحة ومنهج معتبر وضروريات معرفية وبينية وتكاملية وسياقية ودستورية وقانونية حتى يكون التجديد نابع من الداخل الإسلامي.
وعلّق فضيلته أن تجديد العلوم الشرعية إنتاج إسلامي مستلهم ومستخلص من الوحيين الكريمين، معللاً أن القرآن الكريم يتجدد في فهمه وموضوعه وتفعيله في المجتمع ونفضه من التحريف، وكذا العلوم السُنية، كل ذلك في إطار المعرفة الإسلامية.
وذكر الخادمي خصائص تدعم مشروع التجديد في الخطاب الديني من حيث الضوابط والعلوم والأصول والنصوص والمُحكمات والثوابت والمتغير، ومناقشة كل ذلك عن طريق الموضوعية وبأسلوب علمي وباتفاق الداخل الإسلامي بعيدا عن التحريف والتبديل، كما ذكر أيضاً الوسائل منها “البرامج الإعلامية والتوعوية والجامعات ومنابر الخطاب الديني والفتاوى والهيئات العُلمائية.
للتذكير أن جلسات البرنامج الرمضاني مستمرة حتى العاشر من رمضان، وسيكون محور يوم السبت 6رمضان 1440ه، “الهجمة على السنة النبوية، ماذا بعد انتقاد صحيح البخاري؟”، وسيتم بثه عند تمام العاشرة مساءا على قناة الجزيرة مباشر، كما يمكن لمتابعينا الكرام مشاهدة الجلسة عبر صفحتنا في الفيس بوك.
(المصدر: الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين)